قبل نحو 60 عاماً أنشأت القوات المسلحة السعودية، مركزاً للخدمات الطبية، أطلق عليه حينها"طبابة الجيش"، وذلك في الطائف عام 1367ه، وكان مكان"الطبابة"مستوصفاً يتسع لعشرة أسرة، وفي العام 1370ه تحول مسماها وأصبحت تعرف ب?"الصحة العسكرية".وكانت النقلة النوعية حين افتتح مستشفى الأمير منصور العسكري ذو ال?36 سريراً في الطائف عام 1371ه لخدمة القوات المسلحة، الذي مر بمراحل تطور عدة، حتى تم افتتاح المشروع الجديد لمستشفى الأمير منصور العسكري في الطائف بتاريخ 17-7-1428ه على يد مساعد وزير الدفاع والطيران المفتش العام للشؤون العسكرية الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، لتبلغ طاقته الاستيعابية 224 سريراً ما يقارب 7 أضعاف. واستقلت الخدمات الطبية للقوات المسلحة عن المستشفى في عام 1392ه، وأصبحت ذات موازنة مستقلة، اعتباراً من العام المالي 1394-1395ه، وفي عام 1373ه تم افتتاح مستشفى القوات المسلحة في الخرج الأمير مشعل سابقاً، وكذلك مستشفى القوات المسلحة في الرياضوالخرج الأمير سعود سابقاً. وصدر أمر ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز بتسميتها الإدارة العامة للخدمات الطبية للقوات المسلحة، وبذلك اتسعت خدماتها، لتشمل منسوبي القوات البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي، وتعد الإدارة العامة للخدمات الطبية للقوات المسلحة النواة الأم لكل القطاعات الصحية العسكرية والبالغ عددها 24 مستشفى و134 مستوصفاً ومركزاً، منتشرة في أرجاء الوطن، مضافاً إليها الإخلاء الطبي الجوي. وترتكز مهمة الإدارة العامة للخدمات الطبية على توفير الخدمة العلاجية والوقائية على أعلى المستويات العالمية الممكنة لمنسوبي القوات المسلحة وعائلاتهم، إلى جانب تقديم العلاج للمواطنين والمقيمين في الحالات الطارئة والأمراض، التي يتطلب علاجها تخصصاً نادراً، كما تشمل المهمات المنوطة بهذه الإدارة رفع الوعي الصحي لمنسوبي القوات المسلحة خصوصاً، والمواطنين والمقيمين عموماً من خلال نشر الوعي بالأمراض والأوبئة، التي قد توجد في المجتمع. وعلى الجانب الإنساني، تقوم إدارة التشغيل والصيانة في الخدمات الطبية للقوات المسلحة، بأعمال التصميم والإشراف والتنفيذ لبعض المشاريع التي يأتي التوجيه الكريم بإنشائها خارج السعودية، كما تم أخيراً الانتهاء من مركز الأمير سلطان بن عبدالعزيز لغسيل الكلى في جمهورية جيبوتي، الذي تبرع بإنشائه الأمير سلطان بن عبدالعزيز على نفقته الخاصة كهدية لشعب جيبوتي الشقيق بكلفة إجمالية قدرت ب?8 ملايين ريال، الذي افتتحه رئيس جمهورية جيبوتي إسماعيل جيلة في 9-6-1428ه. وتضم الخدمات الطبية أسطولاً متكاملاً من طائرات الإخلاء الطبي الجوي من الطائرات النفاثة والعمودية المجهزة بكل التجهيزات الإسعافية، التي تديرها إدارة الإخلاء الطبي الجوي بالخدمات الطبية للقوات المسلحة. وتقوم طائرات الإخلاء الطبي الجوي بنقل المرضى إلى المستشفيات المتخصصة في أكثر من 65 مدينة وقرية داخل السعودية و34 بلداً خارج السعودية، وقامت طائرات الإخلاء الطبي الجوي بنقل آلاف المرضى منذ إنشائها والتعاون قائم مع مختلف الجهات التي