اكتملت حلقات سلام السودان بتوقيع اتفاق الشرق بين حكومة الوحدة الوطنية وجبهة الشرق الذي يمثلها عدد من الفصائل للحركات المسلحة والسياسية بشرق السودان. لقد تم توقيع هذا الاتفاق في ظروف نسبية أفضل من تلك التي تم فيها التفاوض في نيروبي أو أبوجا، وذلك لعوامل كثيرة غياب البعد الخارجي، وبالتالي لم تكن هناك ضغوط على أي من الأطراف، كما أن طبيعة قضايا الشرق ومشكلاته لا تحتاج إلى عناء كثير، لأنها مشكلات تنمية وضعف مشاركة، كذلك فإن طبيعة ولايات الشرق تختلف عن غيرها في الجنوب والغرب لغياب التعقيدات القبلية والإثنية. لكن على رغم ذلك ارتفعت أصوات في مناطق مختلفة من الشرق ومن شخصيات قيادية منتسبة للمؤتمر الوطني، مثل المناضل كرم الله عباس الشيخ والشيخ علي بيتاي وغيرهما، تعلن تحفظاتها حول قسمة السلطة في الاتفاق، لاعتقادهم أن قبائل"البجا"سيكون لها القدح المعلى في القسمة، على رغم أنهم لا يشكلون معظم أهل الشرق. وكنا نأمل أن يعلم هؤلاء، وهم لا شك يعلمون، أن ما جاء به الاتفاق حول قسمة السلطة هو أمر مرهون بفترة انتقالية، وأن أمر السلطة تحسمه عملية التحول الديموقراطي من خلال انتخابات مقبلة تؤول فيها السلطة لصاحب الغالبية من الأحزاب السياسية. إن الفترة المقبلة في الشرق لا تحتمل إثارة مثل هذه الخلافات الجانبية، التي تشعل نار الخلافات القبلية، التي لا مكان لها في شرق السودان. المطلوب من كل سكان أهل الشرق أن يتوحدوا حول قضاياهم الأساسية، وهي قضايا التنمية، وأن يهتموا بتقديم الدراسات والمشاريع لصندوق"إعمار الشرق"، وأن تتوحد إرادتهم للبناء من مختلف المواقع حتى يستطيع الشرق أن يعوض ما فاته. وفي الختام يجب أن نثمن الدور المهم والكبير الذي لعبته الجارة اريتريا للوصول لهذا الاتفاق، وهي تؤكد بذلك أن مصيرها مشترك مع السودان، ونتمنى أن يكون ما تم بداية لتوطيد العلاقات بين اريتريا والسودان. صلاح كشة - جدة