في الوقت الذي يُعلي الصينيون قيمة الصحة ويقدمونها على أي شيء آخر، تأتي الصحة لدينا - نحن العرب - في آخر مرتبة من أولوياتنا، مفترضين دائماً أن الله سيرعانا والأطباء سيتمكنون بفضل تقنيات الطب الهائلة وسيتمكنون من المحافظة على صحتنا! وفي ضوء هذه الأفكار، أصبحت السيارات الفارهة في شوارعنا تتميز بهيكل رشيق يفوق ما يتمتع به مالكوها أنفسهم من لياقة بدنية في معظم الأحيان. وإذا كنا نمارس الرياضة، ونحن صغار، فسرعان ما يصيبنا الكسل في منتصف العشرينات من العمر، ونصبح من هواة الجلوس وعدم الحركة طوال الوقت. وفي الوقت الذي كان يتسم طعام آبائنا بالاعتدال، لن نكف نحن عن الجري وراء شهواتنا، لنجرب كل ما هو جديد من المأكولات السريعة التي تنتشر في المراكز التجارية أو التي يتم توصيلها حتى باب المنزل. والعجيب أن أنواعها من البيرجر والمقليات والآيسكريم والفطائر والحلويات أصبحت تحتل مكاناً مرموقاً على مائدة طعامنا في البيت. وبدلاً من التمتع بجسم رشيق وصحي يوماً ما، أصبحنا نعاني سمنة مفرطة ووزناً زائداً. وقد أظهرت دراسة أجريت أخيراً على طلاب المدارس في مدينة الرياض أن 15 في المئة على الأقل من الطلاب يعانون من السمنة، وان هذه النسبة ترتفع إلى نحو 60 في المئة بين الأطفال الصغار في مدارس مدينة الرياض. وينبئ هذا الأمر بحدوث أزمة ضخمة في مجال صحة الأطفال... فهل هذه هي ثمار العولمة، ونعني بذلك عولمة الأمراض من خلال السلوكيات المعيشية الخاطئة؟ ومن الأمور المزعجة تفشي ظهور أمراض ارتفاع ضغط الدم والسكر وأمراض الشرايين التاجية بين الأطفال في مرحلة المراهقة والعشرينات من أعمارهم، فكيف سيكون حال هؤلاء الأطفال حينما يدخلون في مرحلة الثلاثينات والأربعينات من العمر؟ فهل من إجابة؟ ثم إن هؤلاء الصغار هم حجر الزاوية للمجتمع السعودي، والمجتمع يتطلع نحوهم لكي يبذلوا جهداً شاقاً لتنفيذ سياسة السعودة. وتنتظر المملكة من هؤلاء الشباب إبراز قدراتهم الفكرية الذكية التي تشكل ثروة قومية للوطن.وهذه الطاقة التي يتحلى بها هؤلاء الشباب هي التي ستمكن المملكة من الوفاء بالتزامات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، وما سيصحبها من ضغوط مختلفة. ولكن هل بمقدور الشباب أن يتحلوا بالقوة والصحة اللازمتين لأداء كل هذا؟ إن كثيراً من الأمراض المعدية والمزمنة التي عرفها العالم قديماً أمكن القضاء عليها بفضل التقدم الخارج في مجال الطب، ومن ثم كان من المفترض أن يتمتع الجنس البشري بصحة أفضل من ذي قبل! لكن الواقع أننا أصبحنا نعاني من المرض في الصغر بسبب أمراض أتحنا نحن لها الفرصة، لتنموا داخلنا مثل أمراض القلب والسكر والسرطان والسمنة وآلام المفاصل والقلق والاكتئاب، أو ما يطلق عليه"أمراض سلوكية"ناجمة عن الأسلوب الذي نحيا وفقه ونمارسه. وقد سلبتنا هذه الأمراض قوتنا وحيويتنا وثروتنا قبل الأوان. وتقول الحكمة الصينية القديمة انه إذا قدر لنا أن نرمز للثروة، وللاستثمار، وللقوة الاجتماعية، وللمركز الطيب في العمل، وللعلاقات الاجتماعية الجيدة، وللملكية التجارية، وللأسرة الصالحة بالرمز"صفر"، فإننا نرمز للصحة بالرمز أو الرقم"واحد"، الذي يوضع إلى جوار الصفر فيجعل الناتج عشرة، أي رمز الكمال والنجاح التام. فما دامت الصحة متوافرة، فهذا يعني أن كل قيم الحياة وعناصرها لها قيمة غالية. فإذا ما سلبت الصحة من كل هذا، أصبحنا أشبه بالشحاذين. وإذا اقتنعنا بأن الصحة هي أغلى ثروة وأن المرض ينجم عن سلوكيات معيشية سلبية نمارسها، فسندرك أننا بحاجة إلى تغير أسلوب ونمط حياتنا ومعيشتنا. لكن المشكلة تكمن في أننا لا نعرف كيف نحيا سلوكاً حياتياً إيجابياً، لأن مناهجنا التعليمية لا تتضمن شيئاً عن هذا، ولا أسلوب العمل الذي نمارسه والخبرات التي نكتسبها تتضمن أي فائدة في هذا المجال. ومن ثم، نحن في حاجة إلى قدر جديد من المعرفة لتساعدنا على إدارة أسلوب حياتنا على نحو يحمي رصيدنا الجوهري ونعي به الصحة الطيبة. إذن فإدارة أسلوب الحياة هي المفتاح لسعادتنا ورفاهيتنا وعافيتنا في المستقبل... وإليكم بعض النصائح التي استخلصناها عبر سنوات من العمل في مجال الصحة والترفيه وتحسين اللياقة البدنية: - أن كل امرئ غير عاجز مطلقاً عن البدء في تحسين صحته ولياقته مهما بلغ من العمر. - تظهر الأبحاث أنه حتى إذا لم يكن المرء على ما يرام صحياً، فإن فترة ما بين شهرين وثلاثة كافية للوصول به إلى خيار الرشاقة واللياقة الأمثل لمرحلته العمرية. وهذه حقيقة سواء أكان المرء في سن ال 25 أم في سن ال 75 من العمر. إن أجسامنا تنتظر منا فقط أن نكون ايجابيين في اهتمامنا بأنفسنا، لكي نتمكن من الكشف عن الكنوز الخفية المطمورة في لياقتنا وصحتنا. - أن زيادة بتلك الطاقة وتحسين الأداء الوظيفي والاهتمام بوزن الجسم، وحسن التعامل مع أمراض الدم والسكر وتعزيز عنصر المناعة، وتعبيد الطرق وتأمينها، والحد من القلق والاكتئاب، كلها نصائح أو سلوكيات أشبه بالدور التي تنتظر من يكشف مكنونها وقدرها وقيمتها في التنعم بصحة طبيبة. * مدير نادي Up Scalc Heaith ترجمة - أحمد أبو زيد