بعد انهماكه دقائق عدة مع هاتفه النقال، أطلق عبدالرحمن "زفرة" تعبر عن ارتياحه، وقال لأصدقائه: "الحمد لله أدينا الواجب وعايدنا الناس"، فيما بدا صاحباه سليمان وعزام مشغولان ب"اللاب توب"في تصميم"فلاش"خاص بهم يوزع عبر الانترنت، وهما يحتسيان مشروبهما المفضل في أحد المقاهي في شارع"التحلية". ويبدو أن هذه الحال انطبقت على الكثيرين، إذ إن شركة الاتصالات السعودية أعلنت أن عدد الرسائل القصيرة التي تم تنفيذها في يوم عرفة وليلة دخول العيد هذا العام بلغ 63 مليون رسالة. واللافت في هذا العام أن استخدام هذه التقنية للتهنئة لم يقتصر على الأشخاص أو الأفراد فقط، بل امتد إلى بعض الشركات والمؤسسات والمستشفيات الخاصة والمحال التجارية التي هنأت بعض عملائها ومنسوبيها من خلال هذه التقنية. وفي الوقت الذي اشتكى فيه البعض من أثر التقنية السلبي في العلاقات الاجتماعية رأى البعض أن الأمر لا علاقة له بهذا الأمر، بل على العكس فالتقنية تساعد في تهنئة عدد كبير من الأشخاص في وقت قصير وتكلفة بسيطة نسبياً. يقول الموظف في البنك السعودي الفرنسي مساعد العوجان، إن استخدام التقنية الحديثة لم يقتصر على المعايدات فقط، بل هو أمر واقع يجب علينا التكيف معه واستغلاله ايجابياً. وأشار العوجان إلى أن استخدام وسائل الاتصال الحديثة في إرسال وتلقي المعايدات أمر لا يتعارض مع أداء الواجبات الاجتماعية، بل بالعكس يساعد على تهنئة عدد كبير من المعارف والأصدقاء في وقت قصير لم يكن بإمكان الشخص أداءه في السابق. ويعتبر الموظف في بنك الجزيرة ناصر الموسى، أن رسائل الجوال والتهنئة عبر الانترنت جزء وتطور طبيعي للتقدم التكنولوجي الحاصل في زمننا هذا. ويضيف أن الرسائل الورقية أو بطاقات المعايدة كانت توزع عبر البريد العادي، ومع التطور في وسائل الاتصال أصبح إرسال هذه المعايدات إلكترونياً ليشمل عدداً أكبر ووقتاً وكلفةً أقل. أما المهندس في وزارة التربية والتعليم زيد العقيل، فشبّه المعايدات الالكترونية بمن يقدم وردة بلاستيكية لا رائحة ولا قيمة لها، وقال"على رغم أنني استخدم هذه التقنية إلا أني غير مقتنع تماماً بمعايدة معلبة تتكرر العبارات فيها من أكثر من شخص". وأضاف العقيل:"أن هذه التقنية تسببت في قلة الزيارات بين الأرحام وتوقفت الهواتف عن الرنين للتهنئة والتبريكات. من جانبه، قال موظف في جهة خاصة نائف المعمر، إن هذه الرسائل ينقصها الكثير من الحميمية والدفء، إذ هي ليست إلا صوراً كربونية لبطاقات تهنئة أشبه بالبطاقات الجاهزة الصنع، وهي لا تفي أبداً للتعبير عن المشاعر الأخوية، ولا تحقق الهدف السامي من التهنئة عبر المحادثة المباشرة". وعبر المعمر عن خشيته مما يخبئه لنا الزمن في ظل التطور السريع لوسائل الاتصال، ما قد يجعلنا نرى بعدها رسائل الجوال نعمة كبيرة نترحم على أيامها.