قال أمير منطقة مكة الأمير عبدالمجيد أن منتدى جدة الاقتصادي"أثبت أن عقلية البناء والحوار والتبادل الفكري الفعال هي خير وسيلة، ليس لتحقيق التقدم الاقتصادي فحسب، بل ومن اجل إعداد الأرضية الصلبة التي يتم عليها البناء الاقتصادي والاجتماعي للمستقبل". ورحب الأمير الذي رعى المنتدى ممثلاً بوكيل الامارة مساعد الشؤون الأمنية الأمير عبدالله بن فهد بن محمد أمام المشاركين في المنتدى أمس، بالمشاركين قائلاً:"أرحب بكم جميعاً في رحاب هذا المنتدى الاقتصادي الكبير الذي نفتتحه اليوم، وانا أشكركم على تشجمكم عناء السفر واقتطاع جزء من وقتكم الثمين لحضور جلساته والمساهمة في أعماله". وخاطب الحاضرين قائلاً:"إنني لأشعر بالرضا وأنا أشاهد جهود أبناء هذا الوطن تتضافر بجد ونشاط، لإخراج هذا المنتدى في عامه السابع على المستوى المشرف الذي تعودناه". وأضاف:"هذا المنتدى هو خطوة في طريق طويل من العمل أمام كل واحد منا، افراداً ومؤسسات، كلاً في مجال اختصاصه ووفق اهتماماته، ولا بد من أن يتواصل العمل لكي نجني بإذن الله ثمراته اليانعة، فهذه الأنشطة هي رافد وحافز لنا جميعاً، كي نستمر في العمل والبناء لرفعة الوطن ورفاهيته ومن اجل استقراره وأمنه". وقال:"أيها الإخوة والأخوات، لعلكم تلمسون وانتم تتصفحون برنامج المنتدى لهذا العام انه ينتقل بنا في التفكير الاقتصادي خطوة إلى الإمام نحو البناء الذهني والثقافي والمجتمعي الذي منه ينطلق النشاط الاقتصادي، ذلك انه يطرق موضوع الساعة في هذا العالم المميز بتباينه وترابطه في آن واحد، أن عالم اليوم لا يعترف بالتقوقع أو الانعزال، ولكنه في الوقت ذاته يدرك أن التفاعل لا بد أن يحترم ذلك التنوع الكبير في أرجاء المعمورة، وفي هذا التوازن تكمن المعادلة الصعبة التي يرتهن بها نجاح الخطط التنموية. ومن منطلق اعتزازنا بهويتنا الإسلامية في الوقت الذي تبنى فيه الجسور نحو العالم، أهنئ القائمين على المنتدى لاختيارهم موضوعه وتخصصه لمحور"احترام الهوية وتعزيز القيم المشتركة"باعتباره المنطلق الأمثل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية والعالمية". وقال الأمير عبدالمجيد:"إن المملكة هي قلب العالم الإسلامي، وتجابه العالم الإسلامي اليوم تحديات كبيرة اقتصادية وسياسية، لذا فإننا نستشعر كبر المسؤولية الملقاة على عاتقنا، فليس أمامنا من بديل: لا بد من أن نسهم في قيادة العالم الإسلامي، لكي يأخذ وضعاً متقدماً بين الأمم. وهذا يتطلب أن ننجح في حل المعادلة الدقيقة بين التعدد والهوية، بين المشترك والخاص، وبين الأهداف الآنية والأهداف البعيدة". وأمل بأن"يخطو بنا هذا المنتدى خطوات نحو حل تلك المعادلة ونحو بناء مجتمع متفاعل ومنتج"، شاكراً القائمين على هذا المنتدى ولكل من أسهم فيه ب"جهده وفكره وعمله في تنظيمه، وأسال الله العلي القدير أن يكلل جهودكم بالتوفيق". الثقافة والحضارة والعولمة والمرأة أبرز قضايا اليوم الأول انطلقت فعاليات منتدى جدة الاقتصادي السابع أمس وسط حشد كبير من القادة والاقتصاديين ورجال الاعمال وسيدات الاعمال وصناع القرار من أكثر من 30 دولة تحت شعار"من أجل آفاق جديدة للنمو الاقتصادي أحترم الهوية الفردية وتعزيز القيم المشتركة". وتناولت الجلسة الأولى الرؤية المحفزة لمستقبل السعودية. وعرضت الجلسة التي ترأسها وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء عبدالله زينل علي رضا تصوراً لمستقبل إيجابي واعد، فيما يخص الاقتصاد والثقافة والحضارة وإسهامات القطاعين الخاص والعام في ذلك. ورحب زينل بوزير