لست كاتباً رياضياً، ولا حتى متابعاً للحركة الرياضية، فقد اعتزلت التشجيع الرياضي منذ أن دخل نادي النصر المنطقة المظلمة في الدوري السعودي، وبالتالي لم أعد قادراً ? كما كنت قبلاً ? على الإلمام بتفاصيل الواقع الرياضي المحلي بصورة جيدة، لكني اليوم سأتجرأ وأكتب عن حال كنت في يوم من الأيام عليماً بها، سأكتب عنها من زاوية أخرى غير مضاءة، فليساعدني الرب ولترض عني العين القارئة، وليعتبرني المسؤولون الرياضيون في بلادي مخلصاً أنشد البناء لا الهدم. قبل يومين جاءتني على تليفوني النقال"نكتتان رياضيتان"، الأولى تقول"إن أحد الهلاليين دخل محلاً لبيع أدوات البناء يملكه رجل من مشجعي نادي الاتحاد، فقال له: هل أجد عندك كالون؟ فرد صاحب المحل: يا أخي ليس لي علاقة بهذا الأمر، أنا رجل"أسعى على بزورة". وتقول الثانية"إن أسعار انتقال اللاعبين السعوديين بعد غياب منصور البلوي هي كالآتي: ياسر القحطاني مليون ريال، وسيارة كورولا، ومحمد الشلهوب، 100 ألف وتلفزيون 42 بوصة، وأحمد الصويلح عشرة آلاف ريال، وعشر بطاقات لإعادة شحن الهاتف النقال"! ويبدو أن النكتة الأولى من تأليف مشجع هلالي، بينما يظهر أن النكتة الثانية اتحادية الولادة والمنشأ، وعلينا الانتظار خلال الأيام القليلة المقبلة لنسمع المزيد من النكات المتعلقة باستقالة أو إقالة منصور البلوي رئيس نادي الاتحاد السعودي السابق، ففي هذا السياق يؤكد علماء الاجتماع أن النكات لا تروج لأمر ما، إلاّ عندما يكون هذا الأمر ملأ دنيا المجتمع وشغل الناس، وهو بالفعل كذلك، فالإغواء"الوهمي"للاعب السيراليوني كالون، كان وما زال هو حديث المجتمع السعودي بأطيافه كافة خلال الأيام القليلة الماضية. ردود الأفعال لاستقالة منصور البلوي كانت كثيرة وكبيرة، لكن رد الفعل الأبرز تمثل في طلب نادي الاتحاد ? بعد استقالة منصور مباشرة - من الرئاسة العامة لرعاية الشباب مبلغ 13 مليون ريال سعودي لتسديد بعض المستحقات الواجبة الدفع الفوري، على أن تحسم من نصيب النادي في الإعانة السنوية التي تقدمها الرئاسة العامة لرعاية الشباب! قلت في بدء المقال أنني سأقرأ الواقع المحلي من خلال زاوية غير مضاءة، لا علاقة لها بكالون ولا منصور ولا الإدارة الهلالية القوية جداً جداً. لماذا بادر الاتحاديون مباشرة بعد استقالة البلوي بتقديم"طلب سلفة"من الرئاسة العامة لرعاية الشباب؟ ولماذا في الأساس تدفع الرئاسة العامة إعانات سنوية للأندية؟ ولماذا تتكرر المشكلات المالية دائماً في أنديتنا إلى درجة أن إدارات بعض الأندية تظهر دائماً على صدر الصفحات الرياضية بمظهر الشحاذ ذي العين التي لا تستحي؟ المتعارف عليه في كل دول العالم، وأقصد بدول العالم، تلك المتقدمة كروياً، أن الأندية مملوكة لرجال أعمال أو شركات ضخمة تتولى الصرف على النادي بسخاء، لأسباب كثيرة لعل أبرزها يتمثل في كون النادي هو المروج الرئيس لمنتجات الشركة، ولعلي لا أكشف سراً عندما أقول إن بعض الأندية الأوروبية تتفوق فنياً على منتخباتها بسبب استقطابها للاعبين عالميين بمبالغ طائلة. وبناء على هذه التجربة الناجحة والماثلة للعيان، فإنه يتعين على الرئاسة العامة لرعاية الشباب، إذا ما أرادت الخروج من مشكلة الدفع من"الجيب الخاص"والشحاذة العلنية والعشوائية المالية التي تُدار بها أنديتنا حالياً، يتعين عليها أن تُتيح مبدأ التملك للأندية بضوابط وشروط معينة كالآتي: 1- تحديد حد أدنى لموازنة النادي السنوية، على أن تراجع الرئاسة العامة الحسابات السنوية للنادي، فمثلاً يكون الحد الأدنى لموازنة أندية الممتاز 100 مليون ريال سعودي، وأندية الدرجة الأولى 50 مليون ريال سعودي، وأندية الدرجة الثانية 20 مليون ريال سعودي، ومالك النادي الذي يفشل في الوصول للحد الأدنى من الموازنة، سواء أكان فرداً أم شركة، فإنه يُنذر في السنة الأولى ويُجبر على بيع النادي في السنة الثانية. 2- أن يكون التاجر سعودياً، وتكون الشركة سعودية أو تعمل في البيئة المحلية السعودية. 3- تكوين مجلس عام للنادي يتكون من أفراد منتخبين من مشجعي ومحبي النادي، يكون دوره متابعة سير التدفق المالي للنادي والمصادقة عليه قبل رفعه للرئاسة العامة لرعاية الشباب لاعتماده بشكل نهائي. 4- تخصيص جزء كبير من الموازنة السنوية للتعاقد مع لاعبين أجانب على مستوى عالٍ كشرط ضروري لأحقية تملك النادي. 5- وقف الإعانات السنوية التي تقدمها الرئاسة العامة لرعاية الشباب للأندية وتوجيهها لدعم مشاريع الرئاسة الأخرى. 6- تسمية رئيس للنادي يمثله أمام الرأي العام والجهات المسؤولة، في حال كان المالك للنادي شركة ذات تمثيل اعتباري. 7- تخصيص صندوق لدعم المنتخب الوطني يكون مسؤولاً عن تمويله ملاك الأندية المحلية كجزء من واجبات تملك الأندية. 8- تفعيل مبدأ مشاركة الأندية في مشاريع المسؤولية الاجتماعية من خلال تخصيص جزء يسير من موازنة الأندية لدعم المجتمع المحلي وهذه لا علاقة لها بالهدف الرئيس من كتابة المقال، إنما هي جزء من اهتمام شخصي يخصني يتعلق بمحاولة نشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية بين الشركات. هذه النقاط الثماني من الممكن أن تسهم في وضع أساس جيد لحركة رياضية جيدة، لا تعتمد في تحقيق الإنجازات على المزاج العام، وإنما تسعى لرفعة اسم المملكة من خلال عمل منظم ذي قوانين متفق عليها. أنا لا أدعي أنني محلل رياضي أو خبير في مسائل الرياضة المحلية، لكنني محب لوطني، وأستطيع قراءة الواقع الرياضي كمشكلة اجتماعية أو وطنية تستلزم البحث عن مخرج يعيد للرياضة السعودية صحتها ووهجها. وبمناسبة الحديث عن الصحة والوهج، فإنه يسرني أعزائي جماهير الهلال والاتحاد و"النصر وإن لم يكن له دور كعادته!"أن أختم مقالي بنكتة وصلتني للتو وأنا أكتب هذا المقال، يقول صديقي الاتحادي من خلال نكتته الرسالة"من أسباب التعرض لأنفلونزا الطيور، أولاً، الكتابة بقلم ريشة، ثانياً، النوم على مخدة مكونة من ريش الطيور، ثالثاً، قراءة أشعار عمر أبو ريشة، رابعاً، تشجيع نادي الهلال لأن على رأسه ريشة! * إعلامي سعودي [email protected]