أكد خبير الاقتصاد الفرنسي جان فرانسوا بورغ، أن الرياضة بمفهومها الجديد وأبعادها الحديثة، باتت صناعة تندرج بين المؤثرات الرئيسية في اقتصاديات الدول، مشيراً إلى ارتفاع حجم تعاملاتها إلى نحو 400 بليون دولار أميركي، بعدما صارت تدار بعقلية احترافية، محركها الأول السيولة المادية. والاحتراف كلمة مستنبطة من الحرفة أو المهنة، بمعنى أن اللاعب أصبح يمتهن لعبة معينة لكسب قوت يومه، مثله مثل المهندس والطبيب… وما إلى ذلك، وهي تقوم أساساً على مبدأ التخصص specialization إذ يتم تفريغ اللاعب للعبته فقط، حتى يتطور ويبدع فيها، أملاً في تقدم وازدهار هذه اللعبة، بحيث تصل إلى مستوى التطلعات. وانطلاقاً من ذلك، وفي إطار السعي الحثيث للمسؤولين عن الرياضة في مملكتنا الغالية لتطوير الألعاب الرياضية، والوصول بها إلى أرقى المستويات، تم إقرار نظام الاحتراف في غرة محرم عام 1413ه، ووضعت له أهداف، كان أبرزها إعطاء اللاعبين صبغة اجتماعية معترفاً بها، باعتبار الاحتراف مصدراً لكسب العيش، والارتقاء بمستوى اللاعب واللعبة، وإيجاد قواعد تحكم العلاقة بين اللاعب وناديه واتحاد اللعبة، وإتاحة فرصة انتقال اللاعبين، وتسهيل حصول الأندية على لاعبين مميزين، وتأمين مصادر دخل إضافية للأندية. والآن، وبعد مضي نحو 15 عاماً على إقرار هذا النظام، نجد - بصراحة وشفافية - أنه لم يقدم لنا أي جديد، بل كان نقمة علينا، إذ منح اللاعب اليد الطولى، وجعله يتمرد على ناديه، ويفقد انتماءه، ويركز فقط على الجانب المادي الذي أنساه حتى فنون كرة القدم، فلم يعد لدينا مواهب ولا نجوم بمعنى الكلمة، ولم تعد الأندية قادرة على السيطرة على اللاعب، بل العكس صحيح، فإن اللاعب هو الذي أصبح يسيطر على النادي وإدارته، وكأنه امبراطور يحكم امبراطوريته. والواقع أن العيب ليس في النظام، فهو بلا شك يتواكب مع ذلك المعمول به في معظم الدول المتقدمة كروياً، والفكرة المنبثق منها فاعلة، ولكن المشكلة تكمن في أننا منحنا اللاعب كل شيء ولم نطالبه بتقديم أي شيء، ولم نحاسبه على القصور ولا على التراجع والانحدار، ولم نؤكد أهمية الالتزام بالعقد وبنوده، فانتفت الفائدة من إقرار الاحتراف، لذا فإنني أطالب بتكوين لجنة لإعادة تقويم الاحتراف، بعد مضي كل هذه المدة، والوقوف على نقاط الضعف وتعضيدها، وتفعيل نقاط القوة، أملاً في الاستفادة الكاملة من هذه المنهجية العلمية، أما القرارات الأخيرة فلا أعتقد أنها كافية. [email protected]