قال إمام وخطيب المسجد الحرام في مكةالمكرمة الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط إن شر ما بليت به النفوس واضطربت به القلوب يأس يميت الشعور وقنوط تظلم به الدنيا وتتحطم به الآمال وتسدّ به المسالك. وأوضح الدكتور خياط في خطبة الجمعة أمس أن ذكر اليأس والقنوط جاء في آيتين من كتاب الله الكريم في معرض الذم لهما والتنفير من سلوك سبيلهما، لأنهما من كبائر الذنوب حيث قال الله - عز وجل -:"إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون"، وقال تعالى:"ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون". وبين أن الله - سبحانه وتعالى - أوضح أن المؤمن ليس من شأنه اليأس والقنوط وإنما يكون على الدوام خائفاً راجياً يخاف جريرة ذنبه وتبعة معصيته، ويرجو مع ذلك رحمة ربه وعفوه ومغفرته مقرونة بالعمل بطاعته، وأن الله أطمع عباده في رحمته ورغبهم في عفوه وعلق آمالهم بمغفرته، حيث قال - عز اسمه -:"قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم". ورأى أن ما جاء في نصوص الوحيين الكتاب والسنة يفتح أمام المرء أبواب الأمل والرجاء ويصرفه عن اليأس والقنوط ويوجهه خير وجهة ويسلك به أحسن المسالك ويجعله ينظر إلى ما يستقبل من أيامه نظرة المتفائل الذي يحسن الظن بربه ويرجو رحمته. وقال إمام وخطيب المسجد الحرام إن حسن ظن العبد بربه يجب ألا يكون مقصوراً على حال مخصوصة أو حادثة بعينها أو زمن من دون آخر، فكما يجب أن يحسن المرء ظنه بالله وهو مقبل عليه يرجو عفوه ومغفرته فكذلك يجب أن يكون حسن ظنه بالله مصاحباً له في كل ما يعرض له في هذه الحياة الدنيا من شدائد وما ينزل به من نوازل وما يغشاه من كروب فإذا ابتلي بداء أو أصابته جائحة أو غلبه الدين أو فقد حبيباً كان ملء السمع والبصر وجب عليه ألا ييأس من روح الله وألا يقنط من رحمته، بل يجب عليه أن يستيقن أن ما نزل به من بلاء لم يكن إلا خيراً له يرفع الله به الدرجة أو يدفع عنه شراً أعظم مما ابتلاه به أو يعوضه خيراً مما فقده في عاجل أو آجل. وأوضح أن الذين ينظرون بمنظار أسود حين تنزل بساحتهم الكوارث وتصيبهم البلايا يسكن في نفوسهم أن البلوى سيطول أمدها وأنهم سيشرفون بها على الهلاك وأن الشدائد ستلاحقهم وأن المحن لن ينقطع نزولها بهم. وقال إن ذلك كله سوء ظن بالله وليس من صفات المؤمنين بأن يبدل الله خوف عباده أمناً وفقرهم غنى وبأسهم نعماء وفواجع الأيام رفعة ورحمة وغفراناً. وبين أن حسن الظن بالله في كل حال والأمل فيه ورجاء ما عنده مع الخوف من تبعات معصيته هو شأن المؤمنين الصادقين وديدن المحسنين.