كنت أعتقد أن مرحلة التفتيش المدرسية انتهت، إذ كانت تقوم بحملات مفاجئة على الطالبات تنتهك خصوصيتهن، بتفتيش حقائبهن حتى في حال عدم وجودهن. وهذا الأسلوب يمارس منذ مدة طويلة، وكنت أعارضه، لأنه يعني انتهاك إنسانية الطالبة، لأن هناك خصوصية للإنسان لا تُنتهك لمجرد الشبهة أو الشك، وهو تصرف يولّد حال دفاع عدائية لدى الطالبة أو انتكاسة. ما أكثر من حُرمت من التعليم لأسباب يمكن تلافيها بالحسنى، وما أثير أخيراً من أنه يتم تفتيش حقائب الطالبات من دون وجودهن، هو انتهاك صارخ لخصوصية الإنسان واعتداء على حقوقه. فتشكو كثير من الطالبات من هذه الطريقة، ولا مانع لديهن من التفتيش في وجودهن على الأقل من باب الأمانة، ولكي لا تولّد حال عكسية تؤثر في الإحساس بالأمان، وقد اشتكى بعضهن في حال كن خارج الفصل في الساحة أو في المعمل، يحضرن للفصل، ولا يجدن حقائبهن، وطالبن بأن يتم التفتيش في حضورهن، أي لم يعترضن بقوة على هذا التصرف، أن الفتاة في سن حرجة، فالمرحلة الثانوية أو المتوسطة التعامل معها بغضاضة وبلا حق انساني في التعامل وانتهاك خصوصيتها يولد في المستقبل أماً أو عاملة أو موظفة تتعامل بشكل عدواني في أي موقف، نتاج ما تم من انتهاك هذه الخصوصية. وعلى رغم هذا التشديد، هناك مخالفات كثيرة لم يجد معها هذا الأسلوب، ما دفع الطالبات إلى التصرف بشكل آخر لإخفاء الممنوعات، بحسب قوانين المدرسة... كالعطر والمشط والمرآة وغيرها. لعل المطلوب هو التعامل مع الطالبة بأسلوب مناسب لمرحلتها العمرية، وذلك بالتقرب منها وكسر الحاجز النفسي، ومحاولة التودد والإقناع، لئلا يكون الضغط في المدرسة والمنزل، ما يؤدي إلى الوقوع في حالات نفسية، قد تؤدي - كما سمعنا - إلى"هروب"أو سلوكيات عكسية. الخصوصية، وعدم انتهاكها ضرورة، والتربية قبل التفتيش، وما دامت في حدود لا تضر الآخرين، فلماذا المنع. لكن يبقى أسلوب التعامل هو الوسيلة القادرة على التفاهم المتبادل، بحيث لا يؤدي إلى سلبيات نفسية واجتماعية. [email protected]