نقل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ظهر أمس، منطقة الباحة إلى مرحلة جديدة من عهدها مع مشاريع التنمية، خصوصاً في قطاع التعليم والتدريب والطرقات الحديثة والمياه. إذ دشن سلسلة مشاريع ستبدأ العمل فوراً، فيما وضع حجر أساس أخرى بكلفة إجمالية بلغت أكثر من 2223 مليون ريال. ووصل الملك عبدالله إلى مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة عصراً، مختتماً زيارة تفقدية لمنطقة الباحة استمرت ثلاثة أيام، التقى على هامشها بالرئيس المصري محمد حسني مبارك في قمة وصفت بالتاريخية، لظروف المنطقة، وتوقيتها ومكانها. وفي الحفلة الخطابية التي أعدت لتدشين المشاريع ووضع حجر الأساس لمشاريع جديدة تخدم مراحل التنمية المتلاحقة في منطقة الباحة، تحدث أربعة وزراء في حضرة خادم الحرمين عن مستقبل أكثر تطوراً للمنطقة، فيما أكدوا أن صناعة الأوطان مرتبطة بصناعة الإنسان، وهو ما يتولاه الملك عبدالله بكل دأب وإصرار. وكان في استقبال الملك عبدالله عند وصوله إلى مقر الحفلة أمير منطقة الباحة الأمير محمد بن سعود بن عبدالعزيز ووكيل أمير منطقة الباحة الدكتور فيصل بن محمد بن سعود بن عبدالعزيز. بعد ذلك قدم طفل وطفلة باقتي ورد لخادم الحرمين الشريفين ترحيباً بمقدمه. وفي كلمة إمارة المنطقة قال الأمير فيصل بن محمد:" في هذا اليوم، نستطيع القول إن هذا الجزء الغالي من بلادكم سيستكمل البنية التحتية الأساسية من مشاريع خدمية وصحية وتعليمية أساسية". ورفع حديثه إلى الملك عبدالله قائلاً:"يا خادم الحرمين، تعيش هذه المنطقة وفي هذا اليوم السعيد مفترق طرق عظيم ... يا خادم الحرمين، دعاؤنا وامتناننا لكم بعد الله عز وجل، على ما لاقته هذه المنطقة من دعم متواصل، وها انتم يا سيدي في هذا اليوم المبارك تنفقون بأيديكم البيضاء وتدشنون وتأسسون مشاريع تفوق قيمتها الفي مليون ريال، وذلك من اجل إسعاد مواطنيكم، وتيسرون جميع السبل من اجل ابن هذه المنطقة والمقيم فيها، ليؤدوا رسالتهم في الحياة بأمن وأمان وطمأنينة ومستقبل مشرق إن شاء الله، الأمر الذي يدعو إلى الفخر والامتنان". وأضاف يقول:"يا خادم الحرمين، إن أبناء هذه المنطقة يدعون لكم بالتوفيق والتمكين، ويدعون لكم ولولي عهدكم الأمين بالنصر وطول العمر إن شاء الله". وطلب الأمير فيصل الإذن من خادم الحرمين"بالسماح للإخوة الوزراء بالتحدث ... عن المشاريع التي ترعونها اليوم أمس". وهنا نوه وزير العمل الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي بطلب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إيصال التدريب والتأهيل إلى كل فتى وفتاة في أرجاء البلاد. وأوضح"أن المشاريع التي سيقوم خادم الحرمين الشريفين بإعطاء الإشارة لانطلاقتها وإزاحة الستار عن اللوحة التذكارية لها في الباحة، هي الكلية التقنية في قلوة والمعهد العالي التقني للبنات ومعاهد التدريب المهنية السبعة، بكلفة تصل إلى أكثر من 500 مليون ريال". وعقب الكلمة، وضع خادم الحرمين إصبعه على زر إطلاق المشروع، إيذاناً بتدشين مشاريع المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني قائلاً:"بسم الله الرحمن الرحيم وعلى بركة الله". بدوره أكبر وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري ما يجده التعليم العالي من رعاية خادم الحرمين الشريفين واهتمامه"إيماناً منه أيده الله بأن التعليم هو السبيل للتنمية البشرية، وان الإنسان هو الثروة الحقيقية للوطن، والاهتمام بتربيته هو أفضل الاستثمارات لغد مشرق بإذن الله". واعتبر العنقري أن المشاريع التعليمية والعلمية"التي تتوالى وتتسابق في جميع ربوع المملكة، شواهد النهضة الشاملة للبلاد". وقال:"انها أصدق شاهد على أياديكم المبرورة ومساعيكم المشكورة، التي أكسبت الوطن وأهله نهضة مميزة، أكسبته مكانة مرموقة بين الدول". وأكد أن المشروع الجامعي الحيوي الذي يضع حجر أساسه خادم الحرمين"هو مشروع جامعة الباحة التي تقع على مساحة 3 ملايين متر مربع، تشمل المرحلة الأولى منها الموقع العام وكليات العلوم والهندسة والعلوم الطبية التطبيقية وكلية المجتمع، وتقدر تكاليف إنشاء هذه المرحلة بنحو 400 مليون ريال". من جانبه، أعرب وزير النقل الدكتور جبارة بن عيد الصريصري عن شعوره بالسعادة لرعاية خادم الحرمين الحفلة، وتدشينه"مشاريع الخير"لمنطقة الباحة. وقال:"عندما شرفُت بالحديث أمامكم يا خادم الحرمين الشريفين في مناسبة مماثلة، ذكرت أن الوطن غدا ورشة عمل كبرى وحركة ديناميكية شاملة، تقودونها بالقول والعمل، إيماناً منكم بأن التنمية إنجاز، وأن قطارها لا ينتظر الواقفين على هامش الطريق". وأضاف:"وكما شرفنا بافتتاحكم وإعطائكم إشارة البدء في العديد من المشاريع في مختلف مناطق المملكة، نشرف اليوم برعايتكم الكريمة لثلاثة مشاريع جديدة مهمة في منطقة الباحة، ستنضم اليوم لمشاريع أخرى تنفذ في المنطقة بتكاليف إجمالية تبلغ حوالى 1.3 بليون ريال، وبأطوال تبلغ 900 كيلومتر". وعرض وزير النقل طبيعة المشاريع الثلاثة الجديدة، ويتمثل أولها في ازدواج امتداد طريق عقبة الباحة - المخواة - المظيلف بطول 103 كيلومترات وبكلفة تفوق 115 مليون ريال، ويربط المشروع الباحة بساحل البحر الأحمر بطريق مزدوج. فيما يتمثل المشروع الثاني في ربط منطقة الباحة بطريق الرياض - بيشة بطول 50 كيلومتراً وبكلفة تزيد على 63 مليون ريال"ويؤدي هذا الطريق إلى اختصار المسافة بين منطقة الباحة ومنطقة الرياض بحوالى 300 كيلومتر". في حين يتمثل المشروع الثالث في ازدواج طريق الباحة - العقيق - المطار بطول 44 كيلومتراً وبكلفة تتجاوز ال118 مليون ريال. وحينما جاء دور وزير الصحة الدكتور حمد بن عبدالله المانع، نوه"بالجهود المشكورة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز في كل ما من شأنه رفعة البلاد وإسعاد العباد". مشيداً في الوقت نفسه بأمر خادم الحرمين الشريفين رفع طاقة مستشفى بلجرشي الاستيعابية من 200 إلى 500 سرير الذي يضع حجر أساسه اليوم كما يضع حجر أساس 43 مركزاً صحياً في منطقة الباحة بكلفة إجمالية بلغت 150 مليون ريال. ثم استأذن المانع خادم الحرمين الشريفين بإعطاء الإشارة بالبدء ل43 مركزاً صحياً ولمستشفى بلجرشي. وكان وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله بن عبدالرحمن الحصين آخر الوزراء المتحدثين في حفلة التدشين، حيث رصدت لمشاريع المياه مبالغ كبيرة. وتحدث في كلمته عن مشروع جلب المياه من وادي عردة في منطقة الباحة، ويتكون المشروع من 20 بئراً سطحية حفرت في وادي عردة، وتمديد خط أنابيب طوله 82 كيلومتراً، وإنشاء خمس محطات ضخ وتوزيع على طول الخط وطاقة الخط 40 ألف متر مكعب يومياً، بكلفة بلغت 325 مليون ريال. كما تحدث وزير المياه والكهرباء عن مشروع مياه العقيق في الباحة ومشروع الآبار السطحية وعن سد وادي عردة الذي تبلغ طاقته التخزينية 70 ألف متر مكعب، موضحاً انه يجري العمل على تأمين مصدر ثالث للمياه للمنطقة، بإنشاء سد وادي ثراد وإيصال مياهه، وبمشروع جلب مياه البحر المحلاة من الشعيبة عبر الطائف بطاقة 40 ألف متر مكعب، لتكون الطاقة الإجمالية اليومية من هذه المصادر قرابة 100 ألف متر مكعب"وستفي بحول الله تعالى وقوته بحاجة المنطقة، مدنها وقراها، إلى عام 1450ه على اقل تقدير، كما تبلغ كلفة المشاريع المعتمدة للمنطقة الجاري تنفيذها من آبار وسدود وشبكات مياه وصرف صحي ومحطات تنقية ومعالجة قرابة بليونين ونصف البليون ريال". وأشار إلى انه انطلاقاً من توجيهات خادم الحرمين الشريفين بضرورة المحافظة على هذه النعمة واستغلالها الاستغلال الأمثل، ولما تتمتع به هذه المنطقة والمناطق الجنوبية الغربية عموماً من أمطار غزيرة يصل معدلها السنوي إلى 400 ملم، مقارنة بالمعدل العام في السعودية، الذي لا يتجاوز 80 ملم. وأضاف:"سعت وزارة المياه والكهرباء وقبلها وزارة الزراعة والمياه إلى نشر السدود السطحية والجوفية على الأودية كافة". مشيراً إلى ان عدد السدود المنشأة في منطقة الباحة بلغ 26 سداً"ويجري العمل حالياً في إنشاء أربعة سدود كبيرة، كما يجري العمل لطرح عشرة سدود أخرى في مناقصة". وأكد أن"هذه السدود أثبتت أهميتها العملية وجدواها الاقتصادية". واستشهد بسد العقيق وخدماته المشهودة منذ ما يزيد على 17 عاماً"يمثل المصدر الرئيس للمياه في الباحة، كما أن كلفة هذه المياه منخفضة جداً مقارنة بتحلية المياه، إذ لا تتجاوز سدس الكلفة، وان استخدمت مصدراً لمياه الشرب، فإن فارق الكلفة هذا يعني أن السد يعود بقيمة كلفته في اقل من سنة واحدة". وتحدث المهندس الحصين كذلك عن الخدمات الكهربائية في منطقة الباحة، مشيراً إلى أن عدد المشتركين هذا العام بلغ 125 ألف مشترك، بزيادة 50 في المئة عن عددهم قبل خمس سنوات، كما بلغ عدد القرى المكهربة في المنطقة 1700 قرية، ويجري العمل في عدد من المشاريع الكهربائية، التي تفوق كلفتها 600 مليون ريال.