الثقافة والإعلام إياد مدني، وأثنى على قدراته خلال توليه وزارة الحج وكيفية مقدرته على إدارة العمل الحكومي والقطاع الخاص من أجل خدمة ضيوف الرحمن، ما ساعد على خدمة القطاعين في أداء رسالتهم في خدمة الحجيج، معدداً مفاصل النجاح خلال مسيرته العلمية والإضافات الجديدة التي يمكن أن يحدثها بدينامكيته في وزارة الإعلام لخدمة البيئة الإعلامية في المملكة العربية السعودية. وقال مدني"إنني متأكد أن المنتدى سيهتم بالحديث عن السعودية ومكانتها في العالم والكيفية التي تصوغ بها السعودية سياستها النفطية، وكيف ترتكز هذه السياسة، في رأيي على الاعتدال والتعاون البناءين، واهم أسسها الجوهرية الوفرة والمسؤولية، في ظل دور المملكة كقوة معتدلة في المنطقة والعالم بأسره، إذ انتهجت السياسات الخارجية بلا منازع إطار الوسطية والأرضية المشتركة مع الآخرين، والدفاع عن الحرية، والإعراب عن قلقها من المذاهب المتزمتة، لقد تحملت السعودية في الخمسينات والستينات عبء مواجهة الشيوعية والقومية المتطرفة في المنطقة. وأضاف:"فيما يتعلق بقضية فلسطين، تبنت السعودية مبدأ التسوية السلمية للصراع شريطة أن يكون سلاماً بين متكافئين، وكان هذا واضحاً في"مشروع فهد"الذي تقدمت به السعودية في عام 1981، وتبنت المنهج نفسه أيضاً حينما تقدمت للقمة العربية في بيروت في عام 2002، بمشروع سلام تبنته القمة وظل أقوى مشروع سلام مطروح على الطاولة حتى الآن. إن امتزاج شجاعة اتخاذ المبادرة مع العقلانية من خلال ديبلوماسية هادئة ميز جميع تعاملات السعودية مع الشؤون الدولية". وتابع"وفي سعيها للتحديث، اجتهدت السعودية بشدة لاستخدام السياسة العامة للسيطرة على قوة السوق الحرة من خلال إقامة شراكة فعالة بين العام والخاص، وها هي تتجه الآن نحو مرحلة تطور يتولى فيها القطاع الخاص دور الريادة. وأضاف مدني:"ستواصل السعودية دورها التاريخي كقوة معتدلة في جميع أنحاء العالم، وستواصل جهودها الجبارة لاستخدام مواردها لرفاهية ونمو شعبها ومجتمعها ومؤسساتها، وستكون السعودية صوتاً خلاقاً وأصيلاً في حوار العصر، وستظل بمثابة الحارس اليقظ ضد الإرهابيين والإرهاب. من جانبها، أكدت الأمين العامة المساعد لشؤون السكان في الأممالمتحدة الدكتورة ثريا أحمد أن التحدي الحقيقي الذي يواجه دول العالم يتمثل في قدرة الحكومات والشعوب على إدارة التناقضات وإيجاد القواسم المشتركة بين ما هو عالمي ومحلي. وأكدت في الجلسة الثانية للمنتدى والتي أدارها الدكتور غسان السليمان أن المملكة تواجه استمرارية تحدي إثبات الذات في بيئة عالمية سريعة التغير فيها مواجهات بين القيم الدولية لحقوق الجماعة . وأشارت الدكتورة ثريا إلى مبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي جعل الحوار الوطني من ركائز حكمه، مؤكدة أن التحدي يكمن في إزالة التوتر والاهتمام بالتنوع والهوية المحلية وأن الشعوب ليست نتاجاً لثقافتها، بل هي صانعتها وأن الثقافات ليست قوالب جامدة غير قابلة للتنوع والمنافسة والاتفاق بعد التفاوض. وأشارت الدكتورة ثريا إلى ثلاثة تحديات تواجه المملكة في مسيرتها نحو عام 2020 تتمثل في كيفية إدارة التحول الديموغرافي والزيادة المطردة في السكان، مشيرة إلى ان هذه الزيادة ستصل إلى 24 مليون مواطن خلال عام 2020، ولفتت إلى أن التقديرات تشير إلى ضرورة المواءمة بين فرص العمل والزيادة السكانية والتي من المنتظر أن تحتاج إلى مليوني فرصة عمل بين عامي 2005 و2020، منوهة بضرورة التعامل بصورة ايجابية من الزيادة السكانية والتركيز على فئة