تختلط أصوات خشونة صادرة عن برد قطع المجوهرات بكلمات ناعمة تنادي بها العاملات في قسم التجهيز في مصنع"كوثر النسائي للذهب والمجوهرات"في الدمام، ليشكلا شرارة جديدة لانطلاق المرأة السعودية في عالم الحرف اليدوية والتقنية، بعد ان اعتادت خلال العقود الماضية على العمل في مهن تقليدية مثل الطب والتعليم. وبادر رجل الأعمال السعودي صاحب شركات غسان للذهب والمجوهرات غسان النمر إلى إنشاء المصنع"لتوظيف النساء واستثمار موهبتهن في التصميم"، كما يقول مدير المصنع أنور طوبال. وأضاف"صناعة الذهب حرفة خاصة بالنساء، فهي مستهلكها الأول، لذا تم تشجيعهن، لأنهن حاملات ذوق وإمكانات هائلة". ويحوي المصنع أقساماً مختلفة، تشغلها جميعاً نساء، بعضهن انتشلهن المصنع من عالم البطالة الذي دام سنوات طويلة، والبعض الآخر تخلين عن أعمالهن من اجل تحقيق حلم الهواية في التصميم والإبداع، كما فعلت مشرفة الإنتاج في المصنع نهى اليوسف 26 عاماً، التي تخرجت في الاقتصاد والعلوم السياسية، إذ تخلت عن وظيفتها في مجال التعليم لامتهان صنعة جديدة. وتقول:"ان الفكرة ساهمت في تحريضي على ترك الوظيفة، فالفكرة حديثة، كما أنه أمر جديد نتعلمه". وتشرح طبيعة عملها"اشرف على الإنتاج وتأمين الطلبات للأقسام الإنتاجية من نقش الحجر إلى الشمع". وتنكب المصممات في قسم التصميم على أوراقهن للخروج بتصاميم جديدة تناسب العصر والذوق، وتأتي معظمهن من خلفية فنية تشكيلية. وتشير مها النمر إلى افتتاحها معارض سابقة"شاهدنا لوحاتنا تتحول إلى ذهب، وهو أجمل شيء ننتجه". وتقول المصممة انتصار النمر:"نصمم الرسومات المستوحاة من الطبيعة والزخارف المختلفة، ونحقق من خلالها الأسس الرئيسة للتصميم، ونبرزها بداية من النقطة والخط لنحقق التوازن بين الأحجار والألوان، ومن ثم تحويلها إلى قطعة فنية غالية الثمن"، موضحة أن المصنع"يعتزم إدخال خاصية التصميم الالكتروني قريباً". ولم تحمل أبرار الماجد من تخصصها الجامعي سوى الدقة، فهي خريجة قسم الأحياء الدقيقة من جامعة الملك سعود في الرياض، وفي الوقت ذاته كانت شغوفة بالفن التشكيلي، ما دفعها للتخلي عن عملها في أحد المستشفيات للعمل في تصميم الذهب. وتؤكد"هنا حصلت على الخبرة لصقل موهبتي". وتشير مشرفة قسم الشمع مريم آل حسين 23 عاماً بيدها نحو القسم الذي تشرف عليه، متحدثة بثقة وهدوء حول آلية عمل الموظفات"من هنا يخرج الشمع من المكائن، ويتم إرساله إلى قسم التركيب"، فيما كانت زميلتها في القسم نهاد عرب مستغرقة في عملها على جهاز"حقن الشمع"كما سمته"من هنا تخرج القطع الذهبية". وحول إتقانها للعمل على الجهاز تقول عرب:"إن العاملات تلقين تدريباً مكثفاً أثناء العمل، واستغرق ذلك مني شهراً". وتوجهت عرب للعمل في المصنع لتعلم حرفة جديدة"لم أتوقع ان تكون بهذه السهولة، فمراحل تصنيع الذهب والمجوهرات متعددة". وبعد أعوام من المعاناة مع البطالة تمكنت ليلى النخلاوي 26 عاماً، وهي خريجة اقتصاد منزلي من جامعة الملك فيصل، وحاصلة على دورات عدة في اللغة الإنكليزية وتعليم الأطفال، ان تتجاوز التعب وتدخل عالم العمل، من خلال عملها في المصنع، من طريق برنامج"الأمير محمد بن فهد لتأهيل وتوظيف الشباب السعودي". وتقول:"أعمل على تنظيف الشمع الذي يصب عليه الذهب، من طريق نزع الزوائد وتحويله إلى قطعة فنية". وتبدي المشرفة على قسم تركيب الحجر خريجة الأحياء الدقيقة فاطمة الصفار سعادتها بعملها الجديد"العمل المهني ممتع للغاية". ولم تجد الصفار وظيفة تنتشلها من إحباط الملل، ولكنها عملت متطوعة لدى شركة"أرامكو السعودية"قبل نيلها الوظيفة في"كوثر". وتؤكد"أحب العمل المهني أكثر من المكتبي". وتصف طبيعة عملها"نركب الحجر ذا المقاسات المختلفة على الشمع، ومن ثم نقوم بتنسيق الألوان، ويعمل هنا 16 فتاة، كما استقبلنا أمس ثلاث عاملات نقوم بتدريبهن في الوقت الحالي". وتعمل زينب النمر في قسم برد القطع منذ نحو ثلاثة أشهر. وتقول:"نقوم ببرد القطع وتشبيكها في العقود مع تقطيع الحلقات وتلميعها". أما مشرفة قسم الطلاء الكهربائي رقية آل معيوف فيعتمد عمل قسمها على ترسيب المعادن"هناك جهاز الراديوم الذي من طريقه نقوم بتلوين الذهب في مختلف الألوان التي تعتمد على نوع المحلول". وتشير مطرة العبيقي، التي تحمل شهادة بكالوريوس في علم الحيوان وتشرف على قسم فرز الأحجار، إلى ان عملهن يحتاج إلى التركيز والدراية التامة بالألوان. وتقول:"تقوم العاملات بفرز الأحجار الجيدة عن الرديئة". مدير المصنع : 75 في المئة من العاملات بواسطة برنامج الأمير محمد بن فهد أشار مدير المصنع أنور طوبال إلى أن 75 في المئة من العاملات تم توظيفهن من طريق برنامج الأمير محمد بن فهد للتأهيل وتوظيف الشباب السعودي. ويقول:"قمنا بتقديم الطلب لهم وكان هناك تعاون تام من جانبهم فتم تزويدنا بالمتدربات". وأوضح طوبال أن عدد العاملات بلغ مئة عاملة، مؤكداً نية المصنع في توظيف 150 عاملة خلال الربع الأول من العام الجاري. وكشف عن نية الشركة افتتاح مصانع نسائية أخرى. وحول مدخولاتهن الشهرية وفترة عملهن قال إنها"تتفاوت بين 1500 ريال إلى أربعة آلاف ريال تبعاً للمؤهل والخبرة والاختصاص، كما أنهن يعملن ست ساعات يومياً، وما زلنا في المرحلة التدريبية وبعد اجتيازها ربما يزيد المدخول". وقال:"إن المنتجات التي تم تصميمها في"كوثر"لاقت نجاحاً كبيراً". ويسعى المصنع الذي بدأ منذ نحو ستة أشهر إلى التوسع في أقسام التجهيز والتركيب والتلميع إضافة إلى تولية منصب مدير المصنع إلى سيدة"نحن لا نشكل إلا نقطة وصل في بداية المشروع"