لا يشك مسلم عاقل في أن العالم الإسلامي تعرض - وما زال - للعديد من الفتن من فلسطين إلى أفغانستان إلى الشيشان إلى البوسنة إلى العراق، والمستقبل يحمل الكثير، والشاب المراهق مهما كانت عزيمته وقوته لا يستطيع أن يغير العالم، وهو يذهب فريسة وضحية سهلة لأطماع دول كبرى تلعب ألعاباً سياسية. لوسائل الإعلام دور مهم في صياغة عقول الصغار وشرح ما يحصل من نكبات في العالم، وكيف يتعامل معها الشباب بحكمة. وكذلك بيان حرمة السفر لأي بلد فيه قتال وحروب من دون إذن ولي الأمر والأسرة، وما زال إعلامنا لا يتعامل مع مشكلات الشباب بالشكل المطلوب، فالإعلام في واد والشباب في واد آخر، وعليه يجب النزول للشباب وإيجاد البرامج الإعلامية الشبابية التي تخدم هذه الشريحة المهمة من أبناء الوطن. كذلك على الجهات الأمنية داخلية وخارجية منع الشباب من السفر لمناطق القتال والحروب والفتن، هنا أتمنى فعلاً الشفافية في التعامل مع الأحداث السياسية الراهنة في العالم الإسلامي، من الأفضل أن نعلم أولادنا أننا وببساطة لا نستطيع حل كل مشكلات العالم، لماذا لم نحل مشكلة فلسطين حتى اليوم وغيرها كثير؟ إذاً يجب الاعتراف بأن المشكلات الكبرى لا تحل بحلول فردية وباجتهادات شخصية بعيدة من الواقع الفعلي، هذا الواقع باجتهادات البعض الشخصية هو ما أوقع أكثر من 100 شاب سعودي في أن يصحبوا سجناء في قاعدة غوانتانامو الأميركية. وكمتخصص في العنف والجريمة والإجرام أرى أنه يجب علينا جميعاً كمجتمع تعلم الهدوء والحكمة. العراق مثلاً هناك بعض الشباب يذهبون إلى هناك مع أن أهل العراق أنفسهم يطالبون كل يوم بعدم حضور أي شخص، إضافة إلى أن الشاب يذهب إلى هناك ولا يدري من يقاتل ولا مع من، من هو الصديق ومن هو العدو، وللأسف يستخدم الشاب السعودي هناك في عمليات التفجير الانتحارية، ليموت ببساطة متناهية، لأنه ذهب إلى هناك للموت والشهادة، هذه ثقافة تدعو للعنف، يجب ان نتخلى عنها ونتعلم ثقافة الحوار حتى مع الأعداء، وأننا لا نستطيع حل مشكلات العالم بفردية وباجتهادات شخصية. أيضاً أتمنى زيادة فرص العمل للشباب، فمتى ما كان للشاب عمل، صعب معه ان يتركه وان يقطع مصدر رزقه، وقلة الدخل أو انعدامه يدفع بالشباب إلى حالة من اليأس، وتسهل عليه عمل أي شيء في حياته فقط ليثبت لنفسه أنه نافع وأنه قام بعمل شيء يفيد نفسه أو أمته. إذاً العمل مطلوب، خصوصاً إذا عرفنا أننا في هذا الوطن الكريم نحتضن ملايين البشر من خارج الوطن، وهم يأخذون لقمة العيش من هذا الشاب، والذي عندما لا يجد عملاً فانه لا مانع لديه من السفر إلى خارج الوطن أحياناً لمناطق الحروب والقتال. زيادة المشاركة الشعبية للشباب في الأندية والمراكز الصيفية ومجالس الأحياء والجمعيات الخيرية والأعمال التطوعية من الأهمية بمكان، خصوصاً للشاب الذي يود في مرحلة المراهقة إثبات الذات أمام الأقران، وان لم يكن هذا بطرق مشروعة كما ذكر سلفاً فسيثبتها بطرق غير مشروعة بالقتال والحروب وأحياناً الجريمة والعنف والإرهاب. يجب أن ننمي روح الوطنية والبذل والتضحية للوطن لدي شبابنا، وأشعر بالحزن حين أرى عاملاً قادماً من بلاد فقيرة مثل بنغلاديش أو