تجاوز عدد من المتزوجين حديثاً في المنطقة الشرقية، حواجز"العيب"الاجتماعي الذي كان يسيطر على عقولهم لسنوات، ليبقيهم مع مشكلاتهم الزوجية بمفردهم، إلا أنهم في الآونة الأخيرة عثروا على مراكز تُقيم تدريبات في الفنون الزوجية، كانوا سابقاً يخشون الالتحاق بها، خصوصاً أن المجتمع السعودي لم يسمع بها كثيراً من قبل، وإن كانت موجودة، فعلى خجل في الغالب. وشهدت السنوات الأربع الأخيرة توجهاً متزايداً لإقامة المحاضرات عن الحياة الزوجية في المنطقة الشرقية، حتى أصبحت"مُلهمة"لكثير من أصحاب المعاهد والمراكز الأكاديمية، التي باتت تقدم هذه الدورات من خلال أخصائيين نفسيين واجتماعيين. وأقام مركز التنمية الأسرية في الدمام، التابع لجمعية البر في المنطقة الشرقية أخيراً، برنامجاً تدريبياً خاصاً بالمدربين، بعنوان"فنون الحياة الزوجية وقواعدها"لأستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت المدرب الدكتور حمود فهد القشعان، في حضور 82 مدرباً ومدربةً في فندق"رمادا"في الخبر. ويقول الدكتور عبدالله العياف ل"الحياة"، وهو مُحاضر قدم دورات في"الحب والتفاهم":"إن المتزوجين حديثاً، هم في أمس الحاجة لتلك الدورات، التي تكمن أهميتها في بناء مؤسسة زوجية راسخة، مبنية على قواعد سليمة وصلبة، والتي تؤدي بالنهاية إلى بناء مجتمع سليم". ومن أهم عوامل النجاح في بناء تلك المؤسسة، بحسب العياف، هو"بناؤها على أساس من الحب، والعمل على كل ما من شأنه أن يقوي أربطة الحب بين الزوجين، ويمكن أن تطفو على سطح العلاقة الزوجية بعض الهفوات، كما قد تعتريها فيروسات تتفاوت في خطورتها، من شأنها أن تنقص الحب، وقد تقتله وتفتك به كلية، لذلك فهم بحاجة لدورات تعزز الحب وتقوي أواصره بين الزوجين، وتجدد حياتهم وتقضي على روتين الحياة القاتل، وأيضاً هم بحاجة إلى تفهم كل منهما الآخر، بناءً على أسس علمية، توضح اللغة التي يتحدث بها الرجل، وبالمقابل اللغة التي تتحدث بها المرأة، حتى يستطيع كل منهما ترجمة كلام الآخر، وفهم مشاعره، إذ تفتقد الكثير من المؤسسات الزوجية فهم تلك اللغة، التي يختلف فيها الرجل عن المرأة، على رغم استعمال الكلمات والمصطلحات ذاتها، إلا أن هناك بوناً شاسعاً في معانيها، إذ أن كثيراً من حالات سوء التفاهم بين الزوجين قد تعود ببساطة لخطأ في الترجمة بين لغتيهما". وتناول القعشان في برنامجه، محاور عدة، منها"كيفية نجاح الزواج قبل أن يبدأ"، موضحاً تعريف العلاقات الزوجية، والإجابات الخمس لنجاح الزواج، ونظريات الاختيار الزواجي، وأنواع القرار الزواجي، وأركان العلاقة الزوجية، ولغات الحب بين الزوجين، والمدمرات الخمس للحوار الزوجي". ثم قدّم"مهارات تطبيقية للإرشاد الزواجي". وحول إيجاد مثل هذه الدورات، وهل المتزوجون السعوديون يعانون من قلة الحب والتفاهم؟ أوضح العياف"لا يعاني المتزوجون في بداية الزواج من قلة الحب والتفاهم، فالحب موجود، بل قوي جداً في غالبية المؤسسات الزوجية في المجتمع السعودي، لكن في خضم الحياة الزوجية التي تجمع بين شخصين خطاءين لكونهما من جنس البشر، قد تخفت شعلة الحب"، مضيفاً"هناك عدد من المبررات". ويوضح مبررات خفوت شعلة الحب، ك"الخطأ في الحوار، وعدم فهم أسسه وقواعده، وأيضاً الافتقار إلى فهم أسس وقواعد حل المشكلات الزوجية، وقد يكون أيضاً الغياب الطويل عن البيت من جانب أحد الطرفين سبباً في ذلك، وأيضاً طلب المثالية من جانب أحدهما له أكبر الأثر في ذلك، وكذلك الافتقار إلى فهم طبيعة كل منهما الجنس الآخر، ولا ننسى أن نذكر الأنانية، وكثرة الانتقاد، وتوسيع دائرة النزاع عند كل صغيرة وكبيرة، وعدم التغاضي عن سفاسف الأمور، التي من شأن تراكمها تدمير الحياة الزوجية، وما هو جدير بالذكر أيضاً عدم التلفظ بمفردات الحب، والتعبير عنها بعبارات لطيفة وجميلة، ما يؤدي إلى نشوء جفاف عاطفي بين الزوجين، يؤدي في النهاية إلى تجفيف الحب من منابعه، إن كان موجوداً في الأصل".