يتراءى في ذهن كل قارئ عندما يقرأ عنوان هذا الموضوع بأني سأتحدث عن الانتحار، وهو أن يقتل الإنسان نفسه منتحراً، ولكني سأتحدث عن انتحار من نوع آخر تماماً. إنني أعني به الفراغ، فهو وسيلة للموت والانحراف والتفكير في الأفكار الباطلة، إن الإنسان عندما يصاب بالفراغ ولا يتخلص منه، عندها سيصبح الفراغ وسيلة لقتله، لأن الفراغ يجعل صاحبه يفكر في الأفكار السيئة. والملل، ويولد التضجر والشك، وبالتالي سيفقد ثقته بنفسه، وسيفقد محبة الآخرين وسيجهل قيمة الحياة، فنحن لم نُخْلَق لنضيع أوقاتنا، فكل دقيقة وثانية من حياتنا محاسبون عليها، بل إن الحياة أقصر مما نتوقع، والإنسان إذا نظم وقته قد يستطيع إنجاز بعض فروضه وليس كلها، لأن الحياة قصيرة، والوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، فالوقت ينقضي من حولنا من دون أن نشعر فلا وقت للتضييع.إذاً لماذا نشعر بالفراغ؟ الفراغ مشكلة بل وآفة ووسيلة للملل من الحياة، فإذا شعر الشخص بالملل شعر بالضيق، وإذا شعر بالضيق سئم من الحياة، وإذا سئم من الحياة سيتضجر من العبادة والعلم والعدل، وستصبح حياته من دون معنى وفائدة، وتضيع دقائق عمره مع كل دقة من دقات قلبه. إن الوقت هو عمر الإنسان ووجوده في الحياة، الوقت سبائك ذهبية، تأتينا كل يوم منها 24 سبيكة، فهل ضيعنا هذه السبائك؟ هل من العقل أن يكون الشخص محتاجاً ويفرط في 24 سبيكة ذهبية تأتيه يومياً؟ إذاً لماذا لا نحافظ على أوقاتنا؟ لنغتنمها، فالعمر يمضي والحياة قصيرة، ولا يعلم الإنسان متى يكون أجله حتى يضيع أوقاته ويدخل في شبح الفراغ، فيبدأ في السقوط والانحدار. أبرار السقاف - الرياض [email protected]