قال الفرزدق: إذا صاحت الدجاجة صياح الديك فاذبحوها. قاله في امرأةٍ قالت شعراً. وبعده قال بشار بن برد: لم تقل امرأة شعراً قط إلا تبين الضعف فيه. وفي العصر الحديث قال العقاد ? وهو المعروف بعدائه للمرأة -: الاستعداد للشعر نادر، وإنه بين النساء أندر. فالمرأة قد تحسن كتابة القصص، وقد تحسن التمثيل... ولكنها لا تحسن الشعر، ولمّا يشتمل تاريخ الدنيا كله بعد على شاعرة عظيمة. فهل صحيح أن القصيدة مغامرة شعورية يصعب أن تخوضها المرأة؟ وهل صحيح أن هناك فرقاً في مستوى الإبداع وعمقه بين شعر الرجل وشعر المرأة يشبه الفرق بين البحر والبحيرة، والغابة والحديقة، والجبل والسهل؟ هل ما سبق صحيح أم أنه استمرار لاضطهاد مُورِس على المرأة منذ أزمنة سحيقة حين اشتكت الآلهة أفروديت من تلاعب الآلهة الذكور بالآلهة الإناث؟ فالمرأة بما تتميز به من ميل عاطفي أقدر واقرب إلى الإبحار في مراكب الشعر والخيال، والقيود التي قمعت المرأة هي التي تحجب مواهبها الشعرية، مثلما يروي الدكتور عبدالله الغذامي في كتابه تأنيث القصيدة والقارئ المختلف عن شاعرة سعودية كانت تنشر أشعارها في الصحف باسم مستعار غجرية الريف، وحين علم أهلها بذلك غيرته إلى غيداء المنفى ثم اختفت بعد ذلك اختفاء نهائياً مع أنها كما يصف الدكتور أفضل من كتب القصيدة الحديثة في المملكة. ولذلك فعندما خفّت قليلاً هذه القيود المفروضة على المرأة في العصر الحديث رأينا عطاءها الشعري يفوق كثيراً عطاءها في العصور السابقة سواء من حيث عدد الشاعرات أم من حيث المستوى ورأينا كيف أن أكبر حركة تجديد في الشعر العربي بدأت على يد امرأة هي نازك الملائكة. ما رأيكم أنتم؟