"ابنتي، إن رغبت في امتلاك قلب زوجك فأشبعي معدته". هكذا تختصر سلمى خالد 47عاماً نصائحها لبناتها وقريباتها المقبلات على الزواج، وتعتبر هذه النصيحة هي نتاج تجربة دامت 27 عاماً من الزواج، مفادها"أسهل الطرق للوصول إلى قلب الرجل هي معدته"، وعانت خلال سنوات زواجها الأولى من"الروتين"البعيد كل البعد عن الرومانسية، تقول:"زوجي يعاني من انعدام الرومانسية، وبعد تقصي الأسباب لمعرفة الحقيقة اتضح لي، أنه يعتقد أن التغزل بالمرأة - وإن كانت زوجته - عيب، ربما هذا نابع من التنشئة والبيئة التي تربى فيها، والعادات لعبت دوراً كبيراً في تنمية هذا الشعور في نفسه". وتتساءل:"ألا يكفي معاناتي من عبوسه الدائم؟". ما الحل الذي يمكن أن يغير من طبع الرجل؟ تقول سلمى:"حبه للطعام المتنوع جعلني أفكر في محاولة تغيير طبعه". وأثمرت تلك المحاولة عن"رؤية ابتسامة الرضا على محياه، بعدها صار يشكرني على لذة الطعام". ربما يكون هذا كافياً لجعلها توجه نصيحتها إلى بقية النساء، كما تفيد بأنهن"قدمن أطباقاً لذيذة لأنها وسيلة سهلة وتؤدي نتائج ايجابية". وتعتقد أن"لحظات الرومانسية ومدى حب وتعلق الرجل بالمرأة لا يحكمها طبيعته فقط، وإنما الحكم الرئيسي غرائزه الفطرية التي تدور في دوامة إشباع رغباته من مأكل وملبس". ولكن هل تنخفض الرومانسية والحب ويحل مكانهما وَهْم وجودها في قلب من يحب؟ وهل تعتبر قلة التعبير عن الحب بالكلمات أو الهدايا بعد أن تتعمق العلاقة بين الزوجين أمراً عادياً؟ أو أن قدوم الأطفال يلغي حال الحب التي يعتبرها البعض مراهقة لا أكثر؟. تقول صالحة فضل 38 عاماً إن"الرجل السعودي أضاع صفة الرومانسية ووضع محلها الاتكالية في كل الأمور"، مرجعة المبررات إلى شعور بعضهم بأن زوجة واحدة لا تكفي، وهذا منطق غريب إذ ما العلاقة بين الحب وكثرة النساء في حياة الرجل. وترى أن الرجل يفترض معادلة مفادها أن المنافسة في بورصة النساء لن تسعد الزوج فقط بل ستعيد الزوجة الأولى إلى دنيا الأنوثة والجمال مرة أخرى، بعد أن شغلت نفسها في أعمال البيت وتربية الأطفال. وهي تظن أن الرجل الخمسيني يعيش مراهقة الخريف، ويعتقد أنه بحاجة إلى أنثى تعيد نبض الحياة إلى قلبه الهرم، متناسياً واجباته الأسرية وحقوق زوجته وأولاده. وتتساءل:"هل يعتبر إعلان الحب للشريك رومانسية أو لا بد من أن تكون المرأة صغيرة في السن؟". من بُعد آخر، ترى ريم العبدالرحمن 22 عاماً أن"مشكلة الشاب السعودي تكمن في عدم فهمه الرومانسية المفقودة في مجتمعنا، بسبب العادات والتقاليد". وتلمح إلى أن"بعض الشباب تستهويهم التجارب التي تعج بها أفلام السينما"، إذ انه بحسب العبدالرحمن"يجب أن تُعاش الرومانسية في إطار لا يكتنفه الغموض والخلسة". وعلى صعيد علاقتها بزوجها، تذكر موضحة:"لا أسمع منه كلمة أحبك، أو كلمة تشد من أزري في عملي، وإنما كل ما يطلبه مني جزء من راتبي الشهري، وحين أرفض يقوم بالصراخ وتوجيه الإهانات، ويتمنن علي بكلمة احمدي ربك إني موافق على عملك وخروجك من المنزل لساعات طويلة". ولا تستغرب نورة أحمد 29 عاماً من تجدد الرومانسية بين الزوجين في حال ابتعدوا عن بعض مؤيدةً فكرة البعد بين الزوجين، والتي بدورها تؤجج نار الأشواق بينهما. وتعزو الاسباب إلى أن"الشخص القريب يتعود على ما يرى ويلمسه بشكل يومي، أما البعيد فيكون حساساً للمتغيرات وبحاجة إلى الكلمات المرهفة لإطفاء حرارة البعد وربما الغربة". ولا يختلف اثنان على أن الهدية علامة على الرومانسية، من دون النظر إلي قيمتها المادية، وإنما أثرها على القلب وما تتركه من مذاق عذب وأثر جامح على النفس. ويخالفهم الرأي مجموعة من الشبان الذين ينظرون للمرأة على أنها مادية، ولا يمكن أن تقبل بهدية أقل من الذهب أو الألماس، وتدعي بأن الورد يكفي للتعبير عن الشوق والمحبة، إذ ينظر محمد عبدالعزيز 43 عاماً لمعظم النساء بأنهن"ناقصات عقل، وهذا ما يجعل مشاعر بعض الرجال تجاههن انتهازية، تتجلى في سعيهم إلى اصطياد العواطف الساذجة من بعضهن". مؤكداً أن"حواء تفهم حقيقة أفكارنا، لكنها تنجرف وراء أي طارق"، محتجاً بأن تكون"الرومانسية نفاقاً كما يعتقد معظم الناس". ويرى عبدالعزيز أن الحياة الزوجية تحتاج إلى نوع من الواقعية والعقلانية والرومانسية في آن واحد نتيجة إلى إيمانه"بوجود أوقات خاصة لا يمكن وصف تفاصيلها في الحياة الزوجية لإثبات أننا رومانسيون". ولا ينكر أن"طبيعة المرأة تؤثر فيها كلمة الحب وتسعى إلى سماعها". ويصنف سليمان النمر23 عاماً الرومانسية إلى"نوعين، أهمها رومانسية ما قبل الزواج، وبسببها يطيل البعض فترة التعارف وهي مرحلة يتفنن الطرفان في إظهار الحب لبعضهما البعض، ولا تخلو هذه الفترة من الرومانسية الحقيقية والصدقية". ويضيف مبيناً أن"النوع الثاني يتعلق برومانسية ما بعد الزواج، حين تسقط الأقنعة بعد سنة من الزواج، فتختلف مفاهيم الحياة الرومانسية، وتختلط بواجبات الزوجية لتبرز للسطح مشكلات هي مزيج بين افتقاد الحب والتعود الرتيب". وإذا كان الحب إحساساً داخلياً تجاه الشخص الآخر، فإن كيفية فهمه وترجمته في الواقع، والخروج به من دائرة القلب والإحساس إلى الحياة اليومية هي الأهم.