يسرني أن أشارك بهذا الموضوع آملاً أن يصل إلى المعنيين، وتكون فاتحة خير لإصلاح وضع مؤلم، ربما لا يدركه المنوطة به مسؤولية الأمانة أمام الله - تعالى -تجاه شريحة كبيرة من هذا المجتمع. الحديث هنا عن صرح طبي كبير جداً، يخدم شريحة كبيرة جداً من سكان مدينة الرياض، بل حتى من خارجها من منسوبي قوى الأمن الداخلي، هذا الجهاز الذي ندين كلنا لمنسوبيه بالفضل، بعد الله سبحانه وتعالى في المحافظة الفعالة الصادقة المخلصة على أمن وطننا الغالي واستقراره، حفظه الله من كل مكروه. أظنكم عرفتم عن ماذا أتحدث، نعم عن مستشفى قوى الأمن الداخلي في الرياض، وهناك أكثر من نقطة تحتاج إلى المناقشة بإسهاب، ولكنني سأكتفي بالإشارة لها مع بعض التوضيح وهي: 1- كلنا نعرف أن مثل هذه المستشفيات الكبيرة تشغلها شركات متخصصة، وأعتقد أن لوزارة الصحة دوراً إشرافياً فقط، مع أنها عجزت عن إصلاح المستشفيات التي تديرها مباشرة، ولا أدري من يحاسب تلك الشركات على إدارتها وتقصيرها الواضح في أداء واجبها. 2- لمقابلة الاختصاصي يجب على المريض أن يبدأ رحلة الألف ميل بالحضور الساعة الحادية عشرة ليلاً رجالاً ونساء، والانتظار على تلك الكراسي الخشبية البالية خارج المستشفى حتى الساعة السادسة صباحاً، ليأتي الموظف ب"نفس شينة"يوزع أرقاماً محدودة جداً، وكذلك يدخل بين النساء للتوزيع، مع ملاحظة ما يتعرض له من مواقف محرجة معروفة. علماً بأن هذا النظام ليس موجوداً في أي مستشفى آخر أبداً. وبعد ذلك يدخل من أخذ الرقم على طبيب عام، وإذا اقتنع بحالة المريض أحاله إلى الاختصاصي أو اكتفى بإعطائه نوعين أو ثلاثة من الأدوية، لا يجد منها في الصيدلية إلا البنادول والفيفادول، ومعظمها يشتريها على حسابه. 3- قسم النساء والولادة ومتابعة الحوامل كان في الدور الثاني ومستقلاً للنساء، أما الآن فأصبح في الدور الرابع وفي وضع حرج جداً للنساء بوجود الرجال في مكان ممنوع وجودهم فيه، ولكن الوضع يجبرهم على ذلك، حتى دورة المياه الوحيدة الخاصة بالنساء وضعت عند الرجال بطريقة محرجة للطرفين. 4- لا يوجد في مستشفى كبير كهذا سوى طبيب للأمراض الجلدية والتناسلية. تخيلوا عدم وجود اختصاصية أو طبيبة، ومن يحتج أو يتبرم يُنظر له نظرة تخلف ورجعية. 5- كل من أعرفهم ممن يراجعون هذا المستشفى عندما تحين ولادة نسائهم يواجهون بعبارة"لا يوجد سرير"، بل إنهم في الآونة الأخيرة لا يعطون الحامل مواعيد مثل السابق، بل تستمر على السهر والانتظار على"الكراسي الخشبية نفسها"لتأخذ رقما تقابل من خلاله الطبيبة، وترفع الاختصاصية يدها بطريقة مدروسة، وعند مراجعة الحامل، وهي في حال وضع لقسم الطوارئ تقابلها الممرضة، وتؤدي عملها كاملاً، فإذا كانت هناك حال ولادة وشيكة بادرتها بعبارة"ولادة قريب بس سرير ما فيه ماما"وهنا تخرج السيدة الحامل لإخلاء مسؤوليتهم، ويذهب سهر الليالي خلال فترة الحمل للفوز بمقابلة الاختصاصية سدى، بل ان الأشعة والتحاليل وملف المتابعة خلال تسعة أشهر كذلك لم يعد لها أهمية، لأن الحامل في وضع كهذا ستبحث عن مكان للولادة، حتى لو كانت في سيارة زوجها أو سيارة الليموزين، وإن كانت محظوظة ربما تصل إلى أي مستشفى آخر، وفي هذا الوقت تكون ولادتها على عجل ومن دون معرفة بحالة الحامل وجنينها، وما قد يصاحب ذلك من آلام وأخطاء ومضاعفات، لا تخفى على الجميع، لأن ذلك مجرد فزعة واجتهاد في الوقت الضائع. وهذا في حقيقة الأمر يدل على سوء تقدير لأحد أكبر وأهم الصروح الطبية في هذا البلد، فنحن نعرف اتساع مدينة الرياض وكثافة مراجعي هذا المستشفى حتى من خارج مدينة الرياض، فلماذا لا يتم زيادة طاقته الاستيعابية إن كانت بهذا الوضع لأنها من سيئ إلى أسوأ؟ أو يكون هناك فرعان على الأقل على شكل مستوصفات أسوة ببعض المستشفيات الحكومية الكبيرة، على أن تشمل التخصصات والطاقات البشرية المؤهلة والآلية المناسبة لخدمة المستشفى الكبير، وتؤدي ولو جزءاً بسيطاً من الأمانة الملقاة من ولاة الأمر على عاتق مسؤولي هذا المستشفى. 6- قسم الأسنان حدّث ولا حرج، فهذا القسم يحتاج لصفحات لإيضاح بعض سلبياته، بل أجزم أن بعض المراجعين لا يعتقد أنه موجود أساساً، وأتحدى أي شخص يقول إنه يراجع هذا القسم بيسر وسهولة من دون سلسلة معروفة من اللف والدوران. 7- العمليات الجراحية مثلاً أو ما في حكمها من الحالات التي تتطلب سرعة العودة إلى الطبيب، يُعطى المراجع ورقة من الطبيب للأشعة مثلاً، فيفاجأ المريض بموعد بعيد جداً من دون مراعاة لوضعه الصحي، وإن طلب من الموظف المساعدة قال احمد ربك أنا أعطيتك الموعد الأقرب مراعاة لوضعك، ونحن نقول"كثر خيره"إنه تكلم مع المراجع بهذه اللهجة اللطيفة. هذا اجتهاد لكشف بعض النقاط التي لا أعتقد أنني أوفيتها حقها، ولكن أتمنى أن تكون موضع اهتمام وبداية فتح المجال للوقوف من المعنيين بالأمر على الوضع ومعالجته، وأملنا كبير في الله - سبحانه وتعالى - ثم في المسؤولين الذين لا نشك إطلاقا في إخلاصهم وتفانيهم. الرياض - أحمد المالكي