توقع المدير العام ل "صندوق المئوية" هشام طاشكندي أن يصل عدد طالبي التمويل من الصندوق في مرحلته الثانية التي انطلقت قبل أسبوع في الشرقية والوسطى، إلى"نحو عشرة آلاف طلب بعد أسبوعين". وعلى رغم أن الصندوق أعلن قبل عام بهدف مساعدة الشباب السعودي، إلا أن كثراً منهم، يجهلون وجود جهة تدعم وتمول مشاريع يعتزمون تنفيذها. وأعلن عن الصندوق في العشرين من شهر جمادى الأولى من العام الماضي 8 حزيران/ يونيو عام 2004، بيد انه لم يمول سوى 16 مشروعاً، من أصل نحو 37 ألف طلب، قدمت إليه من مختلف مناطق السعودية، لكن التمويل انحصر على الساحل الغربي. وسجلت المدينةالمنورة أعلى نسبة طلبات، إذ وصلت إلى نحو 800 طلب، تلتها نجران، فيما تلقى المشروع 250 طلباً في جدة، و220 طلباً في مكةالمكرمة. ومن المشاريع التي قدمها الشبان للصندوق، شراء قوارب صيد، وزراعة فاكهة نادرة. فيما تركزت مشاريع الفتيات على فتح مشاغل نسائية، وشركات ليموزين، ومحلات تصنيع الشموع ومراكز تدريبية لمختلف الأنشطة النسوية الاجتماعية. ويهدف الصندوق إلى"مساعدة الشباب السعودي، الساعين إلى تحقيق استقلال اقتصادي ذاتي، ويملكون الرغبة في إنشاء مشروعات استثمارية منتجة، ومزاولة الأعمال التجارية الحرة، والدفع بمهاراتهم وأفكارهم الطموحة إلى الأمام، إلى جانب المساهمة في تمكينهم من التغلب على الصعوبات والمعوقات التي تواجههم". ويقدم الإرشاد والتوجيه المهني برامج عدة لمساعدة الشباب على بدء مشروعاتهم التجارية، وتسهيل حصولهم على التدريب المناسب لتطوير مهاراتهم، وفقاً لحاجات مشروعاتهم الاستثمارية، إضافة إلى تقديم الخدمات الفنية والإدارية المساندة، وتقديم التوصيات والمقترحات للشباب المستفيدين من هذه الخدمات، وأيضاً توفير تمويل يساعدهم على توظيف أنفسهم بأنفسهم، وإيجاد فرص عمل لهم ولغيرهم. وتوقع مسؤولون في الصندوق أن تساهم المشاريع الممولة في توظيف نحو أربعة آلاف شاب وشابة سعوديين، في المراحل الأولى. وفي هذا الصدد أعطى الصندوق الأولوية المطلقة للمشاريع التي توظف العدد الأكبر من المواطنين. وقال:"إن الطلبات التي يتقدم بها ذوو الاحتياجات الخاصة ستحظى بأفضلية وبعناية خاصة". شروط للتمويل ووضع الصندوق شروطاً لتمويل المتقدمين، أبرزها أن"تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة، وألا تتوافر لدى طالب التمويل موارد مالية كافية لتأسيس مشروعه، وأن يقدم ما يثبت أنه لم يتمكن من الحصول على تمويل من خلال مصادر أخرى، وأن تكون أرباح المشروع المصدر الرئيس لدخل طالب التمويل، وأن يكون لديه فكرة متكاملة عن مشروع استثماري محدد وجديد وقابل للتنفيذ. وأن يظهر الجدية والحيوية والحماس، إلى جانب توافر المهارات والمعرفة والخبرة لديه، بما يتناسب مع طبيعة المشروع الذي ينوي إنشاءه". واستبعد الصندوق فكرة منح قروض لأبناء رجال الأعمال أو أعضاء الغرف التجارية. ويتراوح مبلغ التمويل لكل طلب بين 75 و200 ألف ريال. ويسدد المبلغ على أقساط شهرية، تبدأ بعد ستة أشهر من تشغيل المشروع، وتسدد على مدى ثلاث سنوات، بواقع 33 في المئة كل سنة. ولا يتم منح التمويل في شكل نقدي لصاحب المشروع الممول، بل يكون عبر قناة مصرفية، وشيكات تصدر إلى الجهة أو القطاع الذي سيتعامل معه. وإذا لم يدر الشاب بنفسه المشروع، فإن الصندوق سيسحب تمويله فوراً، فالصندوق يهمه نجاح كل المشروعات، لأنه شريك فيها. أزمة المشروعات الصغيرة وجاء إنشاء"صندوق المئوية"لسد جزء من الفجوة بين امتلاك الشباب لأفكار مشروعات، وبين قلة المؤسسات التمويلية في السعودية. فعلى رغم أن بعض الغرف التجارية الصناعية في السعودية تحوي صناديق لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إلا أنها لم تقم بنشاط يذكر في هذا الصدد. كما أن المصارف المحلية والشركات الكبرى لا تقدم سوى المساعدات الفنية والاستشارية. وتقدر نسبة المؤسسات الصغرى والمتوسطة بنحو 70 في المئة من حجم المنشآت العاملة في السوق المحلية، فيما لا يتعدى إسهامها في دعم الناتج المحلي السعودي 40 في المئة. وهذا رقم يعتبر"ضعيفاً جداً"، في حين تقدر نسبة خسائر المحلات التجارية الصغيرة والمتوسطة بين 70 إلى 90 في المئة. ويعتبر التمويل أبرز مشكلة تواجه المشروعات الصغيرة، تليها الإجراءات الخاصة في إقامتها. تبرعات وداعمون وخصص الصندوق في بداية انطلاقته نحو 200 مليون ريال، لدعم المشاريع التي سيتم اختيارها من قائمة الطلبات الطويلة. فيما وعدت ستة مصارف سعودية بتقديم مبلغ ستة ملايين ريال سنوياً، ولمدة خمس سنوات، فيما تبرع مصرف آخر ب 200 ألف ريال سنوياً. وقدمت الشركة السعودية للصناعات الأساسية"سابك"80 مليون ريال للصندوق، من أجل دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، التي تعتمد على المنتجات البتروكيماوية والأنشطة التعدينية، خصوصاً في المناطق التي تقع خارج المدن الرئيسة. ووفر"صندوق المئوية"، بالتعاون مع البنك الأهلي، خطوط ائتمان للمبلغ الذي تبرعت به"سابك"، تبلغ نحو 70 مليون ريال، ليصبح إجمالي التمويل المتوفر 150 مليون ريال. كما وقع الصندوق مذكرة تفاهم مع الهيئة العامة للاستثمار، تقوم بموجبها باستخراج جميع الأوراق اللازمة للمشاريع التي يتم اختيارها. وستوفر هيئة الاستثمار كافة المعلومات حول الأنظمة والإجراءات، كما ستساعد الشبان في الحصول على التراخيص، وإنهاء الإجراءات الحكومية كافة، من خلال مندوبي الجهات الحكومية المعنية، الموجودين في مراكز الخدمة الشاملة التابعة للهيئة في كل من الرياضوجدة والدمام ومركز الخدمة النسائية في الرياض، إضافة إلى 27 مركزاً تابعاً لشركة متخصصة في التدريب والتعليم، تنتشر في عدد من مدن السعودية. ووقع مذكرة تفاهم أخرى مع المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، تهدف لتطوير القوى العاملة وتأهيل الشباب السعودي. وأكد الصندوق حرصه على التعاون مع كل الجهات التي تعمل في المجال نفسه، وعلى تفادي تقديم خدمات تستطيع جهات أخرى حكومية كانت أو من القطاع الخاص، تقديمها في شكل أفضل. مرشدون متطوعون أما الخطوة الأهم التي أقدم عليها الصندوق فتمثلت في استقطاب مرشدين يساعدون المتقدمين في مشاريعهم، فالصندوق يتولى التمويل والإرشاد، علماً أن كثيراً من المناطق النائية في السعودية لا تتوافر فيها خبرة في مجال المشاريع، ما يستدعي وجود مرشدين متخصصين. وأكد الصندوق على أنه في حالة عدم وجود مرشدين في مناطق معينة، فلن يحظى أبناء هذه المناطق بدعم الصندوق. وقبل البدء في أي مشروع يقوم المرشد بتقييم إمكانات الشاب العلمية والعملية، التي يتم من خلالها تحديد الحاجات اللازمة للبدء في المشروع، من خلال فريق الخبراء، كما يتم إخضاع كافة المستفيدين في دورات تدريبية، تشمل مبادئ إدارة الأعمال الأساسية، وتطوير مهارات استخدام الحاسب الآلي الأساسية، وفي حال حاجة المستفيد إلى مهارات أخرى متخصصة تتعلق بمشروعه، يقوم المرشد بالتنسيق من خلال الصندوق مع مجموعة من مراكز التدريب المتخصصة، بتوفير الدورات التدريبية اللازمة. ويعتبر الدعم الذي يقدمه المرشد للمستفيد معنوياً وليس مادياً، إذ ينحصر بتقديم توصيات وتوجيهات لدعم المشروع، ولا يتخذ المرشد أي قرار نيابة عن المستفيد، وإنما يوجهه فقط لاتخاذ القرار بنفسه، فالهدف النهائي من الإرشاد هو تنمية المهارات الذاتية لدى المستفيد، لضمان استمرار النجاح في المستقبل.