لم يكن ساير الشمري يعي أن الوقت الذي سيستغرقه في صيدلية كان يعتزم شراء أدوية منها، كفيل بأن يفقده سيارته التي كانت متوقفة عند باب الصيدلية، وهاتفه الجوال، الذي كان في داخلها. ويطلق سكان في حفر الباطن على لصوص السيارات"عيون الخفافيش"، فهم على أهبة الاستعداد لاقتناص الهفوات وتنفيذ سرقاتهم المتكررة والجريئة في آن. حاول ساير بهدوء شخصيته أن يتصل بالسارق من جوال الصيدلي، عبر جواله الذي تركه في السيارة، وأصبح من الأملاك المُستولى عليها من السارق، الذي سعى إلى إقناعه بإعادة الجوال والسيارة، فجاء الرد من السارق، الذي كان يجيب بكل جرأة أن"السيارة لن تعود إلا بعد أن استمتع بها، أما إعادة الجوال، فسأنظر في الأمر". وحتى اللحظة لا يبدو أن السارق مل من قيادة السيارة ذات الدفع الرباعي. وتتزامن سرقة سيارة الشمري مع انطلاق أسبوع المرور الخليجي، تحت شعار"الالتزام فيه الأمان"، في إشارة إلى أن حفر الباطن في حاجة إلى"شهر مرور"لخلق حالة من الانضباط، ومحاصرة جموع المتهورين وخاطفي الأرواح، في ظل حالة من اللا وعي المروري، تسود أوساط الشبان في كيفية احترام قواعد المرور. ويعد تجاوز الإشارة الحمراء سمة سائدة في شوارع المحافظة، والسير في الاتجاه المعاكس مُتوقع في كل لحظة، وأسهم ضعف الإمكانات، قياساً مع النمو السكاني في المحافظة في عدم قدرة رجال المرور على فرض الهيبة على المتجاوزين ومخترقي القوانين، فلا يكاد يمر يوم إلا وتقع حادثة مرورية قاتلة. ويؤكد فهد الظفيرى أن"أسبوع المرور يجب أن تتخلله حملات توعية شاملة، يتفاعل معها الجميع، وأن توجه في شكل خاص إلى طلاب المدارس، فهم الفئة الأكثر تورطاً في المشكلات المرورية، ويجب أن يتم تكثيف نقاط التفتيش في المحافظة في شكل منتظم". ويقول رافع فهد:"لم أشعر شخصياً بأهمية أسبوع المرور، ولا بالدور الذي يهدف إليه، على رغم انتشار اللوحات الإرشادية التي تشير إليه، وكان من المفترض، وبخاصة في حفر الباطن، التي تعاني من مشكلة مرورية، أن يتم تأصيل المعاني الحقيقة للثقافة المرورية، عبر استغلال هذه المناسبات، بحيث لا تمر مرور الكرام". ويؤكد مصدر أمني في حفر الباطن أن"المسؤولية مشتركة بين المرور والأسرة، حيث يصر الكثير من الآباء على إلقاء كامل المسؤولية على رجال الأمن في إعادة تربية وتوعية أبنائهم، فهم لا يعرفون عن تصرفات أبنائهم وسلوكياتهم شيئاً، وكيفية استخدامهم السيارة في شكل يهدد أرواح الآخرين، وعندما يتم احتجاز شاب، يذهب والده إلى أكثر من شخص من أجل الواسطة في إخراج ابنه من الحجز، ومنهم من يشير إلى أن ابنه سرق منه مفتاح السيارة، وهو ليس مسؤولاً عن تصرفاته، ومنهم من يعطى ابنه الصغير السيارة ليقودها، ظناً منه أن ذلك يجعل منه رجلاً، يعتمد عليه وفق مفاهيم بالية، ما زالت مسيطرة على بعض العقليات".