لم يكن السعودي عبدالإله المغربي يتوقع أن زيارته للبنان بعد 35 عاماً، ستنتهي بهذه الطريقة"المقلقة"والسريعة جداً، بسبب العمليات العسكرية التي تنفذها إسرائيل ضد لبنان. فالرجل الخمسيني الذي أغراه أقاربه بالمجيء إلى لبنان لتمضية الصيف في ربوعه، وجد نفسه بعد ظهر أمس مضطراً هو وأفراد عائلته المؤلفة من 17 شخصاً، الى ترك المنزل الذي استأجره ب 4500 دولار في مدينة عالية جبل لبنان ويقصد السفارة السعودية في بيروت لتؤمن له ولأفراد عائلته وسيلة نقل إلى سورية ومنها إلى السعودية. لكن عبدالإله وعائلته لم يكونوا الوحيدين الذين قصدوا السفارة أمس، بل تجمهر مئات أمامها وداخلها حتى أصبحت تشبه"الديوانية"كما قال الشاب السعودي إبراهيم صالح الضريسي 21 عاماً. وهذا الازدحام اضطر المسؤولين في السفارة السعودية إلى تحويل الناس إلى فندق قريب، يتسع لعدد أكبر في بهوه ومداخله، وكذلك يمكّن الحافلات الكبيرة من التوقف براحة أكبر أمامه. ودفع الخوف والقلق الشاب السعودي طارق الذي يدرس في إحدى الجامعات اللبنانية ويقيم في سكنها، إلى المغادرة. وقال:"الوضع خطر جداً وأنا أتصرف وفقاً للمقولة: أعقل وتوكل". ولسان حال الجميع كان كلسان حاله، إذ رأوا سفارة بلادهم في انتظارهم تنفق على نقلهم إلى سورية ومنها إلى السعودية من دون مقابل. ويبدو أن كلفة نقلهم كانت كبيرة، إذ تدفع السفارة لكل حافلة تنقل ركاباً سعوديين وغير سعوديين، نحو 1500 دولار، وعدد الحافلات التي غادرت لبنان بالأمس يعد بالعشرات. مسؤولو السفارة بدوا منهمكين جداً في تأمين رحلة سريعة للسعوديين الذين تحلقوا زرافات وفرادى، عائلات وعزاباً، أمام الفندق وعلى الرصيف، مودعين متعة الإجازة بكثير من الخوف والقلق. وهذا الأمر يسعى الموظفون إلى تبديده، إذ لا يجعلون قاصديهم من السعوديين وغير السعوديين ينتظرون طويلاً. وهم في نهاية النهار بدوا مصابين بإرهاق شديد، ولم يتوان حتى مدير مكتب السفير عن افتراش الأرض من أجل قسط من الراحلة. وقال ل"الحياة"متمنياً عدم ذكر اسمه:"نحن نساعد كل الناس الذين يريدون الذهاب إلى السعودية سواء أكانوا سعوديين أم غير سعوديين، فهذا وضع استثنائي، ونحن حاضرون للمساعدة". وعن عدد الذين غادروا، قال:"لا توجد لديّ الآن أرقام، إذ يتولى عدد من الموظفين تدوين أسماء المغادرين، وتأمينهم بالحافلات، ولا ننسى أن عدداً من السعوديين غادروا بطريقة فردية عبر سيارات عادية من دون أن يقصدوا السفارة". وحول عدد السعوديين الموجودين في لبنان، قال:"أيضاً لا توجد لدي الآن أعداد دقيقة، لكن كان متوقعاً أن يبلغ العدد الأسبوع المقبل بدءاً من 15 تموز يوليو ثلاثة أضعاف الموجودين حالياً". وقدر أحد السعوديين المغادرين، عدد الذين غادروا بنحو 13 ألفاً حتى الآن.