حينما فكر الإفرنج في إسقاط الأندلس من أيدي العرب المسلمين أرسلوا فرقة استطلاعية إلى الأندلس لكي يتعرفوا على اهتمامات شبابها، كانت النتائج مخيبة لهم فاستبعدوا فكرة اقتحامها، لأن اهتمامات الشباب كانت متجهة نحو العلم من الكيمياء والفيزياء وتعلم الفروسية وحمل السلاح. وبعد سنوات عدة أرسلوا مرة أخرى تلك الفرقة ولكن النتيجة اختلفت هذه المرة، إذ لاحظوا أن اهتمامات الشباب تغيرت، فقد انتشر بينهم اللهو والعبث وتفشت بينهم ظاهرة الغناء وغرام النساء، حينها قرر الإفرنج دخول الأندلس وكانوا واثقين من انتصارهم. علماء الاجتماع والنفس يستطيعون التنبؤ بسقوط الدولة من خلال توجهات شبابها، ولو وضعنا شباب"حزب الله"تحت المجهر النفسي والاجتماعي، لاكتشفنا سر نصر المقاومة الإسلامية على الجيش الإسرائيلي، وهو لم يأت من فراغ بل كان خلفه قيادة محنكة وهذا عصب نجاح أي دولة تقاوم عدواً. شباب حزب الله طلاب علم ودين، مثقفون، إذا اقتربت منهم لمحت حب الله وحب الجنة في عيونهم، باعوا دنياهم من أجل آخرتهم، لذلك لا يفرون من الموت أثناء القتال، أو تأتيهم كوابيس الحرب في أحلامهم. ولديهم قدوة تاريخية ألا وهي شخصية سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين عليه السلام. وعلم النفس حينما يصنف الدوافع يقر بأن هناك دافعاً فطرياً عند الإنسان هو الدفاع عن حياته وعرضه وماله وأرضه، وهؤلاء بكل بساطة يدافعون عن حقهم في العيش والعرض والأرض أمام ذلك العدو الإسرائيلي، الذي يشهد تاريخه تعطشه للدم العربي، وإذلال الهوية العربية المسلمة أمام مطالبه المتعجرفة. الذل كما يقول علماء النفس شعور مخالف للفطرة السوية عند البشر. إن ما حدث في لبنان امتحان للأمة الإسلامية لكي تقرر مسيرتها تجاه عدوها. لم يندهش علماء الاجتماع وعلماء النفس في أن يتغلب شباب حزب الله على الجيش المتطور بآلته الحربية والعسكرية، لأنهم وجدوا تحت المجهر النفسي والاجتماعي بأنهم شباب يتمتعون بدرجة عالية جداً من الإيمان بقضيتهم والدفاع عنها، فحقق هذا الإيمان قانوناً كونياً من قوانين الله في هذه الحياة ألا وهو قول الله تعالى إن تنصروا الله ينصركم. عاتكة دهيم . أستاذة علم اجتماع