واجه الإعلام التربوي في السعودية منذ بداية ظهوره مأزق الهوية والاعتراف، فكان العاملون في الإعلام التربوي يراوحون طوال عشرة أعوام بين مسمى معلم مكلف، أو منسق إعلامي...، وفي هذا العام تم الاعتراف به من الوزارة، ولكن هذا الاعتراف لم يغيّر من الواقع السلبي شيئاً. إذ استمر الإعلام التربوي مهمشاً أو منوماً. وإذا كانت وزارة التربية والتعليم جادة في تبني هذا الإعلام، فإنها مطالبة بإيلاء الإعلام التربوي بعض اهتمامها، فالوضع الراهن للإعلام التربوي لا يسر، ولا ينبئ عن سرور...، بل إن معظم العاملين في هذا المجال ينقصهم الطموح المهني، ويفتقدون الرؤية التطبيقية لا النظرية. إن بإمكان الإعلام التربوي، سواء أكان في تعليم البنات أم البنين، أن يقدم خدمات مهمة للعملية التربوية والتعليمية لذاتها وليس لأشخاصها...، فقد مرت سنوات طويلة على إنشاء أقسام الإعلام التربوي في الوزارة وإدارات التعليم، ولم يلمس العاملون في الميدان التربوي أي أثر له. ولو أردنا أن نقوّم تجربة الإعلام التربوي وإنجازاته، لوجدناها تنحصر في إصدار نشرة متواضعة، أو نشر أخبار مسؤولي الإدارة التي يتبع لها...، وهكذا نجد أن مهام ومسؤوليات الإعلام التربوي اختزلت، حتى أصبحت تنحصر في أعمال لا يليق أن يفرغ لها أناس ذوو خبرة، وإن تهيأت له الإمكانات، في حين يفترض أن يقود الإعلام حملات لتصحيح المفاهيم والآراء المغلوطة عن التربية والتعليم، وأن يسهم في تحصين الناشئة ضد أفكار الفئة الضالة، وأن يغيّر من اتجاهات العاملين في الميدان التربوي سواء أكانوا مديري مدارس أم معلمين أم طلاباً...، وأن يسهم في تحسين الصورة الذهنية للتعليم. إن مشكلة الإعلام التربوي الراهنة في ظني، تكمن في غياب الرؤية الشمولية لهذا القطاع الحساس، وعدم ملامسته واقع المدارس، وهموم المعلمين، وتطلعات الطلاب، ولهذا فلا غرابة أن يعتبره كثير من التربويين إعلاماً قاصراً... يعيش عزلة عن واقعه ومضماره وميدانه. إن الفترة المقبلة تتطلب من القائمين على الإعلام التربوي أولاً قياس مدى استيعاب العاملين فيه لطبيعة مهامهم، وثانياً تفعيل الممارسة الإعلامية في المؤسسات التربوية وليس في المكاتب...، والإعلام التربوي ما لم يكن موجوداً في المدرسة - المحضن الأول للتربية والتعليم ? يرى دوره مدير المدرسة والمعلم والطالب وولي الأمر، فهو في نظرهم على الأقل كبيض الصعو يُسمع ولا يرى له أثر. أنا أجزم أن في أدراج أقسام الإعلام التربوي في جميع إدارات التربية والتعليم خططاً وبرامج ومشاريع إعلامية وتربوية مميزة، ولكنها للأسف لم تُفعّل... ولم يُلتفت لها...، وهذا خطأ بلا ريب، ولكن المرحلة المقبلة لا تحتاج إلى خطط وبرامج فقد امتلأت الملفات والأدراج بالخطط القصيرة والطويلة...، نحن فقط نحتاج إلى التنفيذ...، إلى آليات العمل الميداني...، إلى تنفيذ ورش عمل في المدارس ومراكز الإشراف...، إلى تصحيح نظرة بعض المسؤولين ورجال التربية عن الإعلام التربوي، لأن فاقد الشيء لا يعطيه...، فبعض المسؤولين يحصر مهام الإعلام التربوي في نشر خبر عنه، أو عن إدارته، أو إرسال تعقيب إلى الصحف يبدأ بلا صحة لما نشر...، بينما الواقع أن مهمة الإعلام التربوي أكبر بكثير من تلك الممارسات البسيطة والساذجة. عبدالعزيز البليهد باحث وإعلامي سعودي