على رغم أننا في شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار إلا أن هناك حرائق تشتعل في بعض البيوت، آخرها ما حدث للزوجة السعودية التي أذنبت ذنباً لا يغتفر في رأي زوجها الصائم وغيّرت"المنيو"المقرر من سعادته واستبد ل"سعادته"خطأً ومن دون سوء قصد أو تعمد"شوربة العدس""بشوربة الحريرة"، لتسمع ألفاظاً بذيئة من زوجها الصائم ورشات من الشوربة الساخنة على وجهها، عوضاً عن دعاء الصيام والشكر على المائدة العامرة باجتهادها! الأسوأ أن هذا العنف غير المبرر كان أمام الأطفال الذين انكمشوا داخل ذواتهم وهم يتساءلون بخوف عن معنى الشهر الكريم وحكمة الصيام واختفاء الرحمة لدى والدهم فيه؟ ولم يكتفِ الزوج الهائج بسبب"شوربة الحريرة"التي لم يشربها ارتفاع صوت المؤذن تعلن دخول وقت المغرب لبدء تناول طعام الإفطار على مائدة الرحمن، بل قام مسرعاً إلى لوحة يعلق عليها طلباته وأمنياته، بل أوامره الخاصة بطعام الفطور والتي جدولها بكل عناية ووضعها مكتوبة، مضافاً إليها المقادير الواجب توافرها في مكونات الطبخة... وأسرع ليضع الورقة في عين زوجته والتي أختلط عليها الأمر ولم تدر أنها ارتكبت في حقه جريمة شنعاء لا تغتفر، ثم قام بوضع أصبعه في عينها وخرج من المنزل غاضباً بعدما أفرغ شحنة انفعالاته المقيتة في عين الزوجة وأمام أطفالهما، وفي شهر رمضان المعظم! أقترح أن يعاد تدريس آداب الصيام وأحكامه وفوائده في المدارس وفي الجامعات وفي المساجد وفي كل وقت حتى يتناقص عدد الزوجات اللاتي يتعرضن للضرب والحرق في خير الشهور، لأن إحداهن قصرت سهواً ولم تضع الملح في طبق الفول الشهير، ولأن الثانية نسيت الكنافة في الفرن فزاد احمرار الطبقة العليا منها قليلاً، ولأن الثالثة نسيت تسخين الشريك، ولأن الرابعة لم تقطع الليمونة نصفين عوضاً عن أربع قطع كما يريد سعادته ويأمل! وبسبب هذه الهفوات البسيطة فقدت إحداهن عينها اليمنى، وفقدت الثانية نصف شعرها بعد أن مد الصائم يده الكريمة ولف خصلات شعرها في قبضة يده وجذبها بقوة ولم يتركها إلا وخصلة كبيرة ملقاة على أرض المطبخ الذي شهد العنف غير المتكافئ قبيل أذان المغرب بدقائق معدودات! ونظراً لأن الحوادث تتزايد وما زال في رمضان أيام باقية نتمنى صيامها بفرح، بينما تنتظر بعض الزوجات انقضاءها بكل خوف من أن يأتي العيد وهن على الفراش الأبيض محروقات بزيت السمبوسك أو فاقدات لعيونهن... اقترح تكوين لجنة نسائية بصورة استثنائية لرصد ومتابعة الزوجات الخائفات من الغلطات المطبخية مع الإسراع في تأليف كتاب"عن الإصابات التي تصاب بها بعض الزوجات بسبب هفوات في الطبخ، مع تشكيل فرقة من مهامها توزيع"دروع"مانعة للضرب وحامية من للزيوت الحارة، وكذلك نظارات سميكة لحماية العيون المهددة بالفقأ، وسماعات مضادة لكل أنواع السباب والشتائم، خصوصاً من زوج لا يرحم لا في شهر الرحمات ولا في غيره، ويعتبر أن الزوجة يجب ألا تنسى ويجب ألا تختلط عندها المقادير، ويعتقد بكل يقين أن شوربة"الحريرة مناسبة ليوم الثلثاء"، أما حساء العدس فهو جريمة لا تغتفر، ووضعه على طعام الإفطار في يوم الثلثاء باطل... باطل... باطل! [email protected]