{ تعتبر الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون من المؤسسات الحاضنة والراعية للعديد من الأنشطة الثقافية والفنية. تأسست في 26-11-1393ه. وكونها معنية بالشأن الثقافي، فإنها دائماً في دائرة الضوء، والمحصلة أن مثقفي البلاد ومبدعيها انقسموا حولها بين قادح ومادح لفعالياتها ونتاجها، وفي الآونة الأخيرة ومع متغيرات الساحة الثقافية، بداية بإنشاء وزارة الثقافة، وضم الجمعية إليها، ومن ثم تأسيس وكالة الوزارة للشؤون الثقافية، وصولاً إلى النقاشات حول الأندية الأدبية وضرورة هيكلة إداراتها من جديد، هذه الأجواء عرضت الجمعية للكثير من الانتقادات، كعدم المواكبة مع المتغير الثقافي، وبأن برامجها لا ترضي طموحات وتوجهات المثقفين، المطالبين بتغييرها، كل ذلك أفقدها الكثير من المتفاعلين معها، وللوقوف على حقيقة هذا الوضع، تحاورت"الحياة"مع المسؤول الأول في الجمعية ورئيس مجلس إدارتها محمد أحمد الشدي، الذي أجاب وبرحابة صدر على الكثير من التساؤلات المثارة حول الجمعية وأدائها الراهن. فإلى نص الحوار: بعد انتقال الجمعية إلى وزارة الثقافة والإعلام... كيف يمكنك تقويم للمرحلة السابقة؟ وهل أدت الجمعية دورها المطلوب؟ - تعتبر الجمعية من أقدم المؤسسات الثقافية في المملكة، وأنيطت بها مسؤولية الثقافة والفنون، وقد روعي في نظامها أن تكون مؤسسة شبه أهلية بإعانة وإشراف الدولة، وهي تمارس أعمالها بمرونة وسلاسة بعيداً من"الروتين"الذي لا يتوافق مع المتعاملين مع الجمعية، وهم شرائح عدة من المثقفين والمبدعين، ما جعل مؤشر العطاء في تصاعد مستمر، وللجمعية الفضل الكبير في إظهار عشرات المبدعين والمبدعات من أبناء الوطن الذين أثروا الساحة بإسهاماتهم القيمة بكل ألوان الطيف الثقافي، وشملت خدمات الجمعية معظم أرجاء الوطن، في اكتشاف المواهب مسخرة لذلك إمكاناتها في تنمية الثقافة الوطنية، وللجمعية السبق في تمثيل المملكة في الكثير من الفعاليات العربية والدولية. والآن فالجمعية ترتبط بوزير الثقافة والإعلام، أما تقويمي للمرحلة فأنا راضٍ عن ما تم تقديمه وإنجازه في الجمعية على مدى ربع قرن. لكن، هناك من يتهم الجمعية بأنها لم تكن كالسابق في تعاطيها مع الشأن الثقافي... ماذا تقول؟ - الجمعية مستمرة في تنفيذ برنامجها السنوي، ولا أستطيع البت بأن كل ما يقدم له صداه ، فدائماً ما تنظر الصحافة إلى المركز الرئيس للجمعية في الرياض باعتباره مركز الثقل وتهمل بقية المناطق، والمركز عليه مسؤولية الإشراف والمتابعة الكلية لما يقدم في المناطق من الناحية الإدارية والفنية، ناهيك عن الإعدادات لتمثيل المملكة خارجياً . يقال إن الجمعية تكرر نفسها فالذي قدم العام الماضي يقدم هذا العام؟ - تنوع العطاء الثقافي مطلوب وما ذكر لا يمثل شيئاً من الواقع فالنمطية محدودة، ولا يمكن التكرار لكن التفاعل هو الأهم ، وما أعنيه هو التواصل مع البرامج المطروحة كالتشكيل، المسرح، التراث، الشعر، السرد، والمشاركة فيها من أرباب الثقافة والإبداع، والساحة الثقافية إجمالاً تشهد ركوداً من حيث حضور فعالياتها. يقال إن هناك قصوراً إعلامياً من الجمعية أفقدها الحضور الجماهيري... ماذا تقول؟ - الإعلام عنصر مهم للغاية لأي عمل فما بالك بالثقافة، ألوم بعض وسائل الإعلام المقروءة التي لا تنشر أخبار وفعاليات الجمعية، وقد نضطر أحياناً إلى اللجوء بنشر إعلانات مدفوعة الثمن، كما أرى أنه من المؤسف جداً أن تتعرض الجمعية لهجوم من بعض محرري الصحف من دون الاطلاع على واقع الجمعية وما تقدمه من أعمال وهم بعيدون منها فمن سمع ليس كمن رأى، ومع ذلك نقوم بإرسال أخبار الجمعية ونتواصل مع محرري الصفحات الثقافية، وفي الغالب تُهمل الأخبار ولا تنشر. هناك من يطالب بفصل الثقافة عن الجمعية، وتغيير هيكلها الإداري... فما تعليقك؟ - للأسف الشديد تتعرض هذه المؤسسة بين آونة وأخرى للكثير من الحيف والجحود من أقرب المقربين إليها، وما لا يقبل أبداً أن يأتيها ذلك الحيف ممن يعمل بها، أو عمل ثم تركها برغبته ثم أخذ يهيل التراب في الماء الذي شرب منه يوماً، دعك ممن مددنا له يد أخوية، فقابل ذلك بإساءة مستمرة، فهذا عمل غير شريف ولا ينم عن تفقه أو فهم في الطرح والمناقشة، بل إن أحدهم وقفت الجمعية معه وهي الآن تطبع كتاباً له، وهو مستمر في هجومه، فماذا تسمي هذا؟ ثم إن الجمعية ذات استقلالية تامة بكيانها أي ذات شخصية اعتبارية، وأسست كجمعية للفنون، لكن أراد لها مؤسسها الأمير فيصل بن فهد - رحمه الله - أن تكون ذات مدلول ومعنى بإضافة الثقافة إلى مسؤولياتها، بموجب موافقة ملكية كريمة فعملت على ملئ ورفد الساحة بكل الإبداعات التي نثرتها على ربوع الوطن، لأنها أخذت بيد المبدعين والموهوبين وصقلت إبداعاتهم على يد العديد من الكوادر الوطنية، التي تعمل في جهازها الممتد من البحر إلى البحر. وبالتالي قدمتهم إلى الساحة بكل شفافية وصدق، أما الذين يطالبون بالفصل والتغيير فأعتقد أن القمة واسعة وتتسع للجميع. فالجمعية بنظامها الأساسي أتت لتواكب المشهد الثقافي، وهي بمثابة رابطة للمثقفين تجمعهم وتعرف بهم، بعيداً من تعقيدات و"روتين"الإدارات الأخرى، لأنها تتعامل مع فئة لها خاصية يلزم أن تتوافر لها الأجواء المناسبة للإبداع، فالمرونة التي قامت عليها أكدت أنها جهاز شبه أهلي ترعاه الدولة، وهي بذلك لم تكن غريبة في تعاطيها مع الثقافة والمبدعين ووجودها طبيعي مثلها مثل كل المؤسسات الثقافية القائمة في العديد من الدول الشقيقة. ثم إن مجلس إدارتها يتشكل من المثقفين في كل التخصصات. أنت من المؤيدين بأن تبقى الجمعية، مؤسسة شبه أهلية؟ - نعم، فأنا أتعجب من أن الذين كانوا يطالبون بإيجاد وزارة أو مؤسسة عامة، تستوعب كل قطاعات الثقافة في البلاد أصبحوا بعد إيجادها ممثلة بوزارة الثقافة والإعلام يطالبون بتجزئة هذه المؤسسات، ويا ترى مَنِ المستفيد من ذلك؟ فالجمعية ستبقى كياناً مستقلاً كما أكد ذلك وزير الثقافة والإعلام تدار من مجلس إدارتها، وإلا تصبح إدارة من إدارات وزارة الثقافة والإعلام. تفعيل دور المرأة الثقافي كيف ترى مشاركة المرأة في فعاليات الجمعية؟ - للمرأة نصيب كبير من الفعاليات، وقد وضعنا خطة هذا العام لتفعيل دورها الثقافي بتكوين عدد من اللجان الخاصة لإدارة شؤونها الثقافية، في كل من الرياض، وجده، والدمام، وحائل، وجازان. وستكون المرأة موجود إن شاء الله بشكل مرتب في أماكن خاصة بها ويحقق طموحاتها. كما نحرص أيضاً على ثقافة الطفل السعودي، إذ أنشأنا إدارة خاصة به تعمل على برمجة حاجاته من عدد من المختصين في شؤونه. بعض الفِرَق المسرحية قدمت عروضاً في المتنزهات العامة... ما دور الجمعية الإشرافي هنا؟ - نحن نشجع قيام الفِرَق المسرحية التي تقدم مادة ترفيهية مناسبة للمجتمع، لكن الأمر يتطلب عدداً من الضوابط التنظيمية. وفي وقت سابق صدرت تعليمات من الرئاسة العامة لرعاية الشباب بهذا الخصوص، إذ انه لا بد من تسجيل هذه الفرق رسمياً تحت إشراف الجمعية، وعدم تقديم أي عرض قبل مشاهدتها من لجنة مختصة تكلفها الجمعية. ومن هذا المنطلق يمكن أن توجد فرق مسرحية أهلية، تقدم فناً راقياً يسهم في دفع الحركة المسرحية في بلادنا. ما أبرز ملامح خطة الجمعية للموسم الثقافي الحالي؟ - هناك العديد من الفعاليات التي تم وضعها، وسيتم رفعها إلى وزير الثقافة والإعلام لإقرارها، إذ لدينا أكثر من ألف فعالية، ناهيك عن البرامج اللا منهجية، التي تم وضعها في الحسبان. لكن من أهم المشاريع هو افتتاح فرع جديد للجمعية في منطقة نجران، وإنشاء أول مركز ثقافي في الدمام وعودة القوافل الثقافية وقيام أكاديمية للفنون المسرحية، وتأسيس لجنة للتصوير الضوئي في الرياض وتفريغ عدد من المثقفين والفنانين للعمل بالجمعية. يرى بعض النقاد أن نادي القصة لم يعد كالسابق، ناهيك عن عدم تواصله مع مثيله العربي... وماذا عن مبنى النادي الذي صرحتم بتأسيسه أخيراً؟ - نادي القصة أُسس منذ ما يقارب 25 عاماً، وهو من أهم أركان الجمعية في تفريخ المبدعين من كُتاب القصة والرواية، وهو مواكب للمشهد الثقافي وفي قمة عطائه، من خلال ما يقدمه من أمسيات وندوات وقراءات، ناهيك عن إنتاجه الغزير، الذي يعرض على المختصين في السرد ويصدر على شكل مجموعات قصصية. إضافة إلى إصداره دورية"الواحات المشمسة"، التي أبرزت العديد من المواهب التي لها شأن يذكر في الساحة الثقافية، بل استطاع القائمون على النادي إيجاد أكبر قاعدة معلومات لكتاب القصة السعودية والوطن العربي، ويعتبر من المراجع المهمة ، ومازال النادي يواصل مسيرته حيث يقدم شهرياً ثلاث أمسيات، مع العمل على استقطاب إبداعات الموهوبين، وأخيرا وفي خطوة لاستيعاب جمهور السرد عملت الجمعية بالتعاون مع مركز البابطين الخيري للتراث والثقافة، على تنظيم أمسيتين قصصيتين أحياها عدداً من المبدعين والمبدعات الشباب، وكان له صدى إعلامي مميز. أما في ما يخص المبنى المستقل للنادي، فإن لدى الجمعية أرضاً، ومخصص ضمنها مقر لنادي القصة، والمبنى بشكله العام مطروح أمام وزارة الثقافة والإعلام للبت في موضوع إنشائه. يصف أحد الكتاب بأن بعض تصريحاتكم حول برامج وأداء الجمعية غير منطقية أو مبالغ فيها؟ - عندما صرحتُ بأن الجمعية نفذت ألف فعالية، فإنني كنت أعني ما أقول من واقع ما تم تنفيذه في السنة الماضية 1426 ه، إذ كان المستهدف ذلك الرقم من خلال استراتيجية اعتمدت، واستطعنا بالفعل أن ننفذ حينها960 فعالية تقريباً في المقر الرئيس للجمعية وفي فروعها ايضاً، ونظراً إلى بعض الظروف رحلت بقية الفعاليات لبرامج هذا العام. لكن المؤلم أن تتجاهل الصحافة فعاليات الجمعية ولا تواكبها، حيث يخرج إلينا البعض منتقداً، من دون اطلاع أو علم، فينبغي التواصل مع الجمعية لمعرفة ما لديها كي لا يُغمط حق الذين ينتمون إلى هذا الصرح الثقافي، ويعملون بكل جد وإخلاص من أجل الثقافة السعودية. فالجمعية لا تسعى إلى عزل أحد أو الوقوف ضده، فهي مشرعة أبوابها لخدمة معشر الثقافة والإبداع في البلاد، لأنها وجدت لأجلهم. أخيراً ماذا عن مطبوعات الجمعية الفصلية والشهرية؟ - بالنسبة لمطبوعات الجمعية هناك العديد من النشرات والمجلات، التي تعنى بنشر أخبار وفعاليات الجمعية وحصل توقف لبعض الإصدارات كمجلتي"التوباد"و"الواحات المشمسة"، ولكننا بصدد تبويبهما بشكل أكثر انسجاماً وتوافقاً مع المشهد الثقافي. وأعد القراء بأنهما ستصدران قريباً بشكل منتظم مع بعض الإصدارات الأخرى.