ألمح وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في توقعه رد فعل الحملات الإعلامية عبر وسائل الإعلام الأميركية عند اقتراب ذكرى هجمات 11 سبتمبر إلى أن بلاده تتوقع عودة الهجوم مرة أخرى من وسائل الإعلام، خصوصاً من خبراء قال عنهم:"إنهم يأتون من تحت الأرض". تفا،تت آراء إعلاميين اختصاصيين وتوقّعاتهم بمناسبة اقتراب الذكرى، بين من يتوقّع هدوء عاصفة النقد على السعودية، لانشغال الإعلام الأميركي بكارثة"كاترينا"، ومن يتوقّع هجوماً واتّهاماً للسعوديين. يقول رئيس تحرير"عرب نيوز"خالد المعينا:"ربما تكون هناك مقارنة بين حادثة 11 سبتمبر وإعصار"كاترينا"، لكن الأول كان هجوماً، والثاني كارثة، إلا أن التركيز كله يكمن في ضعف وعدم كفاءة الحكومة الأميركية في الكارثة، كما كان في الهجوم". ويستدرك:"استغل البعض ذكرى 11 سبتمبر في السنوات الماضية، إذ ان هناك صحفاً أميركية تميل إلى الصهيونية، فكان كثيرون يتحدثون عن السعودية وتمويل المدارس المتشددة. لكن ذلك بدأ يتبدّد، وسيكون التركيز هذا العام على إعصار"كاترينا"، فهو كارثة عظيمة، تتحدث عنها كل القنوات الإخبارية العالمية. وما حدث في الولايات الثلاث لويزيانا وألاباما ومسيسيبي، أسوأ وأكثر ضراوة مما حدث في 11/9، فهناك نحو عشرة آلاف ضحية قُتلوا". وعن ظهور خبراء إعلاميين أميركيين من تحت الأرض في الشؤون السعودية يقول المعينا:"ظهور من يدّعي الخبرة في الشؤون السعودية أمر معقول. هناك كلمة جديدة دخلت قاموس اللغة الإنكليزية تدعى instapundit وهي في الأصل كلمة هنديّة تعني الشخص الملم بكل شيء مثل"الغورو". هؤلاء ظهروا بعد ال11 من سبتمبر، وهم يعتمدون على آرائهم ويدّعون أنهم خبراء في الإسلام والمسلمين، في حين أن علاقتهم ودرايتهم بالمملكة كعلاقة غورباتشوف بصلاة الفجر". ويستطرد في حديثه بأن"هؤلاء الإعلاميين الأميركيين يؤمنون بمبدأ الذنب الجماعي، فإذا ارتكب أي امرئ ذنباً، فالجميع مذنبون، ويحاولون تطبيق هذه القاعدة". وعن الفئة المستهدفة في الهجوم يقول المعينا:"الدين والشعوب الإسلامية جميعها مستهدفة في الهجوم الإعلامي. لا أؤمن بالكليشيهات ونظرية المؤامرة. لكن، لا بد من ملاحظة أن الهجوم والدسائس نابعة من المحافظين الجدد، وهم موجودون بكثرة في إدارة بوش، كما يميلون إلى إسرائيل". ويخالف صلاح نصراوي من وكالة"ايه بي"رأي المعينا عن توقعات الهجوم الإعلامي الأميركي على السعودية، فيقول:"مهاجمة السعودية ستستمر. فالاهتمام الأميركي بموضوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر واسع، من وجه. وعلى اعتبار أن 15 سعودياً اشتركوا في الهجمات التي حصلت على نيويورك وواشنطن، من وجه آخر. ومن الطبيعي أن يكون هناك تركيز على هذا الجانب من الموضوع، وليس من السهل أن ينسى الأميركيون، شعباً وحكومة، أنهم تعرضوا لأكبر حادثة في تاريخهم، خصوصاً بعد مضي أربع سنوات فقط، ليستعيدوا ذكرياتهم المريرة. ومن المؤكد أنها ستنعكس على وسائل الإعلام الأميركية". ويؤكد نصراوي إمعان الإعلاميين الأميركيين الاهتمام بمختلف نواحي السعودية:"الاهتمام الأميركي بالسعودية يتعدى قضية 11 سبتمبر، كونها تقع في قلب العالم الإسلامي وقيادته، وتحتل أهمية كبرى في مجال مكافحة الإرهاب، قياساً بالنجاحات التي حققها الأمن السعودي خلال الفترة الأخيرة في القضاء على بؤر الإرهاب. لكن هناك تركيزاً أميركياً من ناحية ثانية على قضايا أخرى. فهناك اهتمام بالخطوات الإصلاحيّة التي تجري في المملكة منذ فترة، وتوقعات أن هذه الخطى ستتسارع. ومن المؤكد أن الاعلام سيستمر في الاهتمام بهذه القضايا، سواء على الصعيد الأميركي أو الدولي، لإلقاء الضوء عليها خلال الفترة المقبلة". ويتابع نصراوي قائلاًً:"الإعلام الأميركي ينظر دائماً على أنه ناقد لمجريات الأمور، وسيحاول أن يبحث في مكامن النقص، ولكنه في الوقت ذاته لن يتجاهل النجاحات التي حققتها المملكة خلال العامين الماضيين في القضاء على الخلايا الإرهابية، واجتثاث العديد من عناصر القاعدة، وهذا بالتأكيد يحسب للسعودية، لكن بالنظر إلى استمرار التهديدات والمخاوف والأخطار ستكون هناك أيضاً وجهات نظر ناقدة". وعن ظهور إعلاميين أميركيين غير واقعيين يقول نصراوي:"طبعاً من المؤكد ظهور إعلاميين أجانب غير ملمّين، لكن من الملاحظ في الفترة الأخيرة أن المملكة فتحت أبوابها أمام العالم الخارجي وتحديداً أمام الصحافيين، سواء أميركيون أم آخرون. وأعتقد أن سياسة فتح الأبواب يمكن أن تأتي بكثير من الجوانب الإيجابية، ما يساعد الصحفيين المهتمين بالشؤون السعودية على الاطلاع على مجريات الأمور بشكل موضوعي وواقعي وحقيقي". أما الكاتب حسين شبكشي فيقول:"الهجوم لا ينتهي . المشكلة الأساسية أن تصريحات الإعلام الأميركي، خصوصاً التصريحات الصادرة عن الإدارة الأميركية الحالية تربط ربطاً وثيقاً بين ما يحدث في العراق من عمليات إرهابية وتنظيم القاعدة، والإرهاب الذي عانت منه أميركا مباشرة في هجمات 11 سبتمبر والرسالة الأميركية ستستمر وسيظل هناك تورط سعودي، وبالطبع لن يكون العبء في هذه الرسالة على الحكومة السعودية تحديداً لكنّه سيحمّل سعوديين مسؤولية التورّط في بعض الهجمات الإرهابية وبعض العمليات الانتحارية المختلفة في العراق وكذلك في السعودية. ونلاحظ أخيراً تورّط 41 سعوديّاً في عمليات شبيهة بما يحدث في العراق، وهذا هو الرابط الذي يمكن أن يركز عليه. ونلاحظ على المستوى الرسمي أن صورة السعودية تغيرت من دون شك، فالسعودية لها دور فاعل وواضح في التعاون الوثيق أمنياً واستخباراتياً واقتصادياً وثقافياً، وكذلك سياسياً، لكن الاتهام بزج الاسم السعودي في الإرهاب، حتى وإن خفّ بالنسبة للحكومة، لكنّ التورط السعودي موجود وهذا أمر أساسي". ويشير شبكشي إلى أن:"ظهور وجوه غير سعودية سيقلّل من الأصوات التي تدعي امتلاكها الخبرة. وهذا لن يمنع وجود متعاقدين مع كل من الفضائيات والكتب والمجلاّت والدوريات، ليتحدثوا باستمرار عن السعودية وعن الشخصيات السعودية في الدين والسياسة والثقافة". ويتابع مؤكداً:"لا بدّ من اشتراك حقيقي في المجال الإعلامي، بعد أن كان لدينا كل من الريبة والشك والقلق وحتى الخوف، ولم نكن نعترف بأخطائنا، وتركنا الآخرين يتقوّلون علينا بما هو صحيح، وما هو خاطئ، وما هو كذب، فلا قمنا بالكتابة الموضوعية ولا تركنا إجراء مقابلات مع الغير"