الكتاب الذي أصدره الدكتور محمد عبده يماني أخيراً، بعنوان:"المسلمون السود في أميركا: القصة الكاملة"، يعد عملاً منهجياً موثقاً، تناول فيه تجربته مع المسلمين ذوي الأصول الأفريقية في أميركا، أو ممن يعرفون بالأفروأميركانز""The Afro-Americans وضمنه دراسة وإحصاءات محققة المراجع والمصادر. يروي يماني في مقدمة الكتاب كيف أنه تتبع جذور"الأفروأميركانز"وأصولهم، وصور جوانب من الحياة القاسية التي كانوا يعيشونها، والظلم الذي لاقوه من كل جانب من جوانب الحياة، من احتقار وتفرقة عنصرية وظلم واضطهاد وممارسات لا إنسانية، من دون ذنب اقترفوه سوى أن لون بشرتهم أسود. يتناول الكتاب حركة الحقوق المدنية للسود الأميركان، التي مرت بثلاث مراحل: أولاها استمرت ثلاثة قرون من 1530-1863 وانتهت بالقرار التاريخي الذي أصدره الرئيس الأميركي أبراهام لنكولن بتحرير الرقيق، ثم حقبة التمييز العنصري المقنن 1863-1964 والتي انتهت بإقرار قانون الحقوق المدنية لعام 1964، ثم حقبة التمييز العنصري غير الشرعي 1964 وحتى الآن. فيما خصص يماني فصول الباب الثاني من الكتاب، للحديث عن الحركات المناهضة للرق في الولاياتالمتحدة، ولمحة تاريخية عن معاناة الأميركان السود عبر الحقب والعصور، ليتطرق إلى قوانين تحرير الرقيق، وانتقالهم من نار العبودية إلى نفق التفرقة العنصرية، متحدثاً عن رجال صنعوا التاريخ في الفترة الزمنية من 1750-1860، كما تعرض للحركات المناهضة للفصل العنصري خلال القرن التاسع عشر. أما الحركات المنظمة للأفروأميركانز فأفرد لها الباب الثالث من الكتاب، ليقدم في البدء لمحة عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لهم خلال العقدين الأولين من القرن العشرين، وأيضاً حركة الحقوق المدنية، متوقفاً عند ماركوس قارفي 1887-1940 شاعر الأمة متنبي جامايكا، وعرّج على فكرة قيام المنظمة العالمية لتقدم الزنوج، وحركة"المور"الاجتماعية، وطقوسهم الدينية، وعباداتهم وتنظيمهم. وينهي الباب الثالث بالحديث عن وفاة الداعية"نوبل دور علي". يفتح الكتاب الحديث عن حركة"أمة الإسلام"، إذ قدم لمحة عن الأوضاع قبل بداية الحركة، متناولاً قصة كفاح الداعية فارد الغريب وبداية دعوته، ورحيله واختفائه. لينتقل بعد ذلك، إلى الحديث عن إليجا محمد 1897-1975 وأعماله وإنجازاته ومعتقداته الدينية كما صاغها وروج لها. يتناول الكتاب أيضاً قصة حياة مالكولم إكس 1925-1965 وطفولته ورحلة بحثه عن الحقيقة، مفصلاً إسهاماته في تطوير الحركة ونموها، إلى أن يصل الى مرحلة الشهرة عندما ظهر منافساً لإليجا محمد. كما تطرق إلى علاقته بأسطورة الملاكمة العالمي محمد علي كلاي. موضحاً ميلاده ونشأته، وتغيير اسمه من كاسيوس كلاي إلى محمد علي كلاي، وقصة إسلامه، ورفض محمد علي كلاي التجنيد. فيما ركز الباب السادس على الإمام وارث الدين محمد، خصوصاً أنه يمثل فجراً جديداً للإسلام في أميركا، منوهاً بأعماله الإصلاحية في مجال العقيدة والمفاهيم. وعن مسيرة المليون رجل أسود قدّم الكتاب قراءة أولية حول المسيرة المليونية والظاهرة الفراخانية، ليختتم الفصل بتخلي فراخان عن الأفكار العنصرية، وعودته إلى الدين الحنيف. وخصص الباب الثامن حول"الأفروأميركانز"وكيفية اجتذاب الملايين إلى الإسلام، ليتوقف عند كلارنس بودينق، وحركة ال 5 في المئة ومقرها الرئيسي وتعاليمها الدينية والمبادئ الأساسية لها. أفرد يماني جزءاً للحديث عن الدكتور مارتن لوثر كنج 1929-1968، ونضاله مع السيدة روزا باركس، وتناول حركات الجماعات الأخرى العاملة في الساحة والتي تحاول اختراق الأفروأميركانز. كما ذكر الباب التاسع التحديات والأخطار الحالية والمستقبلية للأفروأميركانز المسلمين، مثل الهوية والانتماء والوطن والهوية الثقافية، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتقنية.