من أزمة إلى أخرى، ونحن سكوت بلا شكوى، نحاول التعبير عما يحدث لأمهاتنا وأخواتنا وأبنائنا في غياهب الاحتلال والبطش المنظم ضد الفلسطينيين، والآن أزمة أخرى هي اجتياح لبنان وتدميره بكل الطرق الإجرامية المميزة، ولا ندري إلى أين يمضي هذا المسار بعد ذلك؟ قال القدماء، الأزمة مجموعة أشبار، شبر من دخله ظن أنه يعرف كل شيء، والثاني من دخله ظن أنه يعرف بعض الشيء، والثالث من دخله عرف انه لا يعرف أي شيء، بالتأكيد نحن نتبع الشبر الأول باعتقادنا أننا نعرف كل شيء. وهذا ما ظنناه حينما قلنا واعتقدنا وآمنا إيمانا يقينياً بأن السلام هو الحل مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي، ولكن ما يفعله الإسرائيليون في هذه الأيام يثبت جهلنا، وفشل أية اتفاقات أو دعوات زائفة للسلام معهم، طبعاً إذا لم يكن هذا الاتفاق في مصلحة المحتل لاستقطاع مزيد من الأراضي أو استرجاع أسرى لهم، فأي قمة أو مؤتمر ناجح بكل المقاييس، كان هذا في السابق بالطبع، أما الآن فترى أرواحاً أزهقت، وأشلاء الأطفال تطايرت، وبيوتاً هدمت على رؤوس أهلها، وإن كانوا غير موجودين فيها، فقد هجروها إلى ملاجئ، وأصبحوا مشردين، لا مأوى لهم ولا منجى إلا الله عز وجل. في لبنان قصف يومي للمنشآت والجسور والبنى التحتية، وقتل عائلات بأكملها، وفي فلسطين قتل وتدمير واعتقالات بالجملة، ووصل الأمر إلى اعتقال نساء وأطفال، إذ وصل عددهم إلى أكثر من 120 امرأة وطفلاً، وهذا ما دفع"حماس"للمطالبة بالإفراج عنهم في مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي، إضافة إلى وجود أكثر من 10 آلاف فلسطيني في المعتقلات الإسرائيلية، كل هذا التعنت والغطرسة التي تنتهجها إسرائيل، ليس سببه هم... بل نحن، لأننا نتوهم منذ 58 عاماً ان السلام قد يتحقق مع هؤلاء الصهاينة، ومبادرات ومعاهدات وقمة تلو أخرى ومؤتمرات وإنشاء جمعيات ووعود وأمنيات، ولم نجد سوى القتل والتدمير والقصف اليومي والتهديد المباشر وغير المباشر تجاه العرب والمسلمين، ولا نجد من يستجيب، أو على الأقل يحاول الاقتناع بخطورة الذي يحدث الآن أو في المستقبل البعيد. والدليل على حال الجهل هذا الاختلاف الرهيب في الاجتماع الوزاري لجامعة الدول العربية، إذ أعلن أمين الجامعة عمر موسى فشلها الذريع، ووفاة جميع الآليات والاتفاقات الخاصة بعملية السلام على مستوى الوطن العربي مع إسرائيل، وتحويل هذا الأمر إلى مجلس الأمن، الذي بالطبع لن يكون احسن حالاً، اذاً يجب ان نخص بالشكر الولاياتالمتحدة أولاً والدول العظمى ثانياً وأيضاً دول الثماني الغنية، إذ سلمت معاهدة السلام لإسرائيل لتفعل بها ما تشاء من دون أية مضايقات"للابن المدلل"كما يطلق عليها المحللون السياسيون. إسرائيل كانت بيتت النية لاجتياح لبنان، وكانت تنتظر الفرصة الملائمة لذلك، ولاتهمها سلامة مواطنيها، أو محاولة الدفاع عن النفس ? كما تدعي ? ولكن لسبب واضح جلي للجميع هو ضرب المقاومة اللبنانية، سواء حزب الله أو غيرها، وتوجيه رسالة تهديد إلى سورية بأنها قد تلقى المصير نفسه في حال استمرار دعمها لحماس وحزب الله. لقد سمعنا من بعض المحللين، ان حزب الله ارتكب خطأً كبيراً بهذه العملية، إذ انهم قاموا بوصفها بأنها عملية ناجحة، ولكن المريض مات، أي ان وضع لبنان في مهب الريح، كلام مقنع إلى حد ما، ولكن لو أن إسرائيل التزمت بالمواثيق الدولية وقرارات مجلس الأمن كإطلاق الأسرى والمعتقلين والانسحاب من مزارع شبعا لما حصل ما حصل. والسؤال الأهم في هذا الموضوع: هل سيتحقق هذه المرة اتفاق حقيقي بين العرب في ما بينهم من جهة؟ وضد أية دولة تهدد استقرار المسلمين والعرب وتقض مضجعهم من جهة أخرى، والوقوف وقفة حازمة ضد الإرهاب الحقيقي الذي تمارسه إسرائيل بنا وليس العكس، أمنية ليس الا! إن السلام الحقيقي لكل اتفاق أو مبدأ هو سلامة النوايا أولاً، والحرص على التنفيذ، والأهم من هذا وذاك معرفة من تعاهده على السلام والأمن لجميع الشعوب العربية والإسلامية وليس فقط للبعض! * أكاديمي سعودي. [email protected]