الصفحة: 23 - الاقتصاية - العقارية استطاع مؤتمر"اليوروموني"الأول، أن يروي بعضاً من عطش المهتمين بمجال العقار في السعودية. كما استطاع أن يضع توصياته بين يدي المقام السامي في نهاية أعماله الأربعاء الماضي، لتبدأ عندها مرحلة التطبيق في أقرب وقت. وجاء المؤتمر الذي كان بعنوان"مسكن لكل مواطن... رؤية تحول نحو الحقيقة"، في الوقت الذي تشهد فيه السعودية طفرة اقتصادية من جهة، وشحاً في عدد الوحدات السكنية من جهة ثانية، ما شجع ملاك العقار على رفع أسعارهم، مطبقين أبسط القواعد الاقتصادية الخاصة بالعرض والطلب. كما جاء حضور عدد من كبار المسؤولين في الدولة منهم وزيرا المال، والشؤون الاجتماعية، وأمين مدينة الرياض، ومحافظا مؤسسة النقد العربي السعودي والمؤسسة العامة للتقاعد، وخبراء عالميون، ليضفي أهمية على جلسات المؤتمر، التي تمحورت حول مشكلة التمويل الإسكاني في السعودية، وسبب المشكلة التي أوضح وزير المال الدكتور ابراهيم العساف أهم أسبابها في كلمته خلال المؤتمر إذ قال:"إن نظام شركات التمويل يحدد القواعد التي تحكم نشاط شركات التمويل العقاري، بما في ذلك متطلبات الترخيص، والأنشطة المسموح بها، وإدارة الشركات والإشراف عليها، وتسوية المنازعات، نظام التأجير التمويلي، نظام التنفيذ والرهن، وإجراءات لمعالجة الصعوبات الحالية في تسجيل الرهون، وإتاحة الرقابة القضائية لقرارات التسجيل". وأشار إلى أن نظامين يرتبطان بالتمويل العقاري يجري العمل حالياً على إعدادهما، ووصلا إلى مرحلة متقدمة في البحث تمهيداً لإقرارهما، وقال:"يتعلق أولهما بالتقويم العقاري، ويتعلق ثانيهما بالسجلات الائتمانية، كما أشار إلى قيام الوزارة بإعداد نماذج متوافقة مع الشريعة لبعض العقود، سيتم نشرها في الوقت المناسب". وجاءت كلمات المسؤولين مميزة، وكشفت عن مجموعة كبيرة من النقاط المهمة، التي أعلنوها للمرة الأولى. وحظيت كلمة وزير المال بالتغطية والاهتمام الأكبر، إذ قدر في كلمته نسبة التخلف عن سداد مستحقات صندوق التنمية العقاري في عام 2004، بأكثر من 30 في المئة من مجموع القروض. وأضاف ان"التخلف في السداد أدى إلى انخفاض حجم الإقراض انخفاضاً حاداً بالنسبة إلى حجم السكان"، مشيراً إلى أن عدد قروض الصندوق لم يزد منذ عام 1989 عن 10 آلاف قرض سنوياً، باستثناء عامي 1993 و1994، وخلال السنوات العشر من 1995 إلى 2004، بلغ عدد القروض في المتوسط 6500 قرض سنوياً، لافتاً إلى طول فترة الانتظار بين تقديم طلب القرض ومنحه من الصندوق، مع ازدياد عدد الطلبات، التي زاد عددها في المتوسط عن 30 ألف طلب سنوياً. ولفت إلى أن هذا الوضع أدى إلى ضرورة اتخاذ إجراءات من الحكومة ومن إدارة الصندوق، لدعم الصندوق وتقوية قدراته على أداء المهمة المنوطة به، وخصصت الحكومة للصندوق مبلغ 9 بلايين ريال في عام 2004، ومبلغاً مماثلاً عام 2006، ما مكن الصندوق من منح حوالى 53 ألف قرض في عامي 2005، 2006. وحدد الخراشي في كلمته بعض التحديات التي تواجه التمويل العقاري بالنسبة إلى المؤسسة، وهي"عدم توافر مساكن جاهزة بتكاليف معقولة يمكن شراؤها". وأكد على ضرورة إعادة النظر في تكاليف الإسكان، سواء أكانت تكاليف البناء أم شراء الأراضي، ورفع الوعي لدى المستفيدين من أنظمة التمويل لتعديل الأنماط السلوكية لاقتناء المنازل، بما يكفل القناعة بتأمين المساكن ذات المساحات المعقولة، والمناسبة لظروفهم الاقتصادية والاجتماعية، وذلك للحد من التوسع والانتشار الأفقي. كما أكد على أهمية درس إنشاء مدن نموذجية للإسكان، يراعى فيها التخفيف من الحركة المرورية وتجنب الضوضاء، والاستفادة من العوامل الجوية بقدر الإمكان. ولخص الخراشي العوامل المؤثرة في عملية تملك المساكن إيجاباً وسلباً، مؤكداً ارتفاع الطلب على المساكن في السعودية لأن"نسبة كبيرة من سكان السعودية من الشباب، وهذه الشريحة ظلت تنمو بمعدل أسرع من معدل نمو الناتج المحلي". وزاد أنه من غير المرجح أن تلعب الحكومة وأرباب العمل دوراً مباشراً لتوفير المساكن كما كان في السابق، لإفساح المجال أمام المستثمرين من القطاع الخاص للقيام بدور رئيسي في هذا المجال. ويشهد الطلب على أنواع المساكن تغيراً، ما يعكس الواقع الجديد وزيادة الاهتمام بالشقق و"الدبلوكسات"والمساكن المنخفضة الكلفة. وأشار إلى أن عدم وجود تمويل طويل الأجل، يمثل عقبة رئيسية أمام معظم المتطلعين إلى امتلاك مسكن. ووقف أمين مدينة الرياض الأمير عبدالعزيز بن عياف آل مقرن على إشكالية أحد المفاهيم العمرانية المقلقة للبلديات والمكلفة مادياً وإدارياً على الدولة وعلى المواطن، وهي ما يعرف بالتطوير العمراني الانفرادي، الذي يمثل أكثر من 90 في المئة، بينما يتضاءل التطوير المؤسساتي الشامل إلى حدود 3 في المئة، إذ يتولى المواطنون كأفراد مسؤولية بناء مساكنهم مباشرة، مع ما يتضمنه ذلك من خوض المواطن تجربة شراء الأرض، وتجربة التصاميم المعمارية. وأضاف:"التطوير الشامل له مستحقات كثيرة وإيجابيات أكثر، فمن الإيجابيات ما يخص الدولة، إذ يتم تنظيم الخدمات والمرافق، وتضمن معه الدولة أحياء مطورة وفق مفهوم التطوير الشامل، بما يجعلها أحياء نموذجية تتعاظم قيمتها بمرور الزمن، ويحقق المطورون مشاريعهم التطويرية، واهدافهم الربحية، وينال المواطن السكن الملائم عالي الجودة في حي صحي متكامل". وأشار آل مقرن الى أن حوالى 55 في المئة من المواطنين يملكون منازل خاصة، وبالمحصلة النهائية يحصل المواطن على قاعدة اقتصادية صلبة، باعتبار تلك المساكن أصولاً متنامية القيمة، تشكل قاعدة كبيرة لنقل الرساميل بين القطاعات الاقتصادية كافة، وبين أصحاب المدخرات ومجتمع الأعمال، بما ينعكس إيجاباً على النشاط الاقتصادي. وأكد أن الأمانة بدأت ترصد الظاهرة، وتعرفت على الحاجة إلى المساكن وازدياد الطلب عليها، بسبب زيادة معدل النمو السكاني، وأضاف أن"المجتمع لا يعتمد على مؤسسات قائمة لموازنة العرض والطلب على المساكن، بل الأمر متروك لاجتهادات فردية لا تبدأ في بناء المساكن حتى تشعر بالأزمة الخانقة وارتفاع الطلب الشديد، فتبدأ بالاستجابة التي تكون عادة استجابة بجهود فردية وبمستويات متواضعة". من جهته، أوضح محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي حمد السياري أن"قطاع الإسكان خصوصاً شهد نمواً قوياً خلال الأعوام الماضية. كما أن معدل النمو السكاني في بلادنا يعتبر واحداً من أعلى معدلات النمو في العالم، ما يزيد من الحاجة التمويلية لمختلف القطاعات التنموية، وخصوصاً لقطاع الإسكان". وأكد السياري أن المزيد من التمويل والمشاركة من القطاع الخاص، وتخفيف الاعتماد على الحكومة، يتيح الفرصة لمشاركة القطاع الخاص للقيام بدور مهم في هذا الجانب الذي يوفر فرصاً استثمارية مربحة، ومع ذلك فإن من الإنصاف القول إن القطاع الخاص عموماً والقطاع المصرفي خصوصاً يسعيان للحصول على المزيد من الضمانات للدخول في تمويل هذا القطاع الحيوي المهم، ما يستدعي العمل بشكل فعال من جميع الجهات ذات العلاقة لتطوير آليات، للاستجابة للطلب المتنامي في هذا القطاع، وبخاصة ما يتعلق منها بتوثيق الرهون وسرعة التنفيذ عليها. وأوضح السياري قيام الحكومة في السنوات الماضية بعدد من الإجراءات الإصلاحية الاقتصادية، إذ قامت بتحديث الأنظمة، وإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، وإقرار عدد من المشاريع التنموية العملاقة، وانضمت لمنظمة التجارة العالمية، كما اتخذت عدداً من القرارات المهمة، التي تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى استمرار فتح الأسواق، ما سينعكس على القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني.