تنتظر الرئيس التنفيذي الجديد للشركة السعودية للكهرباء المهندس علي بن صالح البراك، الذي وافق مجلس إدارة الشركة في 3-9-1427ه، على تعيينه على أن يتسلم مهامه اليوم، مشكلات كثيرة تحدث عنها حين كان رئيساً بالإنابة وأبرزها قضية انقطاع الكهرباء عن المدن الصناعية خلال الصيف، خصوصاً ان هذه المشكلة أصحبت تحتاج إلى معالجة جذرية"لئلا تستمر في الأعوام الأربعة المقبلة"، وفق ما قالت مصادر مطلعة في الشركة ل"الحياة". لكن وزير الكهرباء والمياه المهندس عبدالله الحصين نفى ل"الحياة"، ما تردد عن احتمال تواصل انقطاع الكهرباء عن المصانع في منطقتي"الشرقية"و"الرياض"في الأعوام المقبلة. وقال:"كل ما يتردد عارٍ من الصحة، وهناك خطوات تجري حالياً لإيجاد التوليد الكافي من الطاقة الكهربائية". توقعت مصادر مطلعة في الشركة السعودية للكهرباء"استمرار انقطاع التيار الكهربائي عن المدن الصناعية في الدماموالجبيلوالرياض خلال صيف الأعوام الأربعة المقبلة". وأرجعت الأسباب إلى"الطلب المتزايد على الكهرباء في شكل سنوي وعجز الشركة عن تأمينه، من خلال محطات التوليد في المنطقة الشرقية"، مشيرة، في الوقت نفسه، الى"حاجة الشركة الى محطات توليد يستغرق تنفيذها أكثر من ثلاثة أعوام، ما يشير الى استمرار انقطاع التيار الكهربائي خلال الفترة المقبلة". ولم تستبعد المصادر ذاتها، علم الشركة بالمشكلة القائمة حالياً منذ خمسة أعوام، خصوصاً انها تطلع على دراسات تقوم بها بشكل سنوي، وتتحدث عن الطلب المتزايد على الكهرباء من جانب المشتركين بجميع فئاتهم السكنية، والتجارية، والصناعية، والحكومية. وهذا ما تطلب زيادة في الإنتاج والتوليد ورفع احتياطي الإنتاج خلال الفترة الماضية. وما جعل الشركة في وضع حرج أمام المشتركين، خصوصاً الصناعيين، وتنفيذها برنامج فصل التيار الكهربائي على المصانع في الدماموالجبيلوالرياض لأربع ساعات يومياً، ومطالباتها المستمرة بتخفيف الأحمال". ومعلوم ان الشركة ركزت خلال السنوات الخمس الماضية على إعداد الهيكلة الإدارية لفروعها العشرة عقب عملية دمج شركات الكهرباء في المملكة، مهملة بذلك الخطط المستقبلية المفترض أن تسير عليها لتأمين ورفع احتياطي الإنتاج إلى 15 في المئة، بحسب المتبع دولياً، بدلاً من تقليصه إلى 1 في المئة. ووصفت المصادر هذا الأمر ب"المرحلة الخطرة في احتياطي الإنتاج". ومعروف أن مشكلة الشركة السعودية للكهرباء بدأت تطفو على السطح، عقب تصريح رئيس مجلس إدارتها، نائب رئيس مجلس الشورى المهندس محمود طيبة، عن"استنفاد الشركة حقها في الحصول على قروض مصرفية بعد اقتراضها نحو 15 بليون ريال من المصارف، وحصولها أخيراً على بليونين ونصف البليون ريال قرضاً من الدولة، ومحاولاتها مع"صندوق الاستثمارات العامة"الحصول على قروض أخرى جديدة تمكن الشركة من تأمين مشاريع جديدة في مقابل الطلب المتزايد على الكهرباء وإيقاف الدولة دعمها للقطاع قبل نحو ستة أعوام". وكذلك أكد طيبة في إحدى جلسات مجلس الشورى أن"الشركة في وضع لا تحسد عليه، في ظل تنامي الطلب على الكهرباء"، متنبئاً ب"حدوث أزمة كهربائية تتمثل في استمرار انقطاع التيار في بعض المدن والقرى". وقالت المصادر: إن"هذا التصريح يؤكد علم الشركة والقائمين عليها بالمشكلة قبل حدوثها وإهمالها حتى بدأت تتفاقم على ارض الواقع". وأشار طيبة إلى، أن"الشركة استنفدت إمكاناتها كافة في ما يتعلق بالحصول على القروض، وأنها مدينة حالياً بنحو 15 بليون ريال، وأن المشاريع المستقبلية تحتاج إلى تمويل عاجل، ما استدعى تدخل الحكومة أخيراً وإقراضها الشركة بليونين ونصف البليون ريال في شكل عاجل لمواجهة هذه الأزمة". وتوجهت"الحياة"إلى وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله الحصين، وسألته عن هذه المشكلات التي تواجه شركة الكهرباء، خصوصاً ما توقعته مصادر الشركة، بإستمرار انقطاع الكهرباء عن المدن الصناعية في الرياض والمنطقة الشرقية، فنفى ذلك جملة وتفصيلاً. وقال:"كل ما يتردد في هذا الموضوع عارٍ من الصحة، خصوصاً أن هناك خطوات تجرى حالياً لتوفير الكمية الكافية من الطاقة الكهربائية، للحيلولة دون تكرار ما حدث هذا العام". وأكد الحصين:"أننا بدأنا فعلياً العمل على نقل وتوزيع الكهرباء، من خلال خطط رئيسة، اتخذتها الوزارة بعد حدوث هذه الأزمة"، مطالباً أصحاب المصانع ب"عدم التخوف من تكرار الانقطاع، وما يثار حول الموضوع من تكهنات". مشكلات إدارية ووظيفية إضافة إلى المشكلات المالية والإنتاجية لشركة الكهرباء، فإنها تعاني من مشكلات تتعلق بالشؤون الادارية والوظيفية. ومعروف ان الرئيس التنفيذي للشركة المهندس عبدالعزيز الصقير استقال بعد نحو سبعة أشهر من تعيينه واستمر في منصبه بعدما قبلت الاستقالة، إلى اليوم، إثر"خلل إداري لا تزال الشركة تعانيه"، وفقاً للمصادر نفسها التي قالت:"إن الصقير فوجئ لحظة توليه منصب الرئيس التنفيذي للشركة، بعدد النواب الذي يفوق 37 نائباً يستنزفون مبالغ مالية تقدر بنحو 40 مليون ريال سنوياً من موازنة الشركة رواتبَ ومخصصات سنوية، خصوصاً بعد الزيادة التي حصلوا عليها بعد رفع رواتبهم 30 في المئة لحظة دمج الشركات العشر، وهذا الأمر دعا الصقير إلى اللجوء إلى إحدى الشركات الاستشارية لإعادة درس أوضاع الشركة، ووضع النواب تحديداً ومهام العمل التي يقومون بها، وخلصت الدراسة إلى أن 20 نائباً يمكن إعفاؤهم أو إحلالهم في وظائف أخرى بميزات أقل". وأشارت المصادر إلى ان"الصقير قدم أثناء اجتماع مجلس الإدارة، الدراسة للأعضاء للموافقة عليها وإعادة هيكلة الشركة في شكل يقلل المصاريف، ويمكنها من مواصلة خططها المستقبلية لتأمين الكهرباء، ورفع احتياطي الإنتاج من خلال قروض جديدة تحصل عليها الشركة من الدولة، وقوبلت الدراسة بالرفض من مجلس الإدارة وأعضائه، ما عزز المخاوف لديه من قيادة الشركة بوضعها الحالي فقدم استقالته". وأكدت المصادر،"تقديم زيادة نسبتها 5 في المئة لعدد من الموظفين، بينما تحاول الشركة جاهدة تقليص هذه الزيادة من خلال برنامج التقاعد الباكر ل 1450 موظفاً من أصل 29 ألفاً يعملون حالياً، ويتقاضون نحو 250 مليون ريال كرواتب شهرية، وبدأ ذلك مع قيام الشركة بتقليص أعداد الموظفين، خصوصاً موظفي الأمن الصناعي في كل المناطق ما تسبب في خلو بوابات الشركة من الحراسات، وعرضها لحوادث سرقة متكررة لأجهزة كومبيوتر، وأعمال تخريبية منها محاولة إحراق فرع الشركة الرئيس في المنطقة الشرقية، ومحاولات إعطاب معدات كهربائية رئيسة في"الشرقية"وتفريغها من الزيت. نقص المعدات ومولدات المصانع يضاف إلى معاناة الشركة من نقص هائل في المعدات والمواد الكهربائية التي تعتمد عليها بشكل كامل في تنفيذ مشاريعها وإيصال خدماتها للمشتركين بجميع فئاتهم، ما يسبب"إيقاف القطاعين الصناعي والتجاري في شكل مباشر للفترة المقبلة ولجوء المستثمرين لدول أخرى وتوقف الإنتاج الصناعي"، وفق ما أكد حين كان رئيساً تنفيذياً بالإنابة، في مؤتمر صحافي عقد في محطة توليد القرية في المنطقة الشرقية. وأشار إلى أن"الشركة على رغم الأوضاع المالية، توازن في مصاريفها بين قطاعاتها التي تسبب العبء الكبير عليها، وتؤخر إنجاز بعض المشاريع حتى لا تسبب أحمالاً قصوى عليها". واستبعد خلال اللقاء، أن يطالب أصحاب المصانع الشركة بتعويض عن الخسائر التي