بدت العاصمة اليمنية أمس خالية من الدبابات والمدرعات وقوات الجيش التي كانت انتشرت في الشوارع والأحياء الرئيسية، وأحاطت بالمباني الحكومية والمنشآت العامة والمصارف والأسواق، منذ الاربعاء الماضي، إثر موجة الاحتجاجات وأعمال الشغب التي شهدتها صنعاء ومعظم المدن اليمنية، بعد قرار الحكومة رفع أسعار المشتقات النفطية بنسبة تتراوح بين 100 و165 في المئة. وفيما قدرت أمانة العاصمة الخسائر التي أسفرت عنها الاحتجاجات بنحو نصف بليون ريال يمني، جاء سحب آليات الجيش الى ثكنها بتوجيهات من الرئيس علي عبدالله صالح ليل السبت - الأحد، وتعزيز الدوريات الأمنية كبديل. في غضون ذلك، وافقت المملكة العربية السعودية على تزويد اليمن الكميات التي يحتاجها من الغاز الطبيعي، لمواجهة النقص الحاد في الغاز، بسبب المواجهات التي شهدتها مدن يمنية، إثر زيادة أسعار المحروقات. واستقبل النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء السعودي وزير الدفاع والطيران والمفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز، في الرياض أمس السفير اليمني لدى المملكة خالد اسماعيل الأكوع. وعلمت"الحياة"ان السفير عرض للأحداث في اليمن، حيث تزامنت الاحتجاجات على قرار الحكومة اليمنية رفع الدعم عن اسعار المحروقات، مع سيطرة قبائل في منطقة مأرب على أنابيب النفط، وقدع امدادات النفط والغاز عن صنعاء والمدن الكبرى اليمنية. وعلمت"الحياة"ان الأمير سلطان بن عبدالعزيز أبلغ السفير موافقة المملكة على تزويد اليمن احتياجاته العاجلة من الغاز الذي قد ينقل في صهاريج. الى ذلك، نشرت أجهزة الأمن ووسائل الاعلام الحكومية اليمنية صوراً لمطلوبين يشتبه في تورطهم بالتخريب والشغب في صنعاء وعدن. وأكدت ل"الحياة"مصادر متطابقة أن أجهزة الأمن اعتقلت عشرات في محافظتي صعده شمال غرب وأبين جنوب، وأن السلطات في محافظة مأرب شمال شرق توصلت الى تفاهم مع مئات من المسلحين كانوا يحتجزون نحو خمسين ناقلة نفط وغاز في منطقة صافر، على الطريق المؤدي الى صنعاء، احتجاجاً على رفع أسعار الوقود. وأثمر التفاهم عن تسليم الناقلات وفتح الطريق والسماح بالتظاهر السلمي. ودانت فروع أحزاب المعارضة في"اللقاء المشترك"في محافظة لحج اطلاق النار على متظاهرين، وأكدت في بيان رفضها حوادث الشغب التي شهدتها مسيرات الاحتجاج في المحافظة، مطالبة الحكومة بالتراجع عن رفع أسعار الوقود. وعلمت"الحياة"من مصادر حكومية أن الوزارات المختصة أعدت آلية رقابية وأمنية وقضائية لمراقبة نشاطات التجار، والتزامهم التسعيرة الرسمية للسلع الغذائية وكل المنتجات المحلية والمستوردة، وكذلك لمراقبة سوق الصرافة للحد من أي تدهور في قيمة الريال اليمني. وذكرت المصادر أن الحكومة ستقدم عشرات من التجار والشركات والمؤسسات الى محاكم تجارية قريباً، لثبوت ارتكابها مخالفات جسيمة، واستغلال الاصلاحات الاقتصادية الحكومية عبر رفع أسعار السلع، واثارة المواطنين. وكان نائب السفير الأميركي في صنعاء نبيل خوري، أيد قرار الحكومة رفع أسعار المشتقات النفطية، معتبراً انه يعزز قوة الاقتصاد اليمني. وقال في تصريحات بثتها الفضائية اليمنية أمس ان أسعار النفط ارتفعت في السوق العالمية، فيما ظل الديزل في اليمن الأرخص في العالم، ما شجع على تهريبه الى الخارج، ودفع الحكومة الى اصلاحات لجعل الأسعار في البلد مقاربة للأسعار في المنطقة. وانتقد الشغب في المدن اليمنية، معتبراً أنه يضر بمصالح البلد وأمنه. وقال خوري:"المعارضة البناءة يجب أن تقدم بدائل عبر مجلس النواب وليس في الشارع".