لم يكن من حسن حظ عائلتي مصطفى عبدالحق ومحمد النفيسي، أن يكون أبناؤهما موجودين في منزل خالتهم، أثناء المواجهات الأمنية التي شهدها حي المباركية على مدى 47 ساعة متواصلة الأسبوع الماضي. فالأسرتان راحتا تجوبان الأرض، جيئة وذهاباً، قلقاً على أسرهم وأبنائهم المحتجزين وسط إطلاق النار. ولم يهدأ لهم بال فمكثوا حول المنزل حتى استطاعت قوات الأمن إخراج الموجودين جميعاً من المنزل. ويتذكر عبدالرحمن النفيسي وهو طالب في الصف الأول المتوسط، الأحداث بصوت فيه الكثير من القلق والتوتر. ويقول ل"الحياة":"كنت موجوداً في المنزل طيلة الوقت، وكان إطلاق النار مستمراً لكنه كان ينخفض أحياناً ويعلو أحياناً أخرى". ويشرح عبدالرحمن بألم الذكريات السيئة،"كنا نشعر بالخوف كلما ارتفع صوت الانفجارات وإطلاق النار، وقيل لنا إننا"لن نخرج من ذلك المكان لخطورة الوضع". يسكت لحظة ثم يواصل الكلام:"لم أكن مستوعباً الوضع فقد قام أهلي بإيقاظي من النوم وأنزلوني مع الجميع إلى الدور السفلي وكنا نتابع الأخبار". قاطعته أخته رجوة النفيسي وهي طالبة في الصف الثالث المتوسط قائلة:"بدأنا نشعر بالخوف حين رأينا المنظر في التلفزيون". ويكمل عبدالرحمن"كان نومنا متقطعاً وحين خرجنا لم اصدق عيني وكنت سعيداً جداً". أما وعد البسامي في الصف الرابع الابتدائي ذات الملامح الجميلة، تؤكد بأنها"لم تكن خائفة". وتقول رجوة"كنا نجلس جميعاً في غرفة واحدة ولم نتحرك منها طيلة الوقت، محاولين تهدئتهم لكن بكاء جدتي ورغبتها في الخروج أثر عليهم كثيراً، كما كنا خائفين من سقوط المنزل علينا وتحطم النوافذ، لذا جلسنا في الزوايا وأجلسنا الأطفال تحت الطاولات"، يقاطعها عبدالرحمن قائلاً:"خوفاً من انفجار البيت لذا قبعنا تحت الطاولة". وتصف رجوة عملية إخراجهم من المنزل"كانت الأرض محاطة بالرصاص". ولا تخفي حماسها حين أحاط بهم رجال الأمن أثناء خروجهم من المنزل"سرنا لثلاث دقائق حتى دوار الصدفة وكنا خائفين من أن يصيبنا الرصاص الطائش". أما رهف عبدالحق في الصف الرابع الابتدائي، فلا تخفي أنها كانت خائفة ذلك اليوم من اقتحام الإرهابيين منزلهم. كما تمنت مها البسامي في الصف الثاني المتوسط بقاءهم في المنزل حتى انتهاء العملية،"حين رأيت هزيمة المطلوبين وانتهاء العملية بنجاح تمنيت أننا بقينا في المنزل". وتصف بداية الحدث قائلة:"كنا نائمين حين اتصل احد أشقائي وقال لنا ان هناك رجال شرطة أمام باب منزلنا فنظرنا من النافذة ورأينا الطوق الأمني حينها جاءنا اتصال يطلب منا النزول إلى الأسفل وإحكام إغلاق جميع الأبواب، وكنا نشعر أننا نجلس معهم في الموقع ولم نكن نجرؤ على التحرك للذهاب إلى الحمام أو المطبخ ولم يستطع احد منا النوم فإن غفا احدنا استيقظ فجأة مفزوعاً". عبدالله عبدالحق طالب في الصف الخامس، لم يكن موجوداً ذلك اليوم معهم لكن أخته الصغرى رهف كانت من ضمن المحاصرين ولكنه يؤكد أنه أمضى وقته في الدعاء على المطلوبين،"كنت أدعو الله أن يقتلوا جميع المطلوبين ويفكونا منهم". من جانبها، أبدت والدة وعد البسامي صاحبة المنزل والإدارية في إحدى المدارس الابتدائية، خوفها من تأثير تلك الأحداث على أبنائها وأبناء شقيقاتها مستقبلاً،"رغم أنهم لم يشاهدوا شيئاً كمناظر الدم ولكنهم كانوا يستمعون إلى أصوات إطلاق النار كما كنا نجلس في غرفة واحدة والأطفال يبكون طيلة الوقت"، مبينة أن أبناءها يرغبون في العودة إلى منزلهم"لكنه في حالة مزرية ولجنة التعويضات لم تبلغنا بشيء بعد ومازلنا ننتظر وأتوقع أن يصيبهم الخوف حين نعود إلى المنزل".