الناجون من أسماك القرش وحيتان البحر من بحارة قارب الصيد المصري المسمى «بركة الحاج محمد» أدوا صلاة الشكر بعد وصولهم إلى مرفأ الأمان في جازان، بعدما انقذت حياتهم ناقلة نفط سعودية، التقطت إشارات ونداءات استغاثة القارب الذي كان يشارف على الغرق ليل الثلاثاء. في الجانب الآخر نصب أقارب وأسر البحارة ال 32 سرادق العزاء بعدما وصلتهم أنباء عن اختفاء القارب وانقطاع الاتصالات بالبحارة.. وسرعان ما تحولت سرادق الحزن إلى صالات فرح وابتهاج في اللحظة التي أعلنت فيها قوات حرس الحدود السعودية نبأ العثور على القارب وإجلاء كل بحارتها بسلام إلى مرفأ الأمان في جازان. صلاة الغائب في مصر ساعات وأيام عصيبة ومؤلمة عاشها قائد القارب ومعاونوه من البحارة عندما واجهوا جميعا خطر الموت غرقا أو صيدا سهلا لأنياب أسماك القرش وحيتان البحر الأحمر. ويعود محمد الروجي (قائد القارب) إلى لحظات المقاومة وانتظار الموت والنجاة مشيرا إلى أنه ورفاقه واجهوا أهوال البحر لأكثر من 4 أيام ، وانتشر خبر فجيعتهم وسط اسرهم في مصر حينما نقلت قوارب ومراكب صيد النبأ الحزين إلى اسرهم الذين أدوا صلاة الغائب على أرواحهم. ويضيف الروجي بمجرد وصولنا إلى مرفأ جازان هاتفنا اسرنا وسمعنا على الهاتف اصوات الفرح وزغاريد نسائنا وتكبيرات إخواننا.. «حقا انها لحظات لا تنسى وستظل عالقة بوجداننا للأبد.. شكرا للسعوديين الذين ضربوا المثل الحي في الشهامة والنبل». «عكاظ» التي زارت أمس مقر إقامة البحارة الناجين في المهجع التي اقامته الجهات المختصة في حرس الحدود في جازان، رصدت مشاعرهم وسعادتهم بالسلامة وبالخدمات والتسهيلات وحسن الضيافة التي وفرتها لهم الأجهزة المختصة. وروى بعضهم تفاصيل أسوأ رحلة صيد دفعت قبطانهم إلى اعلان اعتزال المهنة، والتفكير جديا في البحث عن مصدر عيش آخر غير البحر بعدما ذاقوا ويلات الأمواج وانياب اسماك القرش وسطوة البحر، حينما تعطل القارب ببحارته ال32 وانقطعت الاتصالات وفشل محاولاتهم في إطلاق نداءات الاستغاثة. ستار .. أمل النجاة روى أحد هؤلاء محاولات التشبث بآخر أمل للنجاة عندما بدأت مياه البحر في التسرب إلى عمق القارب فاضطر البحارة إلى استخدام العبوات البلاستيكية لتفريغ المياه من العمق. ويعود الحاج محمد قبطان القارب إلى الحديث انه كان يغط في نوم عميق عندما بدأ بحارته في الصراخ وطلب الاستغاثة اثر تحطم عمود المحرك «الرفاس» فلم يجد مفرا غير إلقاء نفسه في عمق البحر لإصلاح العطل المفاجئ في منطقة شديدة الخطورة كثيفة بالحيتان واسماك القرش. وتضاعفت الأهوال عندما خسر القارب كل ادوات الاتصال والفشل في تحديد الموقع وفجاة لاح امل النجاة عندما تصادف عبور سفينة نفط سعودية تحمل اسم الزورق «ستار» كانت في طريقها إلى جازان ونجح طاقمها في إجلاء البحارة على مجموعات في زوارق ثم إلى عمق السفينة السعودية «حيث وصلنا إلى المرفأ رقم 10 في جازان حيث كتب الله لنا حياة جديدة». البكاء في عمق البحر الحاج محمود الاكبر سنا بين الناجين (63 عاما) صلى لله شكرا بعدما سبق رفاقه في الوصول إلى مرفأ الأمان.. يقول عشت كل عمري وسط البحر ولم أصادف موقفا كهذا، فور عودتي إلى مصر ساحتفل بنجاتي مع احفادي واولادي وسأروي لهم ما جرى. لكن الشاب سيد النوفل استعاض عن قسوة الأيام العصيبة بالنظر إلى صور اطفاله واسرته وظل يبكي هو في عمق البحر.. كان على يقين انه لن ينجو وكان للقدر كلمته ونجا من الهلاك غرقا. مدير عام حرس الحدود الفريق الركن زميم جويبر السواط علق على إنقاذ القارب المصري وبحارته بالقول إن قيادة الوطن تضع الدور الإنساني في قمة اولياتها، مشيرا إلى أن حرس الحدود لديها مركزان لتنسيق عمليات البحث والانقاذ احدهما في منطقة مكةالمكرمة والآخر في الشرقية ويتولى المركزان استقبال نداءات الاستغاثة وتقديم خدمات الانقاذ والبحث. وابلغ الفريق السواط «عكاظ» أن حرس الحدود أقام قنوات اتصال وعلاقات متميزة مع نظيرتها في مصر، وكان لتلك العلاقات أثر إيجابي في تنمية وتعزيز أوجه التعاون الأمني والتنسيق الدائم وتبادل المعلومات. وأشار الفريق السواط إلى أنه أبلغ نظيره المصري عن مصير القارب المفقود ونجاح السلطات السعودية في إنقاذ حياتهم. السلطات المصرية تمتدح إلى ذلك، روى قائد حرس الحدود في منطقة جازان اللواء عبدالعزيز الصبحي تفاصيل الحدث ل«عكاظ» مشيرا إلى أن وسائط حرس الحدود البحرية تمكنت مساء الثلاثاء الماضي من إنقاذ 32 صيادا مصريا بعد تعرض مركبهم لخطر الغرق في المياه الدولية في البحر الاحمر. وأضاف الصبحي أنه تم على الفور تحريك الوحدات البحرية وقطاع حرس الحدود في فرسان للتدخل السريع لإنقاذ بحارة القارب. كما تم تنسيق عمليات الانقاذ مع شركة ارامكو السعودية التي بادرت بتوجيه قبطان ناقلة سعودية تابعة لها كانت على مسافة 8 أميال بحرية من المركب بإجلاء الصيادين إلى ظهر الناقلة ومنها الى زورق دوريات حرس الحدود لنقلهم إلى مرفأ جازان. واستقبل فريق من الضباط والافراد وأطقم طبية وعدد من المختصين البحارة الناجين وقدموا لهم التسهيلات والعلاج والرعاية الطبية القصوى قبل نقلهم إلى مقر اقامة اعد لهم قبل ترتيب عودتهم بسلام إلى بلادهم. وكشف قائد حرس الحدود في جازان أنه تلقى اتصالا هاتفيا من القنصلية المصرية قدمت فيه الشكر والتقدير على الاهتمام والرعاية التي قدمها حرس الحدود في منطقة جازان للبحارة المصرين.