تقاس عظمة الأمم بما يمكن أن تقدمه، وبما يسجله لها التاريخ من وقائع وأحداث مهمة تغير وجه الحياة، وتقاس عظمة الرجال بما يتركونه خلفهم من مآثر وإنجازات، وبقدر ما يقدمونه لأممهم من أعمال عظيمة، تعينها على تغيير واقعها والنهوض به. إن ذكرى اليوم الوطني لبلادنا الحبيبة هي ذكرى نستدعيها دائماً، كي تمد أبناء هذا الوطن بما يعينهم على السير على درب الأمجاد، وبما يستنهض هممهم للمضي قدماً في بناء وطنهم والرقي به. إن ذكرى يومنا الوطني تروي قصة البطولة، التي كانت وراء توحيد هذا الكيان على يد - المغفور له بإذن الله - الملك عبدالعزيز، والذي رعاه من بعد أبناؤه البررة. كان توحيد السعودية على يد مؤسسها أحد أهم الأحداث التي سجلها التاريخ فوق هذه البقعة من الأرض، كما كان نقلة حضارية واقتصادية وثقافية شملت جميع مناحي الحياة. وإذا كان من أهداف الاحتفاء بذكرى اليوم الوطني الحديث عن إنجازات تحققت لهذا الوطن الغالي بفضل توحيد السعودية، فإن التعليم بمستوياته كافة وأنماطه وتخصصاته يأتي في قمة هذه الإنجازات بوصفه المعيار الذي تقاس به درجة تحضر الأمم أو تخلفها، وبوصفه وراء نجاح كل الإنجازات الأخرى. ويهمني هنا أن أوجه الكلام بوصفي وكيلاً لكليات البنات الجامعية للانجازات التي تحققت لهذا القطاع من التعليم، فعلى مستويات كليات البنات التي بدأت بكلية واحدة للتربية مقرها الرياض وذلك في عام 1390 ليصل عددها اليوم إلى 102 كلية يدرس بها قرابة 300 ألف طالبة ما بين منتظمة ومنتسبة، كان من أهم انجازاتها تخريج أفواج من طالباتها اللواتي اسهمن مع زميلاتهن المتخرجات في الجامعات السعودية في سعودة قطاع التعليم العام للبنات، بنسبة تصل إلى 100 في المئة، بينما استطاعت هذه الكليات من خلال برامج الدراسات العليا المطبقة في ثماني عشرة كلية سعودة، 50 في المئة تقريباً من أعضاء هيئة التدريس في كلياتها، إذ بلغ عدد الحاصلات على درجة الماجستير 1984 طالبة، بينما وصل عدد من حصلن على درجة الدكتوراه 945 طالبة. هذا ما نعنيه عندما نتحدث عن الاحتفاء بذكرى اليوم الوطني وهو عينه ما يريده ولاة الأمر في هذه البلاد المباركة، وهو أن يستدعي هذا الاحتفاء مسيرة العطاء المباركة وجهود الرجال الأوفياء المخلصين في بنائها، وتعريف أبنائنا بذلك كله، كما يستدعي تحفيز هؤلاء الأبناء وحثهم ليس فقط على الحفاظ على المكتسبات التي تحققت، وإنما العمل على زيادتها وتطويرها. * وكيل كليات البنات