يقول أحدهم:"من حقي اقتطاع جزء من راتب زوجتي لنفسي، تعويضاً عن غيابها عن المنزل لساعات". وتقول موظفة:"لا يحق لزوجي أن يأخذ فلساً واحداً من راتبي، إلا عن طيب نفس مني، وإن فعل اعتبر عمله اغتصاباً لمالي، لأنه المكلّف بالقوامة، فإن أنا شاركته النفقة، لا قوامة له". كثيراتٌ هنّ من يشتكين جَور أزواجهن. لكن صوت العاملات منهن كان الأعلى بين البقية، وقد يعود ذلك لمقاساتهن أكثر من مثيلاتهن من غير العاملات، وسببٌ آخر يطرح نفسه، يقول إن توافر المادة بين أيديهن يجعلهن أكثر شجاعة لمواجهة ظلم أزواجهن، لقدرتهن على إعالة أنفسهن وأولادهن. وترى بعضهن أن تميز الرجل بقيادة الأسرة يرتبط ب"قوامته"الفعلية، معتبرات أن غياب قدرته على"القوامة"بعنصرها المادي يبدد حقه في قيادة الأسرة. وتسرد سوسن الركف 30 عاماً قصة تأخر زواجها، تقول:"كلما تقدم رجل لخطبتي، أنكر أنني موظفة وأخفي عليه الأمر، حتى أعلم نيته في ما يتعلق بالراتب الشهري الذي أتقاضاه". وتضيف:"بقيت على الوضع نفسه إلى أن يئست واعترفت براتبي لزوجي الحالي، وبالفعل ما خفت منه حصل، إذ بدأ يطالبني بسداد فواتير الهاتف والكهرباء ومصاريف أخرى، مبرراً أن من حقه الاستفادة من الراتب في مقابل تغيبي عن البيت، على رغم استطاعته المادية". وتتابع:"من هنا بدأت المشكلات الأسرية تزدحم يوماً بعد يوم"، متسائلة:"كيف لي أن أستوعب ازدواجية"سي السيد"وأنا لا أشعر بقوامته المطلقة؟". أما أم عبدالله فتقول والحسرة واضحة على وجهها ولفظها:"يجب ألا تثق الزوجة بزوجها كثيراً، وتهب كل تعبها وراتبها له، فطليقي وزوجي السابق كان يعاملني معاملة جيدة، ما جعلني لا أتوقف أمام الأمور المادية أبداً، فأنا أشارك بطيبة نفس وخاطر، إلى أن أتى اليوم الموعود، وقررنا شراء منزل جديد، فأعطيت زوجي جميع ما أحتفظ به من مال، وشاركته بالحلم الذي طالما حلمنا بتحقيقه سوياً". وتضيف:"اشترى زوجي المنزل وسجله باسمه، ولم أعترض، لكنني صعقت عندما تزوج وأسكن زوجته الثانية في المنزل الجديد، ومن يومها والصدمة ما زالت تحيط بي، وحبوب مهدئة تلازمني، لعلي أنسى جحود زوجي". وتؤكد خلود محمد أن المرأة العاملة المتزوجة تتحمل أعباءً كثيرة تفوق تحمّل الرجل:"فنحن نعمل لساعات طويلة نهاراً، لنكمل مشوار التعب بعد عودتنا للمنزل بمصاحبة"تذمر"الزوج، وفي النهاية نحن محاسبات على كل تقصير". وعلى الجهة الأخرى، يرى عبدالرحمن الشهراني أن مطالبته لزوجته المدرسة بمشاركته في مصاريف البيت حق من حقوقه، لتغيبها عن البيت لساعات طويلة، ما يؤثر سليباً فيه وفي الأبناء، بسبب تقصيرها بمهماتها الزوجية، ما أجبره على الاستعانة بمربية لرعاية الأطفال، مضيفاً"إن لم أستفد من غياب زوجتي عن البيت، فما الفائدة من تحملي لغيابها عن البيت لساعات؟". ولكن محمد الموظف في أحد البنوك، يجد أن الزوج الذي يريد كسب هيبته وقوامته وطاعة زوجته له، يجب أن يكون قادراً على تحمل المصاريف وحده، كما يجب عليه أن يقتطع شهرياً من راتبه نفقة للزوجة، بغض النظر عن قيمه المبلغ وعن مدى حاجتها إليه. من جهته، أكد الأستاذ المساعد في جامعة الملك خالد العسكرية الدكتور خالد السبيت، أن الكثير من الرجال يجهلون معنى القوامة الحقيقي، فهم يظنونها امتيازاً، بينما هي فعلياً تكليف يجب عليهم أداؤه والقيام به على أكمل وجه، وكذلك جهلهم بأن فضل الزوج على المرأة بنفقته وسعيه عليها. وأشار إلى ما استنبطه بعض أهل العلم، أنه متى ما عجز عن نفقتها لم يكن قواماً عليها لتخليه عن واجباته المكلف بها، وليس من حقه إطلاقاً إلزام الزوجة بالمشاركة في نفقات المنزل لمجرد أنها غنية أو أنها تعمل. وأضاف أن أهل العلم أكدوا أنه ليس للزوج حق في مال الزوجة، وفي حال لم يكن قواماً عليها كان لها حق فسخ العقد.