تتباين المسافة بين الأمل والألم، على رغم ما بين أحرفهما من تماثل، يبلغ حد التطابق، إلا أن المعاني تختلف كثيراً حتى ولو قلنا إنهما وجهان لعملة واحدة. فالأمل يعني فتح المزيد من قنوات التواصل مع الحياة والأحياء، مهما تعثرت الخطى أو تراجعت للوراء، بينما يفعل الألم بالأنفس فعله حين يغلق منافذ الشمس متعمداً يباس المخضر من الأوراق. ويوم أول من أمس أسدل الستار عن النسبة الضئيلة والمتبقية من أمل النجاة الذي كان يتمسك به أهالي ثلاثة شبان من منطقة الباحة، كانوا ضمن ركاب عبارة السلام، بعد أن عاد من توجه من أقرباء المفقودين الثلاثة محمد سفر مجدوع الغامدي وعبد الله حمدان الغامدي ومحسن محمد محسن الغامدي خلال الأسبوع الماضي إلى مصر للتأكد من حياة أو موت هؤلاء الأبناء. وحين غادر أشقاء الفقيد عبدالله حمدان ومحسن محمد مطار جدة إلى مصر يوم الأحد الموافق للسادس من محرم الجاري، كان يحدوهم الأمل بلقاء الأحبة، ويدفعهم الرجاء إلى مزيد من التعلق بفكرة الحياة، ويصور لهم التمني مفاجأة سارة. وبعد وصولهم إلى السفارة السعودية، والتي لم تتوان في خدمتهم وتهيئة كل السبل الممكنة جرى نقلهم إلى سفاجا والغردقة، ووفرت لهم من يساعدهم على البحث عن المفقودين ضمن الناجين في المستشفيات أو في قائمة أسماء المتوفين. ومع مرور الوقت كانت فرص النجاة تتضاءل تدريجياً، خصوصاً عند استعراضهم للجثث التي تغيرت معالمها بفعل الطقس والأسماك وأمواج البحر، ما دفع هؤلاء المتعلقين بالأمل للعودة إلى السعودية معلنين الرضا بقضاء الله وقدره، وتاركين لقابل الأيام كشف مصير أبنائهم الذين لم يعثروا لهم على أثر. ويظل استعمال الحمض النووي سبيلاً وحيداً لإنهاء البقية الباقية من بذور الشك، إذ ستعلن السلطات المصرية عن نتائج الفحص بعد أربعين يوماً. وإلى ذلك الوقت ستنبعث الاحتمالات من جديد، وستلوح في أفق الأهالي المكلومين بيارق أمل تدفعهم للتعلق بحبل الأمل، وإن وهنت أوصاله، خصوصاً بعد تأجيلهم لفكرة إقامة سرادق العزاء واستقبال المعزين. وأوضح مصدر قضائي ل"الحياة"أن الشرع حدد مدة انتظار المفقود إن كان الغالب عليه الهلاك بمضي أربع سنوات من فقده، ولا يجوز للورثة التصرف في تركته بأي حال، كما تظل زوجته في عدة حتى تنقضي مدة التربص المحددة شرعاً.