لم يكن لدى الأمير سلطان بن عبدالعزيز أي تردد في خيارات معركة تحرير الكويت. كان يريد عودتها إلى أهلها الشرعيين من دون أن يصاب العراق وأهله بضرر يتجاوز متطلبات إخراج جيوشه من الأراضي الكويتية من دون تهور الانتقام. يروي كتاب"مقاتل من الصحراء"لحظة خطر مفتوحة على الأراضي السعودية امتدت لأسابيع قليلة بسبب أن"توجيه ضربة عراقية إلى منطقتنا الشرقية لا يزال قائماً"وقتذاك. في تلك الأثناء استقبل الأمير سلطان القادة العسكريين لميدان المعركة المنتظرة. إذ اصطحب الأمير خالد جنرالاً أميركياً هو نورمان شوارتزكوف إلى مكتب الأمير سلطان لزيارته. فقال العسكري الأميركي للأمير سلطان:"أؤكد لكم أن صدام حسين سيتكبد أفدح الخسائر في تاريخ الحروب إن أقدم على الهجوم. ونظر إليه الأمير سلطان نظرة أسى وقال:"ليس هذا ما أريد، فليس لدينا أية رغبة في تدمير العراق. ولكن إذا أصر صدام على عناده واستمر عاراً على الإسلام ... عندئذ سنبذل قصارى جهدنا لإيقافه عند حده". يضيف مؤلف الكتاب:"عندما سمعت عبارات والدي المفعمة بالإنسانية، أدركت عمق تعبيرها عن معضلتنا الأساسية. كنا في حاجة إلى المساعدة الأميركية لكبح جماح صدام، لكننا في الوقت نفسه، نشعر بالأسى لاضطرارنا إلى رفع السلاح ضد دولة عربية شقيقة. كانت حيرة استعصى فهمها على عقول حلفائنا الغربيين، فضلاً عن وسائل إعلامهم التي ظل شغلها الشاغل تصوير العراق ورئيسه وكأنهما من عالم الشياطين، وليسا من عالم البشر". ويسرد الكتاب لمواقف عدة تكشف عن الحنكة الصافية للأمير سلطان في إدارة معركة تحرير الكويت من دون التخبط في مسارات أخرى. كان المطلوب عودة الكويت إلى أهلها الأشقاء الذين التحموا مع قيادتهم الشرعية للعودة إلى بلادهم. لذا فتح الأمير سلطان أكثر من قناة مغلقة بقراراته الصائبة، حاشداً كل الطاقات المتوافرة نحو تحقيق الغاية الأسمى بعيداً عن مصائد الخطأ. وعلى رغم الدور الرئيسي للأمير سلطان في حرب تحرير الكويت، إلا أن مؤلف"مقاتل من الصحراء"فضل أن يورد 102 موقف للأمير سلطان تتعلق بصلتهما الثنائية والدور المهم الذي تصدى له في حرب التحرير وعودة الكويت سالمة إلى أهلها. وفي المرة رقم 101 لذكر الأمير سلطان في الكتاب، يتعلق الأمر باللحظات ما قبل الأخيرة لانتهاء المشهد المثير وتحقيق الغاية الأسمى من كل ما جرى وقتذاك. كتب للأمير سلطان قائلاً في نهاية رسالة تاريخية:"لن ينسى لكم التاريخ ما تتحملونه وتبذلونه وتصبرون عليه، وسيدوّن لكم أنكم وراء كل نصر، وخلف كل نجاح، ومثال كل كفاح، تعملون في صمت، وتبنون بلا ضجة".