لقد حبا الله بلادنا بكثير من النعم التي توظف في خدمة المواطن والمقيم والزائر والحاج والمعتمر. حيث تتوافر جميع الخدمات الاجتماعية التي تحقق الرفاهية التي لا تتوافر في كثير من دول العالم ليس فحسب، بل اهتم ولاة الأمر ومنذ وقت مبكر بإعمار دور العبادة، إذ تم إحداث أكبر توسعة في عهد خادم الحرمين الشريفين المغفور له بإذن الله الملك فهد بن عبدالعزيز للمسجد المكي والمسجد النبوي، ليتسعا لأكبر عدد من المعتمرين والحجاج، وانسحب هذا الاهتمام على كل مرافق الدولة ومنسوبيها، فها هي وزارة الصحة تعمل ليل نهار في اطار الإعداد والترتيب لاستقبال أكثر من مليوني حاج في موسم حج العام 1427ه، نعم يتواصل العمل ليلاً ونهاراً من أجل مقابلة حاجة كل ضيوف الرحمن، الذين سيحتاجون لخدمات اسعافية أو طبية، ودأبت وزارة الصحة على تجنيد نحو 10 آلاف طبيب وممرض وفني وإداري لخدمة الحجاج. ولا شك في أن عدد أكثر من مليوني حاج وحاجة في زمن معلوم ومساحة جغرافية محدودة، لا شك في أنه أمر يستوجب الكثير من الجهود المضنية حتى تتحقق الغاية المنشودة، بتقديم خدمات تلبي حاجة الحجاج الذين يحتاجون هذه الخدمة على مدار ال24 ساعة وطوال أيام الحج. حقاً إنه لجهد خرافي أن تقابل حاجات عدد يوازي سكان دولة بكامل حدودها، ولكن بفضل الله تعالى وبما يتوفر من إمكانات ضخمة وبعزيمة الكوادر البشرية المؤهلة يمكن فعل ذلك، ولعل التجارب السابقة تجسد أروع حكاية في كيفية تقديم أرقى الخدمات الصحية لحجاج بيت الله الحرام، ولأن وزارة الصحة تدرك حجم المسؤولية، فقد بدأت الترتيبات والاستعدادات منذ نهاية حج الموسم الماضي 1426ه، وهي الآن تباشر تقديم خدماتها التي تمتد على جميع حدود بلادنا، حيث الموانئ والمطارات والمنافذ التي يصل عبرها حجاج بيت الله الحرام، الذين هم في الغالب الأعم في حاجة لخدمات اسعافية أو علاجية، بل ربما احتاج بعضهم لإجراء جراحة، كما هي الحال في العام الماضي عندما أجريت جراحات قلب مفتوح، وهي إحدى الجراحات التي تحتاج إلى إمكانات كبيرة وأطباء متخصصين وذوي كفاءة عالية، وبحمد الله كل ذلك كان متوافراً في المشاعر المقدسة، حيث سارع الأطباء من أهل الاختصاص والدراية بإجراء تلك الجراحات، وهو أمر متوقع حدوثه في هذا العام، وغيره من الحالات الحرجة. لذلك عملت وزارة الصحة على تأهيل وإعداد كوادرها لمقابلة مثل هذه الحالات. كما أن هناك جانباً آخر ومهماً ظلت تضطلع به وزارة الصحة، وهو يتجسد في حجم العمل الإعلامي الضخم الذي ينفذ كل موسم حج، والذي يراد به توعية وتبصير وتثقيف ضيوف الرحمن بالواجبات التي يجب أن يتبعوها من أجل سلامتهم، إذ يتم توزيع الكتيبات والمنشورات والمطويات التثقيفية بلغات عدة لتوصيل الرسائل الإعلامية لجموع كثيرة تتحدث بلغات متعددة، إضافة إلى إعداد البرامج التلفزيونية والإذاعية، وتخصيص صفحات عبر صحافتنا المحلية، من أجل خدمة الحجاج وتبصيرهم بالطرق والأساليب الصحية المؤدية بإذن الله تعالى لسلامتهم، حتى يأدوا مناسكهم كاملة ، ومن ثم يعودون إلى بلدانهم بصحة وعافية، وسيتواصل الجهد الإعلامي بفاعلية كبيرة لتوصيل رسالة التوعية والتثقيف لجميع الحجاج بمختلف ألوانهم وأشكالهم ولغاتهم، ونسأل الله أن يوفقنا لما فيه خير الأمة. * المشرف العام على الإعلام والتوعية الصحية