قدر أكاديميون سعوديون في مجالي التعليم والاقتصاد، أن ثلثي خريجات المؤسسات التعليمية في السعودية من حملة الدبلومات والشهادات الجامعية عاطلات عن العمل، محذرين من زيادة النسبة في الأعوام المقبلة، لا سيما أن عدد الخريجات سيصل إلى نحو 500 ألف بحلول العام 2030. وأوضحت الدراسة التي أعدها الأكاديميون السعوديون وعرضوها في ورشة افتتحها مدير جامعة الملك فهد والمشرف على مشروع"آفاق"الدكتور خالد بن صالح السلطان في الرياض أمس، أن الإحصاءات تشير إلى أن نسبة النمو السكاني حالياً أقل من 3 في المئة، في حين تصل نسبة الخرجين إلى 9 في المئة، ومقدر لها الارتفاع خلال 25 عاماً المقبلة، حتى وإن زادت الجامعات طاقتها الاستيعابية. واستعرضت ورشة العمل التي تأتي ضمن مشروع الخطة للتعليم الجامعي في السعودية آفاق، إحصاءات وتصورات تقديرية حول نسبة الخريجين والخريجات المقبولين في الجامعات وأعدادهم بالنسبة إلى النمو السكاني في الوقت الحالي، إلى جانب التحديات التي تواجه التعليم العالي وتوقعات لشكل سوق العمل وعدد الوظائف المتاحة أمام الخريجين في 25 عاماً مقبلة. وأوضح الدكتور العويشق الذي أدار الورشة أن عدد الخريجين من الجامعات السعودية بلغ في عام 2006 نحو 525750 طالباً وطالبة، مؤكداً أن الاقتصاد السعودي لا يزال عاجزاً عن استيعاب 64 ألف عامل. وقال إن التوقعات لسوق العمل السعودية تشير إلى أن هناك 93905 وظائف في القطاعين الحكومي والخاص بحلول عام 2030، منها 182 ألف للجامعيين، لافتاً إلى أنه إذا افترضنا أن السعوديين سيشغلونها بالكامل - وهذا مستبعد - فسيظل هناك نحو 80 ألف عاطل، وذلك بالنظر إلى نسبة النمو التي بلغت في السنوات الأخيرة 145 في المئة. وأكد ضرورة أن يكون هناك تناسب بين نسبة النمو السكاني وعدد الخريجين. وكان الدكتور خالد السلطان تحدث في بداية حلقة العمل الأولى عن أهمية التخطيط المستقبلي للتعليم الجامعي ليتلاءم مع متطلبات سوق العمل، مشيراً إلى أهمية طرح هذه الحلقة لتصب مخرجاتها لتحسين آفاق التعليم العالي في المملكة والهدف من مشروع آفاق والذي يسعى إلى الارتقاء بالكفاءات الداخلية ومواءمتها لسوق العمل المحلية. وعرض فيلم وثائقي عن مشروع"آفاق". وتناولت ورشة مواءمة مخرجات التعليم العالي مع متطلبات سوق العمل السعودية، ستة محاور، إذ خُصص الأول منها لسياسات واستراتيجيات التعليم العالي، وناقش الثاني إنشاء الجامعات والكليات والأقسام، وبحث الثالث سياسات القبول والتسجيل، وركز الرابع على جودة التعليم وأثرها في استقطاب مخرجات هذه المؤسسات، وكان الخامس حول دور مؤسسات التعليم العالي في دعم توظيف مخرجاتها، واستعرض المحور الأخير تجارب واقعية للجامعات والكليات للتغلب على مشكلة عدم المواءمة بين مخرجات التعليم العالي وبين متطلبات سوق العمل. وبحثت الدراسة التي شارك فيها عدد من الأكاديميين المتخصصين، مجالات مثل خصائص ومتطلبات سوق العمل، وأوضاعها الراهنة ودينامكية العرض والطلب، واستشراف حاجات الخطط التنموية والتوجهات المستقبلية تجاه العمل والإنتاج والتطورات التقنية. وعملت الدراسة على تطوير نموذج وأساليب فاعلة لربط سوق العمل بأنشطة نظام التعليم العالي، وتحديد الأسس اللازمة لتخطيط البرامج والمناهج الدراسية، وتصميمها لتحقيق استجابة التأهيل لمتطلبات السوق. وناقشت الدراسة خصائص البرامج الأكاديمية والحاجة إليها وجدوى محتوياتها وجودتها، ومدى استجابتها لمتطلبات المهن والمهارات التي تحتاج إليها سوق العمل. وبحثت الدراسة خطة وأساليب فاعلة لمواءمة مخرجات نظام التعليم العالي الحالي لحاجات سوق العمل من حيث النوعية، التنوع، وحاجات التأهيل والتحصيل والمهارات للمواءمة مع متطلبات ومستجدات سوق العمل ومؤسسات المجتمع، وجودة المخرجات، والتوافق مع الحاجات التنموية والمستجدات التقنية والتطورات العالمية. أكاديميون يلومون "التعليم العالي" لإهمالها المستقبل ! عاب مشاركون في الجلسة على وزارة التعليم العالي عدم وجود توقعات مستقبلية في أجندتها، مشيرين إلى أهمية تدخل وزارة الاقتصاد والتخطيط وإتاحة ما لديه من توقعات عن مستقبل البلاد مع الوزارات التنفيذية حتى تشاركها في التخطيط. وشددوا على ضرورة وجود تقديرات واضحة لدى وزارة التعليم العالي لسوق العمل على المستقبل البعيد، لا سيما في ظل تضارب أرقام الإحصاءات الدقيقة من جهة حكومية إلى أخرى. وكان مشروع الخطة المستقبلية للتعليم الجامعي في السعودية،"آفاق"، انطلق في 25-8-2005، وأكد القائمون عليها حينها حرصهم على توسيع قاعدة التعليم العالي ومواجهة ازدياد الطلب على مؤسساته. ونفذ فريق عمل"آفاق"في الفترة الماضية زيارات ميدانية إلى الجامعات السعودية وعقد 36 لقاء مع أكثر من 300 طالب وطالبة وعضو هيئة تدريس، وتشير الإحصاءات إلى أن كلفة المشروع الذي تولت إعداده جامعة الملك فهد للبترول والمعادن تبلغ 34 مليون ريال.