صديق لبناني أشاد بمبادرة الملك عبدالله تجاه الطلاب اللبنانيين التي جاءت في وقت صعب. والسعودية التي لم تنسَ لبنان يوماً قابلت إساءات بعضهم وانتقاداتهم، وحتى تجريحاتهم، بهبة عظيمة لمصلحة طلاب المدارس الرسمية، كمثال يصلح للمقارنة بين دول عربية وأخرى غير عربية تدّعي الاهتمام بمصالح الشعب اللبناني، فالسعودية كانت سنداً في حرب إسرائيل على لبنان عندما قدمت هبة ببليون ونصف البليون لإعمار لبنان، ومع اللبنانيين والفلسطينيين في نهر البارد بلا تمييز في الطائفة أو العرق. سمعت كلام الصديق، فصدّقته. لكني عجزت عن تجاهل ما يكتب في صحف لبنانية، من اتهام للمملكة بالتفريق والتآمر، وشق صف الوحدة اللبناني، حتى إن إحدى تلك الصحف قالت يوماً إن أعمال الخير السعودية تنوعت بين بناء محطات كهربائية وهبات مالية للمهجرين من المخيمات، ودفع رسوم دراسية، ووصلت حتى شراء كلاشينكوف للفرقاء اللبنانيين وتحرير شيكات بالملايين لشراء ذمم نواب لانتخاب رئيس لبنان المقبل. أسفت كثيراً لما يُكتب عنا في لبنان، وتأملت تلك المواقف لبلادنا، وأنا أتابع تلك الأقلام الحاقدة التي تهاجم الدور السعودي المؤثر لمصلحة لبنان وشعبه، فوجدت مواقفنا أكثر نبلاً وسمواً، وهي تقابل الإساءة بمبادرة خيرة أخرى في كل مرة. والصديق اللبناني يقول إنه شاهدٌ على مهاجمين للسعودية أدمنوا الإساءة إليها، يقفون على أبواب حكومة السنيورة يطالبون بحصص من هبة المملكة لأبناء مخيم نهر البارد والمقدرة ب"مليوني"ليرة لكل عائلة فوجدوها قد سبقتهم إلى تلك العائلات. من الصعب أن يتصور اللبنانيون أن تلك المساعدات والهبات المالية ينظر إليها المواطن السعودي بعين التقدير لمواقف بلاده وحنكة قيادتها، لكنه لا يرضى أن تقابل الحسنة بالإساءة. ولو تسنى لكثير من مواطنينا الاطلاع على بعض ما يكتب في لبنان عن بلادنا لتشكل فريق معارض هنا للبنان يتمنى الاحتفاظ بالبلايين لإكمال البنى التحتية واستكمال مشاريع التوسع في التعليم العالي. من الصعب على كثير من السعوديين تقبُّل الإساءات بعد مبادرة كريمة من خادم الحرمين تكفلت بتغطية رسوم التسجيل لجميع الطلاب اللبنانيين في المدارس الرسمية للعام الدراسي الحالي، ليستفيد نحو من 350 ألف طالب من هذه الهبة التي تقدر بنحو 20 مليون دولار أميركي، في الوقت الذي تشحذ فيه الهمم في بلادنا لاستبدال مبانٍ مستأجرة تستخدم هنا كمدارس تشكل في الواقع نصف المباني المدرسية، وتلك النفوس الشهمة التي تشاطر قيادتنا المروءة ذاتها قد لا تملك من الصبر والحلم بالقدر نفسه، خصوصاً أن الناس تشكو من ارتفاع الأقساط الدراسية في المدارس الأهلية، وبعض مواطنينا ممن الحق أبناءه بالدراسة في الخارج قد يشعر بالغصة. أقول هذا الكلام وأنا أعرف أن نيات المملكة الطيبة ستستمر، على رغم كل هذا. وأعرف أنها لم تطلب من لبنان مقابلاً سوى الازدهار والسلام لشعب نحبه ونحترمه ونتمنى له الخير. [email protected]