لحقت بهم نتيجة انقطاع الكهرباء. وفي ذلك إشارة الى شرط المولدات الكهربائية، التي يفترض على المصانع تأمينه. وعلق مدير أحد المصانع،"طلب عدم ذكر اسمه"، على الشرط بالقول:"المولدات الاحتياطية التي تطالب شركة الكهرباء المصانع بتأمينها لا يمكنها تشغيل خطوط الإنتاج، وفي حال إمكانها ذلك فما الداعي وراء تزويد شركة الكهرباء المصانع بالخدمة"، وأكد صاحب المصنع توجهه وعدد من المستثمرين لمكتب استشارات قانوني يقوم خلال الفترة المقبلة برفع الدعوى للجهات المختصة. الخصخصة وعزوف المستثمرين تحدثت مصادر شركة الكهرباء عن"الخصخصة"ومحاولة الشركة تطبيقها خلال الأعوام الأربعة المقبلة، نظراً إلى الكلفة العالية في عمليات التوليد، والنقل، والتوزيع الكهربائي. ورأت المصادر،"أن الشركة واجهت في البدء عزوف المستثمرين لأسباب الكلفة التشغيلية والإنشائية العالية لمحطات التوليد، خصوصاً ان إنشاء الواحدة يكلف نحو 41 بليون ريال، إضافة الى عدم تمكن الشركة من تحصيل كثير من حقوقها لدى المشتركين الحكوميين، وتدخل"هيئة تنظيم الكهرباء"في عملية تحديد التعرفة بين قطاعات الشركة الثلاث: التوليد، والنقل، والتوزيع. وهذا ما يجعل الاستثمار في هذا القطاع مخاطرة للمستثمرين وسبباً رئيساً في تغيير أنظارهم عن هذا القطاع". وأشارت المصادر الى توجه عدد من الشركات الكبرى مثل"أرامكو السعودية"، و"الهيئة الملكية للجبيل وينبع"في مدينة الجبيل الصناعية، وعدد من الشركات والمصانع الكبرى في المنطقة الشرقية، الى إنشاء محطات توليد خاصة بها كل على حدة، ما سيقلل الأحمال الكهربائية في محطات التوليد التابعة للكهرباء ويُمكنها من تغطية العجز الإنتاجي الكهربائي، بيد أن الشركة في المقابل تخسر أهم مشتركيها في القطاع الصناعي، خصوصاً أن استهلاك"أرامكو"وحدها يومياً يتجاوز المليون ريال في مقابل تزويدها بالطاقة الكهربائية، إضافة إلى ملايين الريالات التي تدفعها المصانع التابعة ل"سابك"مقابل تقديم الخدمة لها. خروج وحدة للتوليد سبب مشكلة المصانع جاءت مشكلة انقطاع الكهرباء عن المصانع، بعد خروج وحدة توليد كاملة عن الخدمة في محطة توليد القرية في المنطقة الشرقية، بسبب عطل فني داخلي في محول رفع الوحدة، ما أدى إلى فقد 633 ميغاواط من الطاقة الإنتاجية الكهربائية. وتزامن ذلك مع ارتفاع كبير في أحمال الشبكة خلال تلك الفترة. وكان البراك أكد أن الشركة تعمل حالياً بطاقتها القصوى، إضافة إلى الاحتياطي المتوافر لها الذي لا يتجاوز 3 في المئة من إجمالي الإنتاج للشركة، موضحاً أن نسبة الاحتياطي تعد قليلة مقارنةً بالنسبة الطبيعية وهي 10 في المئة. وأكدت مصادر في الشركة أن،"عمليات قطع التيار كانت ضرورة ملحة، إضافة لانقطاع التيار الكهربائي عن المنطقة الشرقية بشكل كامل في حال لم تتم برمجة الفصل اليومية على المصانع، ما أجبرهم على برمجة عمليات الفصل على نحو 1000 مصنعاً، 121 مصنعاً منها في الأحساء، و100 مصنع في الجبيل الصناعية، و442 في المدينتين الصناعيتين الأولى والثانية في الدمام، و337 مصنعاً في المدينتين الصناعيتين الثانية والثالثة في الرياض. ووصف مستثمرون، أثناء اللقاء الشهري الذي يجمعهم في الغرفة التجارية الصناعية في المنطقة الشرقية، مشكلة انقطاع الكهرباء ب"الكارثة"التي تعرض مصانعهم للخسارة، ويتسبب في تغيب المملكة عن خارطة الاستثمارات الصناعية في المنطقة، وتغيير وجهة المستثمر الأجنبي، إضافة لانحراف بوصلة المستثمر المحلي، وجعل هجرة الأموال والمصانع أمراً ملحاً في ظل التزايد على منتجات المصانع وتأمينها، في مقابل التسهيلات التي يجدها المستثمرون في دول خليجية مجاورة.