ينتظر ان ينتقل قائد "القوات اللبنانية" المسجون الدكتور سمير جعجع الى الحرية خلال الايام المقبلة، بعد اقرار قانون العفو العام عنه في الأحكام الصادرة في حقه، خصوصاً ادانته بالمسؤولية عن اغتيال رئيس الحكومة السابق رشيد كرامي، وذلك بعدما أمضى في السجن 11 سنة وزهاء ثلاثة اشهر. وأعربت الاممالمتحدة عن قلقها من الأزمة السورية - اللبنانية التي كانت موضع بحث خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في بروكسيل. راجع ص 10 و11 وعبر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة المكلف مراقبة تنفيذ القرار الدولي الرقم 1559، تيري رود - لارسن، امام وزراء خارجية الاتحاد عن"قلقه من ازدياد التوتر في العلاقات السورية اللبنانية، الاقتصادية منها وتلك ذات العلاقة الأمنية". وبحسب نائبة الناطق باسم الأمين العام ماري اوكابي التي تحدثت الى الصحافيين في نيويورك، بحث رود - لارسن الذي قدم عرضاً لوزراء الاتحاد بدعوة من رئاسته في جلسة رأسها وزير خارجية بريطانيا جاك سترو في بروكسيل، مع الوزراء في المسائل الآتية:"انسحاب القوات والأجهزة الاستخباراتية السورية من لبنان، سيادة لبنان وسلامة أراضيه واستقلاله السياسي، ونتائج الانتخابات النيابية والجهود المستمرة، في ظل النزاعات، لتشكيل حكومة جديدة، ونزع سلاح كل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وحلها في اطار بسط سيطرة الحكومة على كامل الاراضي اللبنانية، كما دعا القرار 1559 واتفاقات الطائف". وقالت اوكابي ان"رود - لارسن شدد على ضرورة التنفيذ الكامل لكل متطلبات القرار 1559، رغم التقدم الرئيسي في بعض فقراته". وبعد المحادثات مع الوزراء دعا رود - لارسن كل الأطراف المعنية الى"الاستمرار في استخدام الحوار"، كما ناشدها ان تلجأ الى"الحكمة والوعي على اساس حق الشعب اللبناني بالاستقلال السياسي والرفاه الاقتصادي". وقال:"كان الاجتماع بناء ومتطلعاً الى امام، وعكس تشابهاً مميزاً على الصعيد الدولي كما عكس اجماعاً في السياسة المعنية بالقرار 1559". وتابع لارسن:"هذا ما تعكسه الاستنتاجات للاجتماع والتي صدرت عن الرئاسة البريطانية للاتحاد الأوروبي". وبحسب اوكابي"سيبقى رود - لارسن، نيابة عن الأمين العام، على اتصال وثيق باللاعبين الاساسيين. ولقد اجرى محادثات مكثفة في الايام القليلة الماضية مع الرئيس اللبناني اميل لحود ورئيس الوزراء المكلف فؤاد السنيورة وغيرهما". وفي بيروت، أقر البرلمان اللبناني الجديد، في أول جلسة عقدها أمس، العفو عن جعجع متزامناً مع اقتراح قانون العفو عن موقوفي الضنية ومجدل عنجر والقرعون الذين ينتمون الى مجموعات اسلامية متشددة، والذين كانت محاكمتهم تأخرت خمس سنوات بعد اتهامهم بتأليف مجموعة ارهابية اصطدمت بالجيش اللبناني. وتنتظر مغادرة جعجع سجنه تحت الأرض في وزارة الدفاع، اجراءات رسمية بدءاً بتوقيع رئيس الجمهورية اميل لحود على المرسوم مروراً بنشره في الجريدة الرسمية المرجح اصدار ملحق استثنائي لها فور التوقيع، فيما ترى اوساط سياسية متعددة ان لحود قد يرد قانون العفو عن موقوفي الضنية