ما أعظم شأنك أيها الحب! لكني لم أعد أحب. خلا القلب. صحيح أن الدنيا بلا حب فارغة من دون وردة ومن دون شوكة وانطفاء وانكفاء ولون رمادي ينبسط على الزمان. صحيح كل ذلك وأكثر إنما السيطرة شعور مريح، وألا أكون أسيرة أحد شعور أجمل. ولأن رجال الزمان هذا تفه، سخف، لا يستأهلون الحب، قررت مثل كل الفتيات والنساء اللواتي أعرف من سن المراهقة إلى سن اليأس، مثلهن قررت ألا أحب، وألا أضيّع بعد اليوم شعوراً واحداً من مشاعري الرائعة، من رعشة في صوتي أو أناملي، مكان قلقي، من شوقي، من بسمتي من دمعتي، لا لن أضيع ولن أضيع. حلو، حلو ألا أحب، وأن أحسبها مثلما يحسبها الرجل، يعطيني فأرد له العطاء بمثل ما أعطيت، لا أكثر ولا أقل. قد يقول قائل منكم إن حال النساء في هذا الزمن هو مثل حال الرجال، نساء لا تحب. إذاً هذا يعزز من قراري، فأنا لم أعد أذكر آخر مرة ربت أحدكم على كتفي، ولا آخر مرة مسح لي دمعة على خدي، ولا آخر مرة نظرت إلى أحدكم ففهم نظرتي. إنه عصر التكنولوجيا والتطور العلمي السريع والمذهل، وانه عصر المادة بامتياز، إنها الفلسفة المادية التي نعيشها بأيديلوجياتها المتضاربة ذات الوجوه المتعددة، إنها السياسة العالمية والسياسة الاقتصادية والسياسة الترفيهية والسياسة الرياضية، إنها الجوال والستار أكاديمي وكل ما يلهي الإنسان عمن سواه. فقدت مثلكم الكثير من رومانسيتي ومن وعي بشريتي وحسي الإنساني، وانطوت تلك الصفحات الشاعرية وسقطت من حياتي كما تسقط أوراق الخريف من شجرة ولا تعود ثانية إليها. توقفت الأحلام، ففلسفة الحاضر واللحظة التي تعيشونها سكنتني أيضاً، مثلكم صرت أظن أن الحاضر واقع وحقيقة وهذا ما يجب أن أحيا من أجله وله، فضاع الحلم. لكن هل تبقى الحياة جميلة من دون أحلام وآمال وتطلعات؟ ما الذي يخلق الحلم سوى الحب؟ وأنا أريد حلمي، فمن يعيد الأحلام إليّ؟ من ينعش الروح أو يوقظ بعضاً من الروح حتى أعود إلى سابق عهدي وأحب؟ لأنني عندما أحببت كانت عيناي أكبر وابتسامتي أوسع وشعري أغزر. كان صوت الموسيقى بريق يضيء المكان، فهل ألوم"بوس الواوا"أم ألوم سمعي؟ كانت النجوم في السماء تتلألأ، وكان القمر يتكلم، وكانت الغيوم تناجيني، فهل ألوم بريزدنت بوش أو صدام حسين أو أسامة بن لادن أو ألوم نظري؟ كانت الساعات في الحب تمضي سريعة واليوم لا معنى لدوران عقارب الساعة، فهل ألوم"سواتش أو كارتييه أو كاسيو"أم ألوم معصمي؟ كانت الدهشة تمتلكني والإعجاب يأسرني وروح المفاجأة والمشاركة تفرحني. حين تمطر كنت أقول إن المطر ينقر نوافذ من أحب مثل عصافير مبللة، وحين تصحو أقول إنه يستمتع بصحو السماء، فمن ألوم إذا كان الاحتباس الحراري حديث الساعة؟ ألوم خبراء البيئة أو ألوم إحساسي؟ تغيرت الدنيا إذاً، إلا وقت الذكرى والذكريات ولم أعد أذكر شيئاً، لا العينين ولا الكفين ولا ذلك الصباح العذب حين أحببت ولا آخر لقاء ولا ما جرى بينهما من أحاديث، فالمحادثات والمشاورات والتشاورات الإقليمية والعالمية طغت على أخباره وأخباري وأخبار الحب، وأسعار النفط والذهب والفضة طغت على ذكرياته وذكرياتي، ولم أعد أحبه بقدر ما هو عاد يقدر على حبي وحب غيري. لقد سقطنا جميعاً في مستنقع الماديات، فمن يعيدنا إليّ بحيرة المشاعر الرقيقة والنسائم اللطيفة؟ من يعيد إلينا حبنا أو أخبار الحب أو حتى خبرية حب لا قناة إخبارية؟ خلف الزاوية يا أحلى ربيع مرّ وكان طريقاً دون مشاوير غيرت زماني ومكاني ففرحت بهذا التغيير ونثرت الورد هنا وهناك كالدوحة من حول غدير عبق في كتبي بثيابي... عطره آخره بخيالي wafooa@yahoo.com