تحتاج للطائرات، وذلك عن طريق الإدارة العامة للخدمات الطبية للقوات المسلحة، كما تساند مركز زراعة الأعضاء، عبر نقل فريق زراعة الأعضاء إلى أية نقطة داخل السعودية في حال وجود متبرع، كما تشارك إدارة الإخلاء الطبي في خدمة حجاج بيت الله الحرام، كما أن مشاركة الإخلاء الطبي تعدت الحدود ووصلت إلى المحتاجين خارج السعودية، ومن ذلك إغاثة المتضررين من زلزال مدينة بام الإيرانية وقبلها العراق واليمن وغيرها. ولم تغفل الخدمات الطبية للقوات المسلحة جانب التعليم والتدريب لمنسوبيها والارتقاء بمستواهم العلمي والعملي، إذ عقدت عدداً من الدورات والندوات، وابتعثت الكثير من الأطباء لدراسة بعض التخصصات الطبية النادرة، واهتمت كثيراً بتأهيل كوادرها الوطنية من خلال إدارة التدريب في الإدارة العامة للخدمات الطبية للقوات المسلحة، ولعل ما قامت به في السنوات الأخيرة من فتح لباب القبول للمرة الأولى في دبلوم التمريض للطالبات في ستة مستشفيات من مستشفياتها شاهد على ذلك الاهتمام الذي أولاه ولي العهد ومساعده للشؤون العسكرية لسد حاجة مستشفيات القوات المسلحة من هذه المهنة الإنسانية. وتعد حملة الأمير سلطان الوطنية للتثقيف الصحي التي قامت بها الإدارة العامة للخدمات الطبية بصمة بارزة في مجال نشر التوعية الصحية في المجتمع، إذ تعتبر أول حملة على مستوى السعودية تقام بهذا الحجم من الخدمات الطبية، وهدفت إلى نشر الوعي الصحي بين أفراد المجتمع كافة، من خلال استخدام جميع الوسائل الإعلامية، بهدف تعريفهم بأهم الأمراض المنتشرة في السعودية وكيفية الوقاية منها، إضافة إلى تسليط الضوء على اتجاهات وسلوكيات الناس حول العادات والممارسات غير الصحية وإيضاح السلوك الصحي السليم. وتضم الإدارة العامة للخدمات الطبية للقوات المسلحة مستشفيات متنقلة عدة تشتمل على الكثير من العيادات المتخصصة والتي تحوي كل الأجهزة اللازمة والحديثة للعمل في الميدان. وتقوم هذه المستشفيات الميدانية بمشاركات فعالة في المناسبات الوطنية لخدمة الوطن والمواطن واكتساب المهارة والتدريب اللازم للعاملين فيها، كما نفذت المستشفيات الميدانية التابعة للإدارة العامة للخدمات الطبية للقوات المسلحة حملة الأمير سلطان للرعاية الأولية، التي تنقلت بين مختلف مناطق السعودية، بتوجيهات ممن تحمل اسمه، لتقديم الرعاية الصحية الأولية للمواطنين ورصد الأمراض الشائعة والقيام بمسح للأمراض المستوطنة في تلك المناطق، وإعداد الإحصاءات النهائية التي ستفيد قطاع الصحة في بلادنا، كما تشارك الخدمات الطبية في مستشفى متكامل في موسم الحج كل عام، يحتوي على الكثير من العيادات المتخصصة والفرق الإسعافية المجهزة، إضافة إلى عدد من المستوصفات وطائرات الإخلاء الطبي المجهزة للمشاركة في خدمة الحجاج. ولا يقتصر عمل المستشفيات الميدانية للخدمات الطبية للقوات المسلحة على العمل في الداخل بل إنها وبناء على التوجيهات السامية الكريمة شاركت في العديد من المناسبات والحملات الاغاثية خارج الوطن في دول إسلامية عدة، كان آخرها إقامة مستشفى ميداني في مدينة بغداد في العراق الشقيق، لتضميد جراح إخواننا هناك ومعالجة مرضاهم لعجز المستشفيات عن ذلك.