نشرت جريدة"الحياة"يوم الجمعة الموافق 4 محرم 1427ه، العدد 15645 مقالاً بعنوان"زوجة واحدة لا تكفي في كثير من الأحيان"للأخ حيدر بابكير، في باب بريد محلي. وذكر الكاتب أن التعدد يؤدي إلى التكاثر ومن ثم إعمار الأرض، ويحقق الكثير من المنافع على المجتمع وجميع الزوجات! فهل كان هذا التقرير الكلامي من خلال إحصاءات قام بها شخصياً على المجتمع وعلى هذه الأسر؟ أم أنها حالات شاذة ونادرة؟ أي فائدة تريد أن تقنعنا بها؟ وهل غياب الأب عن منزله يوماً أو يومين هو فائدة لزوجته وأولاده؟ إن اجتماع عدد كبير من النساء والأولاد في منزل واحد هو أقرب إلى المهزلة الاجتماعية التي تحركها مشاعر الكره والحقد والغيرة بين أفراد الأسرة، وتفادياً لهذه الشبهات تصبح هذه الأسرة عضواً دائماً في مسرحية السعادة المزيفة إمام الآخرين، على رغم أن هذه التجربة كانت موجودة في الماضي، لكن المجتمع الخليجي تغير جذرياً، خصوصاً بعد ظهور النفط، سواء في نسقه الأسري أو التعليمي أو الاقتصادي. وأين إعمار الأرض، وسجلات الإرشاد المدرسي تعج بالشباب المنحرف الضائع، وبأسماء الطالبات اللواتي تعانين من مشكلات أخلاقية وإقامة علاقات محرمة، والسبب هو غياب دور الأب، وعدم حرصه على تربيتهم. فمن أين له بالوقت لكي يراقب أو يهتم وعقله يعاني من زحمة حاجيات بيوته المتعددة. لقد أسهمت أنانية الأب في الركض وراء إشباع غرائزه الحيوانية في ضياع أولاده، ونحن نعيش في وضع اقتصادي يجبر الرجل على نوعية معينة من العيش من أجل تلبية طلبات أولاده التي تجعل جيبه دائماً مثقوباً. إن أهم ما تحتاجه الأسرة هو الأمان، الذي يغذيه الأب في شريانها، لكي تقاوم كل الأوبئة الخارجية بصمود، وحين تفقد الأسرة الأمان بغيابه يبقى الإهمال كالوشم في نفوس الأبناء يهدد مستقبلهم. قال نبي الله محمد، عليه أفضل الصلاة والسلام:" كفى بالمرء أثماً أن يضيع من يعول". أما مقولتك: إن الزوجة لا تترك الطبيعة تسير في مسارها الطبيعي وطبيعة الرجل هي في التعدد، فدعني أخبرك عن طبيعة أخرى في الرجل أيضاً وهي الاستقرار، فهي نزعة فطرية عند الإنسان وهذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان... الاستقرار في العمل والأسرة يؤثر في الجانب النفسي، والتشتيت والتنقل يسلبان المرء هذه النزعة. ومن هنا سنعرج على خبايا المرأة، التي يتجاهلها الرجل باسم الشرع والدين! في داخل كل امرأة قنبلة موقوتة إذا حاول الرجل نزع فتيلها فانه لن يعرف أبداً السلامة النفسية حتى مع أولاده أيضاً. ومن قال إن الزوجة الأولى هي التي تغار فقط، فحتى الثانية تكتوي بنار الغيرة، فهذا الرجل إذاً نزع فتيل قنبلتين في آن، لذا ستكون السعادة في حياته لحظات معدودة. غيرة المرأة ليست قنبلة فقط، والشعور بها صعب السيطرة عليه وضبطه، خصوصاً حينما يواكبه تقصير من الرجل في حقوقها الزوجية. وأسوأ ما في الأمر الأطفال، الذين يتشربون كره الأم وحقدها على أبيهم، الذي تنازل وبكل بساطة عن دفء الأسرة. كم سمعنا عن إخوة لا يعرفون إخوتهم، ونظرة خاطفة على المحاكم تكفي لنرى كم من البيوت معطلة وكم من الأموال مجمدة بسبب اختلاف الإخوة والزوجات، وبدلاً من الترحم على الأب تنهال عليه اللعنات والشتائم. واستنكرت المثال الذي أشرت إليه وهم رجال الغرب، فمتى كان الغرب قدوتنا؟ أتمنى أن تفكر جيداً في التحليل النفسي للرجل الذي تكثر بصمات النساء في حياته، فهذه النفسية لها رواسب طفولية طاردته بقوة فجعلته حبيس التفكير في الشهوة الجنسية. إن الإسلام جعل الزواج الثاني باباً للطوارئ في حياة الرجل، تماماً مثل الطلاق، ولكن للأسف أخطأ كثيرون في فهم هذا الحق الشرعي. ويظل الوفاء الزوجي أروع ما في الأسرة، على رغم وجود هذا الحق مع الرجل واستطاعته أن يستخدمه.إن التعدد، في رأيي، ينتشر بين العصبيين والمتهورين المغرورين والعاجزين عن حل مشكلاتهم الزوجية بحكمة وعقلانية، ولا تنتشر هذه الفكرة بين الواعين والمثقفين، لأن مثل هذه الخطوة يحسبون لها ألف حساب قبل الدخول في منطقة الألغام التي تسلبهم الأمن النفسي والاقتصادي. والآية القرآنية واضحة:"فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة"... فمجرد أن تنتابهم مشاعر الخوف يثنيهم الله عن هذا القرار، وتنجم عن سوء استخدام الرجل لهذا الحق الشرعي مآس في المجتمع، يفضل الصمت عنها، لأنها تتعارض مع حق شرعي لفخامة الرجل الشهواني. عاتكه دهيم - صفوى أستاذة علم الاجتماع