الهند أو باكستان أو نيبال أو غيرها يرسم علم بلاده على ناقلته ويكتب اسم وطنه، ويكتب عبارات مثل أحب وطني، وفي أرقى الأوطان نعتبر حب الوطن من الأمور الفاسدة مع أن رسولنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم قال عن مكة: "والله لأنت أحب البقاع إلى نفسي". ومع هذا فالكثير يعتبر حب الوطن من المنكرات والكبائر، لأننا تعلمنا على نمط أممي هدفه الأمة كلها، وأهملنا الجانب الوطني، ونحن اليوم للأسف ندفع الثمن بهؤلاء الشباب في سجون غوانتانامو وفي الإرهاب والفئة الضالة التي ترغب في تدمير هذا الوطن الكريم ومقدراته وخيراته، ويجب أن يكون هناك توازن في الفكر، يقوده قادة وعلماء ومفكرو الأمة والوطن. علينا جميعاً كمجتمع الاهتمام بالإنترنت والاتصالات التي يقوم بها الشاب، خصوصاً في مقاهي الإنترنت والمنازل، وفي المنزل مهمة الأسرة واضحة للرقابة، ويجب أن تكن للجهات الأمنية رقابة على مقاهي الإنترنت، مثلاً على صاحب المقهى أخد هوية كل من يدخل المقهى للرجوع لهم في أي وقت، كذلك أن يكون لصاحب المحل شاشة مركزية يستطيع من خلالها مراقبة الشاشات في محله. أتمنى فرض التعليم الإجباري على الجميع حتى الثانوية، فكلما قل التعليم سهل التأثير في الشباب لعمل أي شيء مثل السفر لأماكن الحرب أو حتى الدخول في منظمات إرهابية أو ضالة، وذلك لعدم وجود بدائل بسبب قلة التعليم. كذلك أتمنى نشر ثقافة المرح والسرور في المجتمع، فمجتمعنا للأسف تنتشر فيه ثقافة الحزن وبعمق، هنا يجب تفعيل النوادي والمجالس في الأحياء والمدارس لعمل برامج للشباب بعد المدرسة، برامج تهدف لنشر روح المرح والفرح بين الشباب وقضاء الوقت بطرق جيدة. أتمنى فتح باب التدريب في المدارس بعد العصر، دورات في الحاسب واللغات وصيانة الأجهزة والسيارات والكهرباء وغيرها كثير، تقدم مجاناً للشباب للقضاء على وقت الفراغ. إذا نحن لم نستغل وقت الفراغ بالمفيد فإنني أخشى دفع الثمن عندما يستغل وقت الفراغ في مشاريع قاتلة خطيرة. ورجوعاً لأسر السجناء في غوانتانامو فأمل منهم التنسيق في ما بينهم مع وزارة الداخلية، فالذي أعرفه أن وزارة الداخلية لها جهود في هذا المجال ولها اتصالاتها مع الجهات الأميركية، كذلك وزارة الخارجية لها دور بارز في هذا المجال في رفع قضايا في المحاكم الفيدرالية الأميركية للمطالبة بإطلاق سراح هؤلاء الشباب، كذلك أتمنى من الأسر عند الكتابة لابنهم المحتجز هناك أن ينصحوه بالصبر والاستفادة من وقته هناك بشيء مفيد لمستقبله، مثل حفظ القرآن الكريم والعلم النافع، كذلك أن يعرف الشاب أن هذا هو قدره ويجب عليه الإيمان بالقضاء والقدر، والرضا بما كتبه الله عليه حتى تنتهي المشكلة. المهم والذي آمله أن تنسق هذه الأسر جهودها مع الجهات الرسمية في السعودية، خصوصاً أن القيادة لم تألُ جهداً في المطالبات المستمرة للإدارة الأميركية بإطلاق سراح هؤلاء الشباب، كذلك ينسق مع الجهات الرسمية في السعودية في أن ترفع قضايا في المحاكم الفيدرالية الأميركية، لأن بقاء شخص معتقلاً لهذه المدة الطويلة من دون محاكمة أو حتى توجيه تهمة مناف للقانون الدولي وحتى للدستور الأميركي. * أكاديمي سعودي