ومجدل عنجر. وفيما أشارت معلومات لأوساط مقربة من عائلة جعجع الى انه سيغادر سجنه الى المطار مباشرة لينتقل الى الخارج من اجل اجراء فحوص طبية، تشكل عودته الى المسرح السياسي اللبناني الخطوة الثانية المهمة التي تأتي في سياق التحولات السياسية الكبرى على الساحة اللبنانية عقب الانسحاب السوري من لبنان، وبعد الخطوة الأولى التي تمثلت بعودة العماد ميشال عون من المنفى في 7 ايار مايو الماضي. ويعيد خروج جعجع الى الساحة المسيحية ثقلها في المعادلة اللبنانية لشعور المسيحيين بأن مرحلة الإدارة السورية للوضع اللبناني أبعدت رموزاً من قياداتهم عن المسرح السياسي في شكل أضعف دورهم فيه وفي السلطة، كما يعيد شيئاً من التوازن الى الوضع المسيحي نفسه ليصبح متعدد الأقطاب. وحصل هذا التطور في وقت تستمر التعقيدات المحيطة بأزمة الحدود بين لبنان وسورية وبتأخر تأليف الحكومة برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة. وفيما أعلن في بيروت الإفراج عن الصيادين التسعة الذين كانت اوقفتهم السلطات السورية، نتيجة اتصال لحود بالرئيس السوري بشار الأسد، واتصالات أجراها رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي، أشارت مصادر سورية الى انه أفرج عن خمسة منهم فقط، وقالت ان دمشق سلمت مسؤولين لبنانيين"مذكرة رسمية"تطالب بالتعويض عن 36 قتيلاً و250 جريحاً سقطوا في لبنان. وأفادت مصادر مطلعة ان تحرك الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في اتجاه دمشق لم يثمر، وأن اتصال الرئيس المصري حسني مبارك بالرئيس الأسد اول من امس يرفع مستوى التحرك العربي مع سورية، لحلحلة الأزمة مع لبنان. اما في شأن أزمة تشكيل الحكومة، فقد كان لافتاً امس اعلان ميقاتي بعد لقائه لحود ان هناك حلحلة للعقبات وأن الحكومة قد تظهر قريباً. وسيزور السنيورة رئيس الجمهورية صباح اليوم للبحث في موقفه من تشكيلة ال24 وزيراً التي كان قدمها إليه الجمعة الماضي، وساد التكتم على جهود جرت بعيداً من الأضواء لمعالجة العقد. إلا ان العماد ميشال عون اعلن مساء أمس ان"السنيورة يماطل في تشكيل الحكومة وأننا امام أزمة مفتعلة". ورحب عون بخروج جعجع من السجن، مذكراً بالاتفاق الذي تم مع"القوات"على تخطي احداث 1990 وترك التاريخ للحكم عليه، وأن مسألة التوافق او التنافس في السياسة معها ستكون ضمن الأصول الديموقراطية وأن كل الاحتمالات مفتوحة. واعتبر النائب سعد الحريري تعليقاً على تأخر تشكيل الحكومة:"ان ما يحصل غريب، هناك أكثرية نيابية أيدت ودعمت الرئيس السنيورة في حين يتم التعامل مع هذا الموضوع في شكل غير واقعي وكأن الأكثرية غير موجودة. ان الإعاقة مدروسة وتهدف الى تعطيل البلد". وأضاف:"الآن البعض يتصرف كأن هذه الحكومة هي حكومة طائفية في حين انها ليست حكومة طائفية". وتمنى على لحود ان يأخذ في الاعتبار مصلحة البلد الذي يواجه صعوبات كبيرة"بدءاً من اغلاق الحدود اللبنانية ? السورية بوجه اللبنانيين الذين يكنّون كل احترام للشعب السوري". وقال:"موضوع الأمن مضخم بعض الشيء وما يحصل هو اجراء لإغلاق الحدود على لبنان".