الشباب التي تمثل 50 في المئة من إجمالي التعداد السكاني في العالم 2020. بعد ذلك، أدار الجلسة الثالثة لمنتدى جدة الاقتصادي السابع خالد الجفالي، والتي كانت بعنوان"استيعاب التنوع في البيئة العالمية"والتي قدم ورقتها المستشار الالماني السابق جرهارد شرودر. وتناولت اثر العولمة وكيفية بناء مشاريع عادلة اجتماعية مع ضرورة العمل على اقناع الشعوب بفرص التنمية المتاحة، وفي البداية اعرب المستشار الالماني السابق عن سعادته بالمشاركة في المنتدى، وقال إن هذا المنتدى ومنذ إنشائه عُرِف بأنه الأفضل عالمياً، وهذا العام يركز على الأسئلة ذات الاهتمامات العالمية، لذلك لا بد من إنشاء قاعدة اقتصادية للدولة، كما أننا نشهد تغيرات جذرية في عالمنا، والواجب تحديها، ومنها العولمة وهي منافسة شريفة بين الاقتصاد العالمي بشكل عام، وكذلك اتحاد القرار السياسي على المستوى العالمي وهو كيف يمكن للمجتمع العالمي ان يجد حلاً للتحديات كل حقل على انفراد، لذلك نجد ان الهوية الفردية على المحك في هذا النظام وان هذا الانتقاد ينبغي ان يؤخذ بمأخذ الجد، والكل مطالب بإيجاد فرص للجميع. وأضاف قائلاً:"نطالب بحماية هذه الحرية والتنوع، ونعلم أن الثقافة والموروثات لكل دولة امر مهم وأساسي، ولكن نجد بعض النزاعات التي تهددنا وما نحتاج إليه عولمة الإنسانية". وأكد ان التعاون شرط أساسي للسلام والرفاهية والأمن، وقال في أوروبا تعلمنا دروساً وأن السوق المشتركة والعملة المشتركة ساعدتانا في التغلب على العنصرية وكان الاتحاد الأوروبي جواباً شافيا لشعوبنا بديلاً عن سنوات وعقود من الحرب التي عاشتها أوروبا. وأكد شرودر الحرص على احترام معتقدات الآخرين وقال أشاطر المسلمين في أنحاء العالم الأسى جراء الرسوم المسيئة إلى النبي محمد، ولا بد من العودة إلى التسامح واحترام الثقافات والديانات، مشيراً إلى أن أوروبا كانت لها الفرصة لبناء جسور مع العالم الإسلامي وأن انضمام تركيا فرصة لتحقق ذلك، وقال إن الاتحاد الأوروبي يعكس أهمية التعاون الإقليمي لتحقيق التنمية. وأعرب عن سعادته بانضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، وقال حقق هذا الانضمام التكامل الكامل للاقتصاد العالمي، مشيراً إلى ان المملكة من خلال سياساتها انتهجت منهجاً إيجابياً وقد تفاعلت مع الطلب الصيني والهندي، لافتاً إلى زياردة خادم الحرمين الشريفين الأخيرة وقال إن المملكة فهمت من خلال هذا المنهج الإيجابي استثمار الدول المصدرة للنفظ من خلال المنظومة الاقتصادية العالمية. وتناول شرودر قضية الشرق الأوسط وقال لا بد من إيجاد حل سياسي لها وإيجاد مخرج من دائرة العنف، مشيداً بمبادرة السلام التي طرحتها المملكة واصفاً اياها بأنها مقترح حكيم والمخرج الوحيد، لتحقيق السلام وقال لا بد من تقبل حماس وحقها في البقاء وأن تتوقف عن العنف وعلينا أن نؤيد مجتمع ديموقراطي مستقر وأن نحافظ على وحدة أراضي هذه الدولة، وأوضح أنه كان ضد حرب العراق وما نريده الآن هو تنمية العراق لإفادة الشعب العراقي وأن استقرار العراق يعود بالفائدة على الجميع. كما تطرق إلى قضية إيران مع الوكالة الذرية مؤكداً حق إيران الكامل في استخدام الطاقة شرط تخليها عن التجارب النووية لتصنيع الأسلحة، داعياً إلى ضرورة مواصلة المفاوضات ودعم مقترح روسيا الذي يرتكز على الحل الديبلوماسي وأن تتعامل إيران مع الوكالة بصدق، وأكد شرودر ضرورة التواصل بين مختلف الثقافات، منتقداً الأصوات التي تنادي بصدام الحضارات وقال علينا محاربة ذلك والتأكيد على دعم القواسم المشتركة بين الثقافات والعيش بسلام في جو التسامح والعدل. وحفلت الجلسة بعدد من المداخلات حول دور الدولة، وأهمية ونوعية المساندة الاجتماعية الاقتصادية التي تنشدها الحكومات، في جو اقتصادي عالمي يعتمد على التنافس كقاعدة أساسية، يلعب فيها القطاع الخاص دور الحليف الأساسي من حيث العمالة ورأس المال على السواء، وأشار العبار في مداخلة حول الأمر ذاته إلى أن الشفافية تعني الأخذ والعطاء والتحدث بصورة أكثر واقعية، وألا يكون الهجوم على مكتسبات الآخرين كافة. واعتبر المتحدثون في منتدى جدة الاقتصادي السابع في جلسته المسائية الثانية، أن الخبرات الدولية في تمويل المشاريع المشتركة للقطاعين بمثابة أحد الحلول الناجحة لتحسين الأداء، وأكد اللورد ديفيد بروور محافظ مدينة لندن في جلسته التي ترأستها المديرة التنفيذية في بنك الخليج للاستثمار ناهد طاهر أهمية دور قطاع التمويل في تنمية المشاريع الضخمة. وأوضحت ناهد طاهر أن هناك فجوة بين البنية التحتية ومتطلبات المجتمع وبين الواقع المعاش والملموس، وهو ما يؤدي إلى تأخر في إيجاد مشاريع متطورة، وأشارت إلى أن أي مشروع في دول الخليج يحتاج إلى بنية تحتية قوية وإذا كانت هذه البنية متواضعة ستكون بالتالي مشاريع متواضعة ولابد من إيجاد مدن بتخطيط سليم، لذلك فإن دول الخليج ليست حاجتها مالية بقدر ماهي مالية وتقنية. واكد محافظ لندن ديفيد بروور ضرورة أن تكون البنية التحتية قوية وقال كلما كانت البنية التحتية قوية كلما أصبح هناك توازن في الاقتصاد وأن التطور يحتاج إلى ضخ أموال وسيتم تعويض مداخيل الصرف والانتقال إلى تحقيق الربحية. وأوضح أن إنشاء البنية الأساسية يحتاج إلى التعامل الدقيق، وإذا كان التعامل مع الشركات المحلية فلا بد من التأكد من وجود كوادر مؤهلة واستخدام تقنية عالية لا أن يكون التعامل لكون الشركة وطنية لان التركيز على هذه النظرة سيكون له أثره السلبي. وأضاف ان هناك نمواً سكانياً في المجتمعات وهو ما يستدعي خلال السنوات الخمس المقبلة إنشاء 13 مستشفى سعة 5000 سرير و 250 وحدة صحية حتى لا يكون هناك عبء في المستقبل، ونوه إلى ضرورة التعاون بين القطاعين العام والخاص على أسس تخدم الطرفين بحيث يحقق القطاع الخاص ما وضعه القطاع العام من تخطيط للمجتمع من دون النظر إلى السرعة الربحية كون القطاع الخاص جزءاً من المجتمع وسيحقق الربحية، وألمح في هذا الصدد إلى أن بريطانيا وخلال 10 سنوات من عام 1993 - 2003 أنفقت 50 بليون يورو لتطوير البنية الأساسية، ومنها الصحة والتعليم والإسكان وهو ما يعد استثماراً ناجحاً، وقد جذب مئات البلايين لبريطانيا، كما أن تطور المجتمع أسهم في خدمة هذه الاستثمارات.وزير المالية الكويتي بدر الحميدي أشار إلى أن القطاع العام يخطط دوماً للبنية التحية غير أن الفشل يكون دائماً في التطبيق بسبب البيروقراطية بين أجهزة القطاع العام المختلفة، وأن القطاع الخاص يقوم بتنفيذ المشاريع بدقة وإتقان لوجود العقود والشروط الجزائية. نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي محمد الجاسر أوضح أن هناك مشاريع في المملكة أقيمت وستقام وهي مشاريع عملاقة تعرف ب"ميغا"وهذه المشاريع تحتاج إلى رأسمال كبير وتقنية عالية، مشيراً إلى أنها ليست مشاريع سهلة، ولابد أن تقوم في أماكن تخدم الهدف الذي أنشئت من أجله، مبيناً أن عوائده المستقبلية ستكون عالية لاستخدامها قوى عاملة متدربة ومتعلمة من أجل إنتاج جيد يتم تسويقه بسهولة في الأسواق العالمية وليس من اليسير إنشاء مشاريع عملاقة لأنها تحتاج إلى بنى تحتية.