بهر إعلان لأحد مراكز تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة أم أيمن، إذ شعرت أن ابنها المعوق حركياً، سيستفيد من التحاقه بهذا المركز خلال إجازة الصيف. فكلمات الإعلان صيغت ببراعة متناهية، لإقناع كل من يقرأها أن المركز جاد في كل ما يقدمه للملتحقين به، وأن خدماته تفوق الوصف لدى مقارنتها في خدمات مراكز أخرى. وتضمن"أن المركز لديه برامج تأهيل خاصة، تساعد المعوق على التغلب على سلبيات إعاقته". كما قرأت أيضاً أن هذه البرامج"عكف مجموعة من المتخصصين والخبراء على وضعها، بناءً على خبرات تتفاوت بين 30 إلى 50 عاماً"، ولم ينس الإعلان الإشارة إلى أن المركز لديه أساتذة متخصصون في تطبيق برامج التأهيل بكل اقتدار، وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور .....، والأخصائي الدكتور .....، وبمساعدة طاقم فني، جيء به خصيصاً لهذا الغرض". وأن كل هذه الخدمات"تقدم للطفل المعوق بمبلغ ألفي ريال فقط، في دورة تستمر خمسة أسابيع. ولم تتردد أم أيمن في إلحاق ابنها في المركز"مهما كان ثمنه مرتفعاً"، وبالفعل التحق أيمن في الدورة. ومرت الأيام، بيد أنه لم يتعلم شيئاً جديداً، سوى الاستيقاظ مبكراً للذهاب إلى المركز، والعودة منه منهكاً. فسألت الأم ابنها عما فعله طيلة الأيام التي قضاها في المركز، فقال لها:"كنت أقرأ المجلات، وأشاهد التلفزيون فقط". عندها علمت الأم أنها كانت فريسة إعلان المركز، وأن المبلغ الذي دفعته"ذهب مع الريح". وهذا ما تكرر مع خولة الحرز، وهي أم لطفل معوق عقلياً. وتقول:"فوجئت بالواقع المخادع داخل هذه المراكز، وأن أغلب موظفيها متطوعون أو غير مؤهلين، لأن أغلب المؤهلين لرعاية هذه الفئة يتمتعون في إجازاتهم السنوية". وتضيف"انهم لا يقدمون برامج تأهيلية، فما يقدم لا يعدو أن يكون برامج صيفية ترفيهية، يستطيع الأهل أن يقدموها لأطفالهم". ويثير غياب الرقابة عن هذه المراكز استغراب الحرز. التي تسأل"لماذا لا تطلب الجهات المسؤولة البرامج المقدمة والموضوعة من جانب المركز، وتتابع تطبيقها؟". وتضيف"لهذا التخبط انعكاسات سلبية على المعوق". وتستثمر مراكز تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة إجازة الصيف، وتتنافس بينها على اجتذاب الأطفال المعوقين للاشتراك في دوراتها، التي يتراوح سعر الواحدة منها بين 1500 وألفي ريال. بيد أن بعض هذه المراكز لا تتقيد بما تعد به في إعلاناتها الترويجية. فهي تضع عبارات رنانة بهدف الكسب، واستغلال موسم الصيف في إنعاش العمل بها. ويقر مدير مركز التأهيل الخاص في مدينة الجبيل مجدي البهكلي ب"خداع تمارسه بعض مراكز التأهيل لأسر الأطفال المعوقين". ونفى وجود مركز خاص يقدم خدمات فعلية للمعوقين، وعزا ذلك إلى"قصر الفترات الزمنية التي يحددها لدوراته الصيفية من جانب، واختلاف القدرات الفنية والخبرات العملية للعاملين في المراكز"، مشيراً إلى أن الطفل المعوق لا يستفيد سوى من البرامج الترفيهية والترويجية فقط. أما البرامج الخاصة في التأهيل فستبقى معطلة. وأرجع البهكلي نجاح بعض المراكز الخاصة في الترويج لخدماتها خلال الصيف إلى"قلة وعي أسرة الطفل المعوق. وقال:"لا بد لولي أمر المعوق أن يرى المركز الذي يريد إلحاق ابنه فيه، وأن يتأكد بنفسه من الخدمات الموجودة في المركز، وخبرة القائمين عليه". ودعا إلى تشديد الرقابة على مراكز تأهيل المعوقين الخاصة. وطالب بقيام المسؤولين بزيارات ميدانية لها، للتأكد من تطابق خدماتها مع التعليمات وتخصص الفنيين العاملين فيها. ونصح أن تكون الدورات التدريبية للمعوقين في المركز نفسه الملحق فيه الأطفال منذ الصغر. وقال:"من الصعب أن ينتقل المعوق من مركز لآخر، والأفضل أن يتواصل مع المركز الذي اعتاد عليه، حتى لا يتعرض للتأثيرات النفسية والاجتماعية".