من المواضيع التي يجب طرحها للنقاش بكل هدوء، ومن دون استحياء، انتهاك جسد الطفل، من الذين يكبرونه سناً. ولا يدرك الكثير من الآباء والأمهات الرواسب السلبية التي تنمو مع الطفل الذي يتعرض إلى التحرش والاعتداء الجنسي. ومما يؤسف له بشدة، أن معظم الاعتداءات يرتكبها الأهل والأقربون. فتيات كثيرات فشلن في حياتهن الزوجية نتيجة ما ترسب في العقل الباطن من تجارب سلبية، كرهن الحياة العاطفية، وأصبح الزوج في نظرهن وحشاً مخيفاً يذكّرهن بالمعتدي على طفولتهن. ورد في اتفاق الأممالمتحدة حول حقوق الطفل ضمن المادة 19:"تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كل أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية، وهو في رعاية الوالد الوالدين أو الوصي القانوني عليه، أو أي شخص آخر يتعهد برعايته للطفل". ويحسن بنا في هذا المقام، أن نذكر التوجيه التربوي الكريم من المربي العظيم، الذي لا ينطق عن الهوى، عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم:"مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع"، وفيه إشارة واضحة للتفريق بين الأولاد ذكوراً وإناثاًٍ في المضاجع، ولو كانوا من جنس واحد، ولم يحدد الأمر الفئات العمرية. وأكدت إحدى الدراسات التي قامت بها اللجنة القومية لمنع إيذاء الأطفال كما ذكرت جريدة الوطن السعودية أن هناك عشرات الآلاف من الأطفال الضحايا الذين يعانون من الصدمات النفسية الشديدة مدى الحياة نتيجة إيذائهم. وتبين أن هناك 77 في المئة من هؤلاء المعتدين آباء للأطفال الضحايا، و11 في المئة من أقاربهم، وان أكثر من 75 في المئة من المعتدين هم أشخاص معروفين للضحية تربطهم بالطفل علاقة قربى أو معرفة. مما سبق يتضح لنا أن تعنيف الطفل ظاهرة عالمية، وانه يكثر داخل الأسرة، وان مصدر الأمان بالنسبة إلى الطفل هو سبب إيذائه أحياناً، ولذلك أرى أن من الضروري أن ندخل إلى أعماق هذه المنطقة الشائكة ونتطرق إلى مفهوم القضية نظرياً ثم ندخل إلى أعماق الأسر المهترئة، التي يؤذى فيها الطفل وتحديداً لا يحترم جسده نتيجة إهمال الأسرة، ما يترك آثاراً في الضحايا لن يبرأوا منها مدى الحياة. إن كلامنا عن هذه القضية الحساسة هدفه أن نستنهض الوعي لدى الأسر المهملة عن جهل أو انحراف في الفطرة، وذلك لاتخاذ الاحتياطات التي تحمي الأطفال الذين هم أمانة في أعناقنا. عدنان كيفي- جدة kaifi_adnan@hotmail،com