أوضح إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور عبد الرحمن السديس، ان من صور الفساد الخطيرة المستشرية في كثير من المجتمعات، ما ينال اقتصاد الأمة من المعاملات الربوية المحرمة، الماحقة للبركة والجالبة لسخط الله، وما السعي المادي الذي يتابعه المراقبون لكثير من صالات تداول الأسهم العالمية، وأسواق البورصة الدولية، وما آل إليه كثير منها من أزمات خانقة، إلا نذر وعبر لمن يعتبر، ولولا لطف الله، ثم ما وجّه به ولي الأمر وفقه الله، لحصل مالا تحمد عقباه، غير ان الغيورين يتطلعون إلى أسلمة هذه الأسهم والأوراق المالية، والتزامها في تعاملاتها بالضوابط الشرعية. وقال إمام وخطيب المسجد الحرام في خطبة الجمعة أمس، ان من بين سلسلة الفساد ما تعمد اليه الفئة الضالة المارقة، من إيقاظ الفتن في أفكار حالمة ومناهج هائمة، تعمد إلى سفك الدم الحرام والعثوّ في الأرض والإجرام، وآخرها محاولة تفجير مكتسبات هذه الديار وتدمير منشآتها وقدراتها، التي هي رمز قوتها وعظم سطوتها المتين، ورهبتها بين العالمين. وأوضح ان من ضروب الفساد ما لوث صفاء البيئة وجمال الطبيعة، وذلك بنشر المواد الكيماوية المدمرة والتجارب النووية الفتاكة والنفايات الغازية السامة، وما يعمد إليه العالم من سباق التسلح وأسلحة الدمار الشامل، التي تنجم عنها الإبادة والأمراض والأوبئة الفتاكة، وتفسد البيئة وتلوثها. ودعا الدكتور السديس أهل الإعلام والدعاة والصلحاء إلى الالتفاف والتوارد على ميثاق شرف واحد، وان يصلحوا ما اختل وفسد من المجتمع، وتقويم ما سلب من العزة والهيبة والكرامة، وان يرتقوا بالأفكار ويجددوا ما فاتهم من وحدتهم، وان يهبوا لميادين الصلاح والإصلاح بأفعال سديدة صالحة وغانمة. وقال:"ان من يمر وينزلق في طغيان التدمير الذي حرمه الله اشد تحريم، وتوعد آتيه بالعذاب الأليم، وشن المعارك والحروب وإضرام النيران والخطوب وقتل الأبرياء والعزل، بغية إذلال الأمة وطمس حضارتها واستنزاف خيراتها وثرواتها، في عصر تتعالى فيه دعاوى الإصلاح والسلام وصرخات التعايش والوئام ومحاربة الإرهاب، وهذه الشعارات البراقة والرقراقة توقد نارها الصهيونية العالمية رائدة الإرهاب الدولي بلا منازع، لاسيما في ارض فلسطين والأقصى ...، وكذلك الإفساد وما يدور في بلاد الرافدين من صنوف الفساد والتنكيل والحصار والتقتيل، وما وصلت إليه من التطاول على بيوت الله والإضرار بالمساجد ودور العبادة، وانتهاك حرماتها وترويع الساجدين الآمنين، فأي حضارة إنسانية وعمرانية زعموا... فقاتل الله الإفساد الجالب للخزي والعار، والحانث بالمواثيق والعهود. واختتم إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس خطبته قائلاً:"ان من الخداع الماتك وطول الفساد الهاتك، التباكي على حقوق المرأة وقضاياها وإنسانيتها، وهو زيف مكشوف ومكر مألوف، يرمي به الأعداء إلى تأليب المرأة المسلمة على إسلامها وقيمها ومثلها، وتمردها على حجابها، في قرصنة فكرية وثقافية وسمسرة عولمية وأخلاقية، تخرق سفينة المجتمعات الإسلامية لتصبح أداة طيعة في براثن العولمة والتغريب، ودمية صائغة في مطامع اللذات، ويشاركهم في ذلك جهال من بني جلدتنا ومن يتكلمون بلغتنا، ممن أغروا العدو بنا وقد غشيت أبصارهم التبعية المهينة". وأشار إلى أنه - ولله الحمد - أن المرأة المسلمة، لاسيما فتاة هذه الجزيرة الشماء، على حصافة من هذه الدسائس الدنيئة، والعجب عندما يتصارحون ويتطارحون بمصطلحات الحقوق والتحرير والحريات، ويعقدون لذلك المؤتمرات والمنظمات، وأعمدة الصحف والمقالات والمجلات والفضائيات والمنتديات والشبكات العنكبوتية والمعلومات، أما قضايا الشعوب التي تطحن وتباد، والأراضي المقدسة التي تنتهب ولا تعاد، فتلك صرخة في واد، ونفخة في رماد، والله المستعان. وقال:"إن الشريعة الإسلامية أتت حاضة على الإعمار وناهية عن الدمار والهدم، فهي شريعة إشادة لا إبادة"، مبيناً أن الإفساد بشروره وجنحه يحيل الحياة الدنيا البهيجة إلى أرض فاسدة وحياة كئيبة، فالفساد يهوي بالقمم والقيم والامجاد، ويقيم على الامم مآثر الفساد".