قبل أربع سنوات كتبت مقالتي شوربة عدس وهي مقالة لها خصوصية رمضانية لأنها حدثت في الشهر الفضيل شهر الرحمة والبركات على رغم أنها تحولت عند بعض الأزواج إلى شهر الغضب والقسوة وغيرها. والحقيقة التي يجب أن اذكرها أنني فكرت في كتابة مقال آخر يضيء على الموضوع نفسه ولكني تراجعت في آخر اللحظات لأنني خاطبت نفسي (داخلياً) أن 3 سنوات كفيلة بحول الله بتعلم سلوكيات أخرى للحوار بعيداً عن العنف وخرم العيون، خصوصاً عندما تخطئ الزوجة الصائمة في «المنيو» المفترض وتطبخ شوربة عدس عوضاً عن شوربة الحريرة مثلاً... وأقنعت نفسي أنه سلوك من الماضي ومن المؤكد أن صاحب هذا السلوك المقيت والذي اقتلع عين زوجته بسبب (حبة شوربة) قد نال جزاءه ومن المؤكد أن أقرانه وزملاءه الرجال قد عرفوا عقوبة من يفعل ذلك... فربما لن نسمع بعدها عن سلوكيات مماثلة مصاحبة للشهر الفضيل. وكعادتي (أخطأت بالطبع) لأن سقف أحلامي مرتفع للغاية يكاد يلمس السماء وأخطأت بالطبع لأنني لم أتوقع أن هناك نفوساً بشرية لا تتعلم ولا تريد أن تتعلم. استيقظنا قبل أيام عدة على خبر ضرب إحدى الزوجات ضرباً مبرحاً لأنها طبخت دجاجة كاملة والأهم من (الخطأ الشنيع الذي قامت به المسكينة) أن الزوج تركها بين أوجاعها وسرق الدجاجة وذهب ليفطر بها وحده! تاركاً أولاده حائرين ما بين ضربه لأمهم بهذه الصورة المقززة وبين أحقيته في الإفطار وحده! أتمنى من الزوجة عدم التنازل وأتمنى من الشرطة والمستشفى التي استقبلت الحالة عدم اعتبار الموضوع شأناً شخصياً حتى لو تنازلت الزوجة مرغمة. واليوم جلد أحد الأشخاص زوجته بالسوط لأنها انشغلت عن سعادته بالبلاك بيري... ولا أدري لماذا يتوافر في منزلهم أساساً سوط؟ وما الغرض منه؟ وهل الغيرة من البلاك بيري تؤدي إلى جلدها بالسوط؟ أيضاً أتمنى عدم اعتبار الأمر شأناً شخصياً (يا جماعة هذه السلوكيات غير المشرفة شأن مجتمعي) يسيء إلينا جميعاً ويظهرنا بصورة المتوحشين غير المسيطرين على انفعالاتنا. أسجّل هنا عدم رضاي التام بل وغضبي من أحد زملاء المهنة بسبب كتابته خبر عودة الفتيات الهاربات إلى والدهن (بعد اقتناعهن بخطأهن) والحقيقة التي ربما لا يعرفها الزميل أن الفتيات عدن بعد تدخل وجهد مشكور من جهات عدة وبعد توقيع وثيقة صلح بينهن وبين والدهن تضمن لهن حقوقهن وتفتت نقاط النزاع بينهم. يغضبني بشدة أن أجد بعض المحررين يضعون اللائمة كل اللائمة على الإناث من دون الخوض في التفاصيل، يؤسفني أن أي جريمة قتل توضع في بعض الأحيان وتحتها علامات كثيرة (وكأن الخبر ينطوي على أسرار تخص الفتاة وتعطي ألف مبرر للقاتل). يا رب مر من رمضان أيام عدة، يا رب احفظ نساء المسلمين من الأسواط والبخل ومن زيوت السمبوسك الحارة ومن لسعات الفرن والتي تزيد عند دخول الأزواج في اللحظات الأخيرة قبل الأذان مطالبين بأطعمة لا تطبخ في نصف دقيقة! سؤالي الأخير... النصارى أيضاً يصومون مثلنا... لماذا لا نسمع عندهم حوادث ضرب ولطم وجلد ولماذا نحيل كل هذه السلوكيات الى الصيام والجوع... فقط! [email protected]