تواصلت في جدة أمس ولليوم الثالث على التوالي فعاليات المؤتمر الإقليمي للموهوبين، وانطلقت الجلسة الأولى بجملة من المحاضرات، شارك فيها عدد من المتحدثين الأجانب من الصين وألمانيا وبريطانيا وسويسرا وماليزيا وجنوب إفريقيا، عرض المتحدثون خلالها تجارب بلدانهم مع رعاية وتعليم الموهوبين وتنمية قدراتهم. وعبر المشاركون الأجانب عن سعادتهم بهذه المشاركة والنجاح الذي يحققه المؤتمر على الجانبين العملي والتنظيمي. وأبدى بعضهم دهشته لما وجده من ترحاب بالغ واستضافة لطيفة وتنظيم جيد، لكنهم في الوقت نفسه انتقدوا بطء وتيرة التجربة السعودية في رعاية الموهبة وتطوير أدوات المخترعين. وقال البروفيسور الصيني جانينق شي الذي شارك بورقة عمل تحمل عنوان"البحث في تعليم الموهوبين، أطفال جزر الصين"إن المؤتمر حقق أهدافه التي يأتي من أبرزها التعرف على التجارب العالمية من مختلف البلدان، وأشاد برعاية الدولة ممثلة في شخص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للمؤتمر وما ينضوي تحت هذه المشاركة من تأكيد على دور الحكومات في رعاية الموهوبين والمخترعين، لكنه توقف عند قلة الموهوبين في السعودية مقارنة بالإمكانات المادية للبلاد. من جانبه، يرى البروفيسور الكوري جونق دوك كيم، وهو مشارك في المؤتمر بمحاضرة تحت عنوان"الأكاديمية الكورية للعلوم: منهجية تربوية حديثة لتنمية الإبداع العلمي"، أن أي شخص يمكن أن يكون موهوباً أو مخترعاً، ولكن الإشكالية تبقى في مواصلة الاطلاع والمعرفة ومتابعة مستجدات العلوم، لمواكبتها والعمل على تطوير الموهبة من خلالها. يقول إن"حصر تفعيل الموهبة على المراحل الدراسية المتقدمة كالثانوية والجامعة، خطأ كبير تقع فيه معظم البلدان بما فيها بلدي كوريا"، ويعتقد كيم أن تشجيع الموهبة لا يكون بوضع الأدوات أمام الطالب والاكتفاء باستخدامها، وإنما يكون بدفع العقل إلى التفكير والتأمل العميق. ويعرج كيم على الحالة السعودية في هذا الصدد، قائلاً"لست ذا خبرة كافية بالمجتمع السعودي، ولكني أظن أن الإمكانات الماديات والبيئة التعليمية هنا جيدة، ومع ذلك لا يشتغل على العلوم إلا عدد قليل من السعوديين لا يتناسب وإمكانات البلاد". من جانبه، عبر صاحب ورقة العمل المثيرة"استكشاف المستحيل"السويسري اوليفر باهود، عن سعادته بهذه المشاركة خصوصاً أنه شريك لأحد المخترعين السعوديين في مؤسسة تعنى بالإبداع العلمي وتقوم على التنسيق بين اتحادات المخترعين، وأصحاب المشاريع الاستثمارية في أنحاء دول العالم، ويؤكد أن مجرد الوجود في هذا التجمع لمتابعة المحاضرات ومشاهدة ورش العمل هو"ثراء معرفي في حد ذاته"، ولا يخفي باهود إعجابه بما شاهده من اختراعات سعودية خلال فترة إقامة المؤتمر"أعجبني جداً اختراع الترموميتر الوسادة، وقد قررت أن آخذ منه نسخة لتسويقه في سويسرا". وفي الإطار ذاته، يؤكد الدكتور المصري حسنين كامل أن الطلاب الموهوبين في العالم العربي ما زالوا مجهولين، وأن الخدمات المقدمة لهم لا ترقى للمستوى المطلوب وذلك من خلال ورقة العمل التي قدمها بعنوان"رعاية الموهوبين في المدرسة"، واستعرض حسنين خلال المحاضرة مواضيع تنمية مهارات التفكير وتنمية الجانب الإبداعي إلى جانب طرائق التعرف على خصائص الطلاب الموهوبين والإلمام بحاجاتهم الانفعالية. وخرجت ورقة العمل التي تقدمت بها الدكتورة السعودية منال إبراهيم مديني بأهم المعوقات التي تحول بين معلمة رياض الأطفال وبين دورها تجاه الأطفال الموهوبين واستعرضت خلال المحاضرة أهم السمات التي تساعد على اكتشاف الموهوب في وقت باكر. ومن أبرز ما جاء في فعاليات يوم أمس، محاضرة للدكتور المصري عمر مساعد الشريوفي، قدم خلالها عرضاً لأهمية علم أصول الفقه كمصدر من المصادر المعرفية للتفكير الجاد، فيما تناول المهندس عطا الشطل بالتعاون مع المحاضرة نجلاء موريا رؤية لتصميم برنامج تعليمي مرتكز على استخدام التكنولوجيا الحديثة، بهدف تنمية التفكير الإبداعي والتفكير الناقد لدى الطلاب، كما تركز هذه الورقة على العمل التجريبي واليدوي. ويشارك كل من الدكتور أشرف محمود هاشم والدكتورة منى عبدالرزاق أبو شنب في تقديم ورقة عمل مميزة حملت عنوان"رؤية جديدة لتطوير القدرات الفنية والابتكارية للطلاب الموهوبين"، وركزت هذه المحاضرة على جماليات وأسس الفنون الإسلامية، وقامت المحاضرة على وسائل تطوير القدرات الفنية والابتكارية للطلاب من خلال إعداد وتنفيذ برنامج تعليمي جديد يعتمد على الأسس العلمية والفنية للزخارف الهندسية الإسلامية، وتم تطبيقه على 60 طالبة من طالبات المرحلة الإعدادية المتوسطة ولاقى البرنامج نجاحاً كبيراً.