سجل مركز"الزلازل والجيوفيزياء"السعودي مساء أول من أمس، هزة أرضية على حدود الصفيحة السعودية الإيرانية بمقدار 4.8 على مقياس"ريختر"، شعر بها سكان محافظة الأحساء. وقال مدير المركز هاني زهران:"إن الهزة كانت أقرب إلى إيران، ووقعت عند خط الطول 53.6، وخط العرض 26.8"، محدداً وقت الزلزال"وقع عند الساعة الثامنة و31 دقيقة و36 ثانية". وجاءت الهزة متزامنة مع زلزال ضرب صباح أمس، مدينة"لار"في محافظة فارس جنوبيإيران، بقوة 4.5 على مقياس"ريختر"، كما ضرب زلزال آخر بقوة 4.1 درجات ضواحي ميناء بندر عباس في جنوبإيران مساء أول من أمس. وسجل مركز رصد الزلازل الإيراني الزلزال الساعة التاسعة وسبع دقائق بتوقيت إيران، وهو وقت مقارب لتسجيل مركز الزلازل الهزة في الصفيحة السعودية الإيرانية. وقال المشرف على مركز"الدراسات الزلزالية"في جامعة"الملك سعود"الدكتور عبدالله محمد العمري ل"الحياة":"إن الزلزال الذي سجله المقياس بمقدار 4.8 وشعرت به الأحساء ليس غريباً، بل متوقعاً، لأنها قريبة من الخليج العربي، الذي يجاور منطقة زلزالية نشطة"، مضيفاً ان"هذا الزلزال ناتج من اصطدام الصفيحة العربية والصفيحة اليوراسية، وهو يعد من أعنف الاصطدامات الزلزالية". ونفى وجود"غرابة في أن تشعر الأحساء وسكان الخليج العربي بالهزات الأرضية، فالمنطقة مصنفة على أنها منطقة زلازل". وأكد خبراء درسوا جيولوجيا المنطقة أن الخليج العربي، الذي يقع على الصفيحة العربية مهدد بزلازل كارثي، نتيجة قربه من الصفيحة النشطة في إيران، التي تحدث في جنوبها، لذا يشعر به سكان الخليج العربي المحاذون للجنوبالإيراني. وتعد الحافة الشرقية للصفيحة، التي تشمل الساحل الشرقي من الخليج، من"المناطق شديدة النشاط، لاندفاع الصفيحة العربية الواقعة عليها واصطدامها بصفيحة إيران، لذا تُرصد باستمرار نشاطات زلزالية في الخليج العربي". واعتبر العمري أن المنطقة"مهيأة لهزات أخرى وأعنف مع مرور الزمن، على رغم أن المنطقة الشرقية تعتبر هادئة زلزالياً، بحكم وقوعها على الصفيحة العربية، التي تتحرك باستمرار لتصطدم مع الصفيحة الآسيوية". وأبدى العمري خوفه من المستقبل، مؤكداً"أن المنطقة لا يمكن أن تكون آمنة مع وجود التحركات الجيولوجية المستمرة". وامتنع عضو هيئة التدريس في جامعة الملك فيصل في الأحساء الدكتور محمد الغامدي عن التصريح في هذا الشأن، مكتفياً بالقول:"تحدثت مطولاً في هذا الخصوص، ومنذ عشرة أعوام أتحدث وأحذر من مغبة الاستنزاف الجائر في سحب المياه الجوفية في صورة غريبة ومخيفة لمستقبل الأحساء". وأكد أن"السحب الجائر للمياه سبب رئيس في حدوث مثل هذه التأثيرات الجيولوجية، التي ستؤثر مستقبلاً على الأحساء في صورة سلبية، واحتمال تكرار هذه الهزات غير مستبعد، بسبب الخواص الجيولوجية للأرض في الأحساء". وحذر" لو علم سكان الأحساء بما تحت المباني التي يسكنونها والشوارع التي يسلكونها لهربوا خوفاً، بسبب الكهوف والمدن المدفونة قبل مئات السنين". وقال:"إن التنبؤات والدراسات تشير إلى مزيد من الهزات الأرضية، التي سيكون لها الأثر الأكبر مع مرور السنين، لذا صدرت توصيات أكاديمية بأخذ مزيد من الاحتياطات وتهيئة المساكن والمنشآت في المنطقة الشرقية والخليج لمقاومة الزلازل". وتناقل سكان في الأحساء صباح أمس، نبأ حدوث هزة أرضية شعر بها البعض في ساعات الليل الأولى، فيما نفى كثيرون حدوث ذلك، واعتبروه"إشاعات"، إلا أن النبأ انتشر في صورة سريعة، ليصل إلى المدارس والمجالس العامة والمساجد والتجمعات العامة والمراكز التجارية، ليكون الحدث الأبرز طوال اليومين الماضيين. وتعج الأحساء بالمباني القديمة والشعبية، ما يجعل احتمال وقوع كوارث أمراً وارداً في حال تحققت توقعات العمري والغامدي، وبخاصة مع وجود مساكن مضى على بنائها سنوات عدة، حتى أن معظمها لا يزال يحتفظ بالأسقف التي استخدم في بنائها جذع نخيل، أو أخشاب قديمة، فضلاً عن الأساس الضعيف الذي بنيت عليه تلك المساكن. ويسكن الأحياء القديمة ذوو الدخل المحدود والفقراء، الذين لا يجدون قوت يومهم، ما يجعل مثل هذه التوقعات مصدر قلق ورعب. وظهر هذا جلياً في الأحاديث التي تناقلها الأهالي، الذين لم يسلموا من الإشاعات التي أضافت إلى الخوف والرهبة الشيء الكثير. ويقول أحمد البحراني معلم جيولوجيا:"الأحساء كانت قبل آلاف السنين مغمورة بالمياه"، مستشهداً ب"التشكيل الصخري في جبل القارة، لذا تشكلت صخور هشة ولينة، نتيجة المياه التي بنيت عليها حديثاً الطرقات والمساكن، ما يجعل احتمال التصدعات والتشققات والانهيارات الأرضية التي يحدثها الزلزال متوقعة".