الشباب المتعلم ركن أساسي في بناء المجتمع، وثروة لا تنضب، بسواعدهم الفتية يرتفع سور الوطن ويهاب جانبه، وبعقولهم يزداد شأنه وتقوى منعته. فالشباب هم ثمرة غرس الآباء وما بذلوه من جهد وعناء. ومن المعروف للجميع أن مملكتنا من الدول التي ترتفع فيها نسبة شريحة الشباب بين شرائح المجتمع وفق التركيبة العمرية للسكان، إذ تعد السعودية من الدول التي تمتلك ثروة شبابية مهمة لا يمكن الاستهانة بها، بل يجب أن تحظى هذه الفئة من المجتمع بالاهتمام والرعاية المطلوبين على أن يتم ذلك وفق محورين أساسيين. الأول: مراعاة المرحلة العمرية وخطورتها وما تحمله من اندفاع وثورة لإثبات الذات ومدى الإلمام الكامل والواعي من الوالدين للطبيعة الفسيولوجية المرحلية لهذه الفترة من العمر، وما تعكسه من ارتفاع معدل الحماسة على الروية وقياس الأمور بشيء من العقلانية، أضف إلى ذلك ما طغى على شبابنا هذه الأيام، ونحن نعيش زمناً بات كل شيء فيه يسير بشكل متسارع نتاج التقدم التقني العلمي الكبير الذي يشهده عصرنا الحاضر، فانعكس ذلك بتأثير سلبي أحياناً على سلوكيات الشباب، ما ولد جيلاً من الشباب على عجالة من أمره، يريد الحصول على كل شيء بأسرع وقت وأقل جهد، ولهؤلاء أقول: مهلاً أيها الشباب فما أتى بسرعة يذهب بسرعة. الثاني: وهو المحور الذي لا يقل أهمية عما سبقه، وهو عظم المسؤولية الملقاة على عاتق الشباب في بناء المستقبل، فأبناء اليوم هم آباء الغد، وشباب اليوم هم الركيزة الاساسية لقاعدة المستقبل، وهم بناة الوطن ورجاله في شتى فروعه وجميع مجالاته. ومن خلال هذين المحورين، أخذ أعداء هذا الوطن بالعمل على ضرب الأساس المتين في بنائه من خلال التربص بأبنائه، فتعددت بذلك وسائلهم وتنوعت طرقهم، إذ لم يتم ذلك بطريقة عشوائية بل يسير وفق خطة تكتيكية مدروسة، هدفها تدمير عقول الشباب وغايتها النيل من بلاد الإسلام والمسلمين، ومن ثم توجيه ضربة إلى الدين وعقيدة المسلمين، ولهذه الفئة أوقات يزداد نشاطها فيها وتختار فرصها لتقتنص فريستها، على نحو ما رأينا في موسم الاختبارات وتسلل الأيدي الخفية لترويج سمومها بين الشباب بدعوى أنها تعين على التركيز، وما هي في الحقيقة إلا سموم تؤدي إلى الإدمان وهدم العقول والفشل وضياع الأمل. فما أخطر ما يواجهه شبابنا من تحديات وما أشر ما تتعرض له أمتنا من هجمات! وقد أثبتت دراسات ميدانية قام بها الكثير من الباحثين والمهتمين بالشؤون الطلابية أن نسبة المتعاطين لهذه العقاقير من كلا الجنسين تزداد يوماً بعد آخر بين الشباب، وتنتهي بهم إلى الضياع وما يجره من ويلات على الابن نفسه وعلى أفراد أسرته المنكوبة، وبالتالي هدر ثروة من ثروات البلد. إذاً نحن نقف على أبواب مشكلة، وإن كانت ليست بالحجم الذي تعانيه بعض الدول، عافانا وإياهم الله، وأعاننا على تحصين وحماية أبناءنا. وبداية الحل من داخل الأسرة نفسها، من خلال متابعة الأبناء الدائمة من جانب الآباء وتعويد الأبناء على الحوار والشفافية والوضوح وحسن اختيار الأصدقاء. فكلما تعود الابن على حسن انتقاء الأصدقاء، إضافة إلى التعود على قضاء وقت الفراغ بما هو نافع ومفيد نكون قطعنا نصف الطريق في الإعداد السليم في حياة الشاب، وأغلقنا باباً من أبواب الشر، ثم توعية الوالدين لأبنائهم بهذه الأمور وكيفية مواجهتها وما هي نتائجها، وبذلك يكون الجيل حذراً فطناً، فلا يؤخذ على غفلة من أمره ويقع في المحظور. تلي ذلك الخطوة المهمة إن حدث وابتلي أحد الأبناء، فعلى الوالدين المبادرة وبأسرع وقت إلى المراكز المتخصصة للعلاج والقضاء على هذا السم القاتل والمدمر، وبشيء من الصراحة والشجاعة، كي نقضي على المشكلة منذ حدوثها، وكلما كان أفراد الأسرة مترابطين ويحظى الأبناء بقدر كبير من الرعاية الأبوية، سهل ملاحظة أي تغير يطرأ على سلوك الابن منذ اللحظة الأولى، فنكون بذلك قدمنا خدمة كبيرة لهذا الوطن، بتحصين أبنائنا ورعايتهم الرعاية التي سنسأل عنها، كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم:"كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته". صالح المجادعة [email protected]