تشرق على المملكة العربية السعودية هذه الأيام شمس ذكرى يومها الوطني السادس والسبعين، الذي يعكس لنا حكومة وشعباً الامتداد التاريخي لهذه البلاد، ويضعنا أمام مفاخر جمة، تحققت على أصعدة عدة، منذ عام إعلان التوحيد حتى زماننا هذا. لقد كانت المملكة العربية السعودية - في إطار القياس والمقارنة مع الدول والشعوب الأخرى - إعجازاً في عمر الدول، فقد تحقق في حقبة زمنية قصيرة ما لم يتحقق لبلدان وشعوب تسبقنا بسنين طويلة، كنا فيها أسرع قفزاً على مجمل المعطيات الحضارية، وتجاوزاً لكل المعوقات التي لم تقف بنا نحو تحقيق طموحنا، وبلوغ الأهداف التي جعلت منا دولة يشار إليها بالبنان، في ظل قيادة تحكّم كتاب الله وتعمل على بناء مجتمع قوي متماسك. إننا ونحن نعيد الاحتفاء بهذه الذكرى، نسترجع في وزارة التربية والتعليم مسيرة التعليم الممتدة على مدى السنوات الطويلة، منذ بدايات الكتاتيب إلى أبجديات التعليم النظامي، إبان إنشاء مديرية المعارف، حتى تأسيس وزارة المعارف وإعادة تسميتها وزارة التربية والتعليم، لقد كانت حقباً زمنية مشرقة خّرجت لنا جيلاً مؤمناً بدينه ومبادئه، وملتزماً بعاداته وتقاليده، منفتحاً نحو البروز في المعارف والعلوم المختلفة، فأصبحت مدارس التعليم موئلاً لطالبي العلم والمعرفة، ومقصداً للناهلين منها من أبناء هذه البلاد أو المقيمين على أرضها، وبلغ التعليم حتى البدو الرحل في أماكن الرعي، من أجل القضاء على الأمية ونشر المعرفة، لقد كان ذلك من منطلق الواجب الديني والوطني، الذي يملي على القيادة في المجتمع المتحضر نقل شعبها من غياهب الجهل إلى استشراف آفاق المعرفة. إن المنجزات التعليمية التي تعيشها المملكة العربية السعودية لم تكن أبداً بمنأى عن التطور الحضاري في جوانب الحياة كافة، وإن كان التعليم هو المنطلق الرئيس لهذه النهضة التي نعيشها، ونسابق الزمن من أجل تجاوز هذه المراحل التي وصلناها، لنكون في مصاف الدول التي تنافس بالمعرفة والعلم شعوب العالم. وفي السنوات الأخيرة، ركزت الوزارة على تحقيق جملة من الإنجازات، في إطار برامج شملت الموهوبين والموهوبات ورعايتهم، إضافة إلى تكريس مفهوم الحوار الوطني وترسيخه لدى الطلبة والطالبات، من خلال مجالس الحوار بين المعلمين، وأخرى للطلاب والطالبات، ومن خلال مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في دورته السادسة، التي تقام حول التعليم وسبل تطويره، الذي يهدف إلى الرقي بالعمل التربوي وتحقيق خطوات أوسع في تطويره. كما قدمت وزارة التربية والتعليم برامج تأتي في صميم دورها الاستراتيجي، الهادف إلى بلوغ شرائح المجتمع كافة، وتيسير الحصول على المعرفة، والسير في إطار التعليم النظامي الذي هو حق للجميع، ومن بينهم ذوو الاحتياجات الخاصة من الأطفال مزدوجي ومتعددي العوق، وكذلك الأطفال التوحديون، ومشروع تطوير خط"برايل"العربي للمكفوفين، وافتتاح مراكز السمع والكلام. كما سعت الوزارة إلى تطوير الأداء داخل الحقل التعليمي من خلال المعلمين، بتوفير اختبار الكفايات للمعلمين، الذي يهدف إلى الارتقاء بمستواهم وأدائهم داخل فصول التعليم، وتطبيقه على الجدد منهم، والعمل على تطوير النموذج المدرسي من خلال برامج المدارس الرائدة، والتوسع في تطبيقه ورصد الإنجازات التي تحققت من خلاله، إضافة إلى التقويم الشامل للمدرسة وفق آلية منهجية مستمرة، خضعت لدراسات مستفيضة، للوصول للنموذج الأمثل لتطبيقها وتفعيل دورها داخل المدارس، كما ركزت الوزارة على الاهتمام بالرقي بالعملية التعليمية، وإنتاج الوسائل وتطويرها بحسب حاجة المناطق، وتوفير الدعم الفني لها، وحققت الوزارة في مجالات مختلفة جوائز تقديرية في مشاركات محلية ودولية، تدعم العمل التربوي والتعليمي التنافسي على مستوى الطلاب، أو البرامج التطويرية. إن ذلك كله ما كان له أن يتحقق لولا توفيق الله عز وجل، ثم الدعم الذي تلقاه وزارة التربية والتعليم من الدولة ? حرسها الله ? لتحقيق الرسالة التربوية التي تسعى لتحقيقها على الوجه الأمثل، وهو استمرار للخطط التنموية المتعاقبة، التي آتت ثمارها، وتتطلع لتحقيق المزيد من الإنجازات بإذن الله في مستقبل أيامها. وإنني بهذه المناسبة، أصالة عن نفسي ونيابة عن العاملين والعاملات في هذه الوزارة، أقدم التهنئة الحارة للمملكة العربية السعودية ملكاً وحكومة وشعباً، على هذه الإنجازات المتوالية، والله أسأل أن يديم على هذه البلاد عزها وأمنها، وأن يحفظها من كل سوء، في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز. * وزير التربية